رئيس التحرير
عصام كامل

مع اقتراب الشتاء.. خطة دول أوروبا لتخطي أزمة الغاز الروسي

الغاز الروسي
الغاز الروسي

تواجه القارة الأوروبية أزمة نقص الغاز الناتجة عن وقف روسيا إمدادات الغاز بشكل كامل إلى أوروبا عبر خط "نورد ستريم 1"، بإجراءات لتفادي انقطاع التيار الكهربائي وإغلاق المصانع والتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار مع اقتراب فصل الشتاء.

 

وأعلنت شركة غازبروم الروسية في بداية شهر سبتمبر الجاري عن وقف عمليات تسليم الغاز كليًّا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1"، مرجعة ذلك إلى اكتشاف تسرب للزيت في أحد التوربينات.


تزود روسيا أوروبا بنحو 40 % من احتياجاتها من الغاز، وقلصت التدفقات بـ40 %  في يونيو الماضي وبـ20 % في يوليو الماضي، في حين بلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب.


ولا تزال أوروبا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 9 % من احتياجاتها بعد توقف عمليات ضخ الغاز عبر أنبوب "نورد ستريم 1.

 

ارتفاع أسعار الطاقة 

وتسعى الحكومات في جميع أنحاء أوروبا إلى حماية المواطنين من ارتفاع أسعار الطاقة، كذلك عبور شتاء 2023 المظلم بأقل الخسائر.

وقد خصصت حتى الآن ما مجموعه حوالي 280 مليار يورو (279 مليار دولار) للمساعدة في الحد من تأثير الأزمة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، هذا الأسبوع، إن الكتلة تعمل على "تدخل طارئ وإصلاح هيكلي لسوق الكهرباء في أوروبا".

تشمل الخيارات تحديدا طارئا للأسعار على مستوى التكتل، وبشكل أساسي فصل أسعار الكهرباء عن أسعار الغاز، وهي خطوة مدعومة من قبل العديد من الدول الأعضاء واعتمدتها إسبانيا والبرتغال هذا الصيف كـ "استثناء"، بهدف خفض فواتير الكهرباء.

بموجب الآلية الحالية على مستوى الاتحاد الأوروبي، ترتبط أسعار الكهرباء بسعر أغلى وقود يستخدم في توليد الطاقة، وهو الغاز الطبيعي حاليا الذي ارتفع سعره منذ الحرب الروسية الأوكرانية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء أيضا.

ولفتت تقارير إخبارية إلى  أن خزانات تخزين الغاز في القارة، والتي ستكون ضرورية لاستمرار وفرة الكهرباء في الشتاء، قد وصلت إلى 80% من السعة المستهدفة للمفوضية قبل شهرين من الموعد المحدد، وتجاوزتها إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا.

لكن يبدو أن الأشهر المقبلة من المرجح أن تكون صعبة بالنسبة للملايين في جميع أنحاء القارة؛ فيما يلي نظرة على حجم أزمة الطاقة في العديد من البلدان الأوروبية:


خطة فرنسا

جمدت فرنسا أسعار الغاز عند مستويات أكتوبر 2021، ووضعت حدا أقصى للزيادات في أسعار الكهرباء بنسبة 4% حتى نهاية العام على الأقل، ووزعت 100 يورو على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط للمساعدة في دفع فواتير الطاقة.

وقال وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير، إن أي زيادات في الأسعار في العام المقبل سيتم "احتواؤها" بالمثل، دون تكاليف إضافية، في حين قال المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران إن فرنسا "لن تسمح بما يحدث في المملكة المتحدة أن يحدث هنا".

تعد فرنسا مستوردا صافيا للكهرباء حاليا، لأن العديد من المفاعلات النووية التي تولد حوالي 70% من الكهرباء -ما يجعلها أقل اعتمادا على الغاز الروسي- مغلقة للصيانة ولديها مشاكل تآكل.

يشكل الغاز الطبيعي، الذي يستخدم في الغالب لتدفئة المنازل الخاصة ولصناعة الطاقة، ربع مزيج الطاقة الإجمالي في ألمانيا، وفي بداية الحرب جاء 55% من هذا الغاز من روسيا؛ لكن بحلول هذا الشهر، انخفض الرقم إلى 9.5%.

 

محاولة حل الأزمة

كما شرعت  الحكومة الألمانية  في برنامج طموح لفطم نفسها تماما عن الغاز الروسي، وتسابق لبناء محطات عائمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال وتعهدت بتوسيع مزارع الرياح البرية على نطاق واسع.

تم إعادة تنشيط بعض محطات الفحم التي كان من المقرر إغلاقها، على الرغم من أن الحكومة لم تحدد بعد ما ستفعله بشأن آخر ثلاث محطات طاقة نووية متبقية، من المقرر إغلاقها في نهاية العام.


خطر الإغلاق في إيطاليا

تعد إيطاليا واحدة من أضعف دول أوروبا، حيث تعتمد 40% من واردات الغاز على روسيا؛ وقالت جمعيات الصناعة إنه بدون تدخل حكومي، فإن ما يصل إلى 120 ألف شركة تواجه خطر الإغلاق خلال الأشهر التسعة المقبلة.

وقد ارتفعت بالفعل فواتير الكهرباء بشكل حاد، وحذر منظم الطاقة أريرا من زيادة بنسبة 100% على أساس سنوي بحلول الأول من أكتوبر المقبل؛ فيما نشر أصحاب المطاعم فواتير يبلغ مجموعها آلاف اليوروهات على وسائل التواصل الاجتماعي أو عرضها على نوافذهم.

مع مطالبة الأحزاب السياسية باتخاذ إجراءات سريعة، قالت الحكومة إنها تدرس المزيد من الخيارات لمساعدة الأسر والشركات؛ لكن الأزمة تفاقمت بسبب عدم الاستقرار السياسي بعد استقالة ماريو دراجي من منصب رئيس الوزراء في يوليو.

 

توفير الطاقة بإسبانيا

لا تعتمد إسبانيا على الغاز الروسي تقريبا مثل بعض دول الاتحاد الأوروبي -إذ يشكل الغاز الروسي نحو 10% من واردات إسبانيا- لكن الحكومة الائتلافية التي يقودها الاشتراكيون أدخلت مؤخرا سلسلة من إجراءات توفير الطاقة التي تستهدف خفض استهلاك.

ووافق البرلمان الإسباني، الأسبوع الماضي، على مرسوم يحد من درجات حرارة التكييف والتدفئة في المباني التجارية العامة والعامة مثل مراكز التسوق ودور السينما ومحطات السكك الحديدية والمطارات؛ كما يجب إطفاء أضواء نافذة المتاجر بعد الساعة 10 مساءً.

كما فرضت بولندا، وهي منتج أوروبي رئيسي للفحم منخفض الدرجة، والتي تصدرها وتستخدمها لإشعال محطات الطاقة التي تولد حوالي 70% من احتياجاتها من الكهرباء، حظرا على الفحم الروسي في أبريل.

كان هذا مهما لأن البلاد تعتمد أيضا بشكل كبير على الفحم للتدفئة المنزلية، الأمر الذي يتطلب درجة أعلى، نصفها تقريبا -حوالي 5 ملايين طن- اعتادت بولندا استيرادها بشكل أساسي من روسيا، ومع إغلاق هذا المصدر تضاعفت الأسعار ثلاث مرات.

في يونيو الماضي، حاولت الحكومة ضمان الإمدادات من خلال مطالبة الشركات المملوكة للدولة بشراء 4.5 مليون طن إضافية للاستهلاك المحلي، ورفعت معايير الجودة لحرق المنازل، وحاولت دون جدوى تحديد الأسعار.

هولندا هي أكبر منتج للغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي، وأكبر منتج في أوروبا الغربية بعد النرويج، لكنها استوردت ما يصل إلى 15% من غازها من روسيا حيث أوقفت الإنتاج من حقل جرونينجن للغاز بسبب الزلازل.

بدأت هولندا تقدم للأسر ذات الدخل الأقل، دعما للطاقة لمرة واحدة بقيمة 1300 يورو، مما يؤدي إلى زيادة الحد الأدنى للأجور وخفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة إلى 9%.

وتضاعف الحكومة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال وقالت الشهر الماضي إن البلاد خفضت استهلاكها من الغاز بنحو 33% في النصف الأول من العام لأسباب منها دفء الطقس لكنها قالت إنها لا تزال معرضة لأية أزمة غاز أوروبية أوسع.

حتى النرويج غير المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي، وهي منتج ضخم للغاز الطبيعي يولد ما يقرب من 90% من احتياجاتها من الكهرباء من السدود الكهرومائية، شهدت ارتفاع أسعار الطاقة المحلية بسبب انخفاض مستويات المياه في خزاناتها وارتفاع صادرات الكهرباء بشكل غير عادي.

الجريدة الرسمية