رئيس التحرير
عصام كامل

إفلاس دولة!

زرت سريلانكا منذ بضعة سنوات قليلة.. كانت السياحة الأجنبية مزدهرة فيها، وكانت الدولة تعتمد عليها وعلى تحويلات السيرلانكيين بالخارج مع القروض الأجنبية فى تدبير احتياجاتها من الغذاء والوقود.. لكن مؤخرا ارتبكت الأوضاع الاقتصادية لسريلانكا بسبب التداعيات الاقتصادية العالمية لجائحة كورونا.. ونتيجة تراجع عائدات السياحة وتحويلات السيرلانكيين بالخارج فرضت الحكومة قيودا على الاستيراد لتوفير النقد الأجنبى المتراجع لديها لسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية.. 

 

غير أنها منذ أيام قليلة قررت أن تتوقف عن سداد تلك الديون التى حان موعد سدادها، وهو ما يعتبر في عرف المنظمات الاقتصادية الدولية إعلانا بالإفلاس، وتوفير ما فى حوزتها من نقد أجنبى لتدبير بعض احتياجات السيريلانكيين من الغذاء والوقود، بعد النقص الحاد فيهما.. ووجهت الحكومة دعوة لأهالي سريلانكا بالخارج لتحويل أموال لها لتدبر إحتياجات الداخل من الغذاء والوقود..

 

غير أن هذه الدعوة ووجهت بشكوك من أهل سيرلانكا في الخارج، لأنهم يخشون أن تنهب أموالهم.. أما أهالى سيرلانكا في الداخل فقد استمروا في حصار منزل الرئيس وحاول البعض منهم اقتحام منازل عدد من المسئولين الحكوميين البارزين فيها.. وهكذا أضحت البلد التى كانت قبلة للسياح الأجانب إلى مكان يسيطر عليه الاضطراب والفوضى وشح الاحتياجات الأساسية خاصة الغذاء والوقود. 

 

وما حدث في سيرلانكا يكشف أولا أن الرهان على السياحة الأجنبية وحده لا يكفى للنهوض بالأمم اقتصاديا.. السياحة بالتأكيد مهمة كمصدر للدخل القومى ولكنها معرضة للانتكاس بسبب أوضاع وظروف خارجية دوما.. 

 

 

ولذلك السياحة ليست كما قيل في وقت ما قاطرة للاقتصاد الوطنى وإنما الصناعة والزراعة هى القاطرة الحقيقية التى يتعين الاعتماد عليها.. وثانيا يتعين التعامل من قبل الاقتصاديات الناشئة مع الاقتراض الخارجي بحذر وفي إطار ضوابط تؤمن تحمل أعبائها المتمثلة في سداد أقساطها وفوائدها المختلفة، مع استخدام هذه القروض فما هو له أولوية اجتماعية.. ثالثا الثقة بين عموم الناس ومن يديرون الاقتصاد أمر مهم جدا حتى يتفهموا ما يحدث من إجرءات اقتصادية ويتقبلونه..           

الجريدة الرسمية