رئيس التحرير
عصام كامل

ليبيا على صفيح ساخن.. حراك أممي لرأب الصدع في طرابلس بعد الاحتكام للسلاح من جديد

الصراع في ليبيا
الصراع في ليبيا

بعد عودة الاحتكام للسلاح داخل ليبيا تزداد حدة الأزمة في طرابلس؛ ما يزيد من مخاوف أن يصبح التقسيم الحالي في ليبيا أمرًا واقعًا تفرضه القوى المسيطرة على الأرض وداعموها من الخارج.

 

ليبيا 

فمع بلوغ الأزمة الليبية مداها أثر ظهور سلطات عدة أبرزها حكومتين، هما حكومة فتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة، مع اشتعال المواجهات بين المليشيات تكشف الأحداث أن ليبيا تعود للمربع رقم صفر في دائرة الصراع الذي لا ينتهي.

وعلى الرغم  من اللغط حول دورها والرفض الليبي لها بدأت المبعوثة الأممية في ليبيا ستيفاني ويليامز، تحركات جديدة بهدف نزع فتيل الأزمة، عبر الدفع بملف الاستحقاق الدستوري الذي يطالب به أغلب الليبيين.

وبين مزاعم عن تمرير أجندات أجنبية في طرابلس بدأت ويليامز لقاءات عدة خلال الأيام الماضية مع قوى سياسية ذات توجهات مختلفة.

والتقت ويليامز رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، بمقر المفوضية في العاصمة طرابلس، أمس الأحد، لبحث جهود تنفيذ الاستحقاق الدستوري.

 

مفوضية الانتخابات الليبية 

وقالت مفوضية الانتخابات في ليبيا، في بيان: إن اللقاء ناقش الدعم الفني والاستشاري الذي تقدمه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للمفوضية لتعزيز جاهزيتها نحو تنفيذ عملية انتخابية ترتقي إلى مستويات عالية من المبادئ والممارسات الدولية.

وبحسب المفوضية، فإن اللقاء استعرض الوضع الراهن المتعلق بتوافق الأطراف السياسية على إجراء عملية انتخابية في الأجل القصير، ومدى انعكاسه على جاهزية المفوضية، وقدرتها على الاستجابة لتلك التوافقات خلال الفترة القادمة.

وأكد البيان، أن اللقاء تعهدت فيه المبعوثة الأممية باستمرار تقديم الدعم اللازم للحفاظ على جاهزية المفوضية، والإبقاء على التواصل الوثيق بين المفوضية وبعثة الأمم المتحدة بهدف تبادل المعلومات الفنية ذات العلاقة بتنفيذ العمليات الانتخابية المستقبلية.

لقاء ويليامز بالسايح، يأتي بعد عدة أيام من لقائها رئيس ما يعرف بـ«الأعلى للدولة» خالد المشري، لمناقشة حول كسر الجمود السياسي وإنجاح المسار الدستوري بهدف الوصول للحد الأدنى من التوافق.

كما التقت النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي فوزي النويري، لمناقشة آخر المستجدات السياسية والمحافظة على الاستقرار، لإيجاد تسوية توصل ليبيا في أقرب الآجال للانتخابات الرئاسية والبرلمانية ودور مجلس النوّاب المهم بشأنها.

 

مجلس الامن 

تأتي لقاءات ويليامز بعد أيام من الإعلان عن حراك داخل مجلس الأمن لتعيين مبعوث أممي جديد بديلا عن مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، والتي أثارت الكثير من الجدل، حول طريقة إدارتها للأزمة الليبية.

ورغم أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جدد الأسبوع الماضي، بالإجماع، تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، تنتهي في 31 يوليو المقبل، إلا أنه دعا إلى تعيين ممثل جديد على وجه السرعة في الدولة الواقعة شمال أفريقيا.

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش: إن تلك اللقاءات «تؤكد عودة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تبني سياسات هيلاري كلينتون بنشر الفوضى والانقسامات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمكين الإسلام السياسي من لعب دور المخرب والممزق لكيانات هذه الدول وجعلها ألعوبة في أيدي الغرب».

 

تمركز الميليشيات غربي ليبيا 

فيما حذَّر خبراء سياسيون وعسكريون من خطورة إعادة تمركز الميليشيات غربي ليبيا خاصة في العاصمة طرابلس، ونشوب نزاع عسكري واسع هناك.

وبحسب مصادر "سكاي نيوز عربية" فإنه لوحظ في الآونة الأخيرة دخول أرتال عسكرية ضخمة، وقامت أخرى بإعادة التمركز في العاصمة، ووضعت عناصرها حول مؤسسات هناك لا سيما ميدان الشهداء ومقر مجلس الوزراء والبنك المركزي ووزارتي الخارجية والداخلية.

ويعتقد أن الميليشيات المتواجدة تتبع كلها لرئيس الوزراء المنهية ولايته عبد الحميد الدبيبة، فيما انسحبت كل القوات التابعة لرئيس الوزراء الجديد فتحي باشأغا حرصا منه على عدم الاقتتال.
ودعم الدبيبة الميليشيات التابعة له بالمال والسلاح فحتى اللحظة لا يتعامل محافظ البنك المركزي إلا مع عبد الحميد الدبيبة ويوافق له دائما على كافة الأموال الذي يطلبها رغم طلب مجلس النواب.

ودعا رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح مؤسسات الدولة إلى عدم التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة باعتبارها منتهية الصلاحية.

كما هدد عقيلة صالح باتخاذ إجراءات ضد المخالفين، مشيرًا إلى أن حكومة فتحي باشأغا هي صاحبة الشرعية من قبل البرلمان لكن المركزي لم يستجب لهذا القرار.

 

صراعات المليشيات غرب ليبيا 

وتكثيف تواجد الميليشيات أدى لصراعات داخلية بينهم وحدثت مناوشات تطورت لاشتباكات بغرض نية كل ميليشيا السيطرة على منافذ ليبيا، التي تدر أموالا للتحكم فيها وتصبح ورقة سياسية يلعبون بها ويتفاوضون عليها مثلما حدث في حقول النفط.

وامتدت الصراعات بين الميليشيات الموالية للدبيبة حتى مدينة الزاوية حيث شهدت المدينة اشتباكات حادة بعض خلاف على إعادة التموضوع والتمركز ونية بعض الأطراف السيطرة على مواقع بعينها.

غياب الشرعية

وقال الخبير العسكري شريف عراقيب: إنه لا توجد قوى سياسية تدعم الدبيبة في ليبيا، لكنه استطاع إغراء الميليشيات المسلحة على دعمه بأموال لا نهاية لها، وأدرج عناصر ميليشياوية في نطاق جدول المرتبات العسكرية وقدم اعتمادًا كبيرًا لها.

وأضاف "عراقيب" أن الوضع على الأرض مرعب، وقد ينشب صراع عسكري واسع في أي وقت نتيجة صراع الميليشيات للسيطرة على منافذ الدولة التي تدخل أموال لها.
وأوضح أن الدبيبة بعد غياب الشرعية عنه أصبح ضعيفا سياسيا واتكأ على ميليشيات كل همها الأموال فقط، وقد تنفلت زمام الأمور منه في أي لحظة إذ لم يسلم الحكومة لفتحي باشأغا.

وقال المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري: إن الشارع الليبي الآن استسلم للوضع القائم، وحلم الانتخابات تبخر تقريبًا.

ليدفع الشعب الليبي وحده ثمن الانقسام بعد تعثر طريق الانتخابات في محطة القوة القاهرة وسط حراك اممي لم يكن على المستوى المنشود لإنهاء الأزمة الليبية.

الجريدة الرسمية