رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم الشرع في تكرار الغسل بسبب كثرة الاحتلام؟.. الإفتاء تجيب

أحكام الغسل
أحكام الغسل

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه"شابٌّ احتلم ثم اغتسل، ثم نام فاحتلم مرة أخرى؛ فهل يجب عليه غسل آخر، أو أن الغسل الأول يكفي؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

إنَّ المنصوص عليه شرعًا أنَّ الغُسل فرض بعد خروج المَنِيّ من مَقَرِّه منفصلًا بشهوة ولو حكمًا كمحتلم؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]؛ لأنَّ الجُنب في اللغة: هو الذي خرج منه المَنِيّ على الشهوة، وسبب وجوبه: ما لا يحِلّ مع الجنابة من ذكرٍ أو صلاةٍ؛ كما في "فتح القدير" للإمام الكمال ابن الهمام (1/ 60، ط. دار الفكر).

 فإذا خرج المَنِيّ على الوجه السابق من جماعٍ أو بسبب احتلام النائم، وأراد مباشرةَ ما لا يحِلّ مع الجنابة فُرِضَ عليه الغُسل، فإذا اغتسل المحتلم ونام فاحتلم ثانية تحقَّق موجب الغسل عند تحقق سببه السابق، ووجب عليه غسلٌ آخر غير الأول إن أراد مباشرة ما لا يحِلّ مع الجنابة بعد الاحتلام الثاني، وهكذا كلَّما احتلم ثم اغتسل ونام فاحتلم ثانية أو ثالثًا.. إلخ، وجب عليه الغسل من كل مرة عند تحقّق سببه كما ذكرنا، وبهذا علم الجواب عن السؤال.

أحكام الغسل 

ومن جانبه حرص الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف على بيان مكروهات الغسل،وأحكامة وذلك على النحو التالي:

تعريف الغسل

الغسل: وهو ما يعرف عندنا « بالاستحمام » والغسل في اللغة: سيلان الماء على الشيء مطلقًا ومعناه عند الفقهاء زائد عن معناه المعروف وعن معناه في اللغة فيعرفونه: بأنه سيلان الماء على جميع بدن الإنسان بنية مخصوصة.

وقد شرع الله الغسل (الاستحمام) للتأكيد على معنى النظافة والطهارة، فإنه سبحانه وتعالى يحب الطهارة والمتطهرين كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالغسل وجوبًا في حال خاص، وأما ندبًا، فلا يرتبط بحال، حيث يندب للمسلم أن يفعله لكل اجتماع للناس تنظفًا وتطهرًا، وأما أمر الله به في حال الوجوب فيدل عليه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾.

مكروهات الغسل 

ويمكن أن نجمل هذه المكروهات في أربعة أشياء: 
1- ترك أي شيء من سنن الغسل.
2- الإسراف في الماء.
3- الزيادة على ثلاث.
4- الاستعانة بمن يقوم بأعمال الغسل للمسلم بغير عذر (كالاستعانة بالخادم مثلًا)

الاغتسالات المندوب إليها

اعتنت الشريعة الإسلامية بالنظافة اعتناءً لم تشهد البشرية من قبل ذلك ولا بعد ذلك في دين أرضي أو دين سماوي، وقد اتضح هذا فيما مر من المباحث، ولم يقتصر اهتمام الشريعة بالنظافة الواجبة كالوضوء من الحدث الأصغر لمن أراد الصلاة، وكذلك الاغتسال من الجنابة وارتفاع دم الحيض والنفاس للمرأة فحسب، بل ندبت الشريعة إلى نظافة أخرى غير واجبة رفعا للحرج عن الناس، كتجديد الوضوء، وأن يبقى الإنسان دائمًا على وضوء، ومن هذه النظافة المندوب إليها كثير من أنواع الاغتسالات في أحوال وأوقات وأماكن معينة والتي منها:

1- غسل الجمعة: ويغتسل المسلم في ذلك اليوم المبارك قبل ذهابه إلى صلاة الجمعة لقوله ﷺ: « إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل » [مالك في الموطأ]، ولقوله ﷺ: « من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل » [أحمد والترمذي والنسائي]. ويستحب أن يؤخر الغسل إلى قبل الذهاب إلى الصلاة بقليل.

2- غسل العيدين: أي الغسل لحضور صلاة عيد الفطر، وعيد الأضحى، حتى وإن لم يرد الحضور يستحب له الاغتسال أيضا، ويبدأ وقت الاغتسال بنصف ليلة العيد وينتهي بغروب شمس يومه.

3- الغسل للاستسقاء: والمقصود الاغتسال لحضور صلاة الاستسقاء، وسوف نتعرف على صلاة الاستسقاء وكيفيتها وسببها في كتاب الصلاة. والذي يهمنا الآن أن الشرع يستحب للمسلم الاغتسال والتنظف لحضور صلاة تسمى صلاة الاستسقاء.

4- غسل الكسوف والخسوف: والكسوف يكون للشمس، والخسوف للقمر، وإذا ما حدثت هذه الظاهرة الكونية بقدرة الله وأمره يجب على المسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف أو الخسوف إن حدثت للقمر وسنتعرف عليها تفصيلا في كتاب الصلاة في موضعها، والذي يهمنا الآن هو أنه يستحب لحضور تلك الصلاة الاغتسال، ووقت هذه الصلاة حتى ينجلي كسوف الشمس تمامًا، أو خسوف القمر ويستحب أن يكون قبل ذلك ليدرك الصلاة.

5- غسل من غسل ميت: من باشر غسل الميت، يستحب الشرع له الاغتسال، ولا يجب عليه، ويبدأ وقت تلك الصلاة بمجرد الانتهاء من غسل الميت
 

الجريدة الرسمية