رئيس التحرير
عصام كامل

هاشتاج انقذوا ريان يزلزل تويتر.. ومغرد: يا رب سخرله الأرض ومن عليها

الطفل المغربي ريان
الطفل المغربي ريان

تصدر هاشتاج انقذوا ريان موقع التريندات القصيرة تويتر في الوطن العربي، حيث حظى الطفل المغربي ريان الذي فطر قلوب العرب بتضامن واسع، وذلك بعدما نشرت قصته التي تفيد بسقوطه في بئر عميق منذ الثلاثاء الماضي وحتى الآن، وسط محاولات مريره لإنقاذه وخروجه من  تلك البئر الغامضة الذي لا يقوي أي إنسان طبيعي وبالغ علي الصمود بداخلها كل تلك الفترة.

وكتب أحد المغردين عبر الهاشتاج: “ريان عمره ٦ سنوات طاح في البئر صارله ٣ ايام وولا احد قادر يطلعه كثير حاولوا انقاذه بس ما قدروا ينزلون ٣٠ متر تحت الارض الطفل عايش ويشوفونه بالكاميرا يحرك ايده بس ادعوا انه يعيش ويقدرون يطلعونه لانه مافي اكسجين ولا ماي ولا اكل  الله يصبر اهله.يارب لطفك ورحمتك”.

وقال آخر: "كل أطفالنا تهمنا حياتهم باتساع ارضنا اسال الله العظيم ان يرده سالما لاهله
دور عظيم تقوم به الدولة المغريبة نشيد بها".

بينما دعى ثالث: “يا رب سخرله الارض ومن عليها والسماء ومن فيها يا رب انزل رحمتك عليه ونجيه يا حي يا قيوم”.


وبعد ساعات من المحاولات المستمرة التي باءت بالفشل في إخراج الطفل من البئر، نجحت في إيصال هاتف محمول للاطمئنان علي الطفل والتأكد من أنه على قيد الحياة وتصويره ونجحت أيضا السلطات في إيصال الطعام والشراب إليه،  وتوقف الطفل ريان عن الحركة لكنه لازال يتنفس ويحرك يده، ليؤكد للجميع أنه لم يمت ولا يزال على قيد الحياة.

وبعد تلك الحركات الطفيفة التي  قام بها الطفل ريان دب الأمل من جديد، وتسارعت الحركة أعلى الحفرة، حيث استعد شاب نحيل البنية لمحاولة نزول جديدة علها تنجح هذه المرة، من أجل انتشال الطفل الصغير ريان الذي سقط في بئر ضيقة عمقها 62 مترا في إقليم شفشاون بالمغرب.

في القاع، بدا الطفل منهكا، خائر القوى، هزيل البنية، بالكاد يتحرك، مستلق على بطنه من شدة الألم والخوف، غير بعيد منه جهاز يُمده بما يحتاج من أكسجين.

هو المشهد ذاته الذي يتكرر ليومين متتاليين، لأكثر من 49 ساعة متواصلة، منذ أن انتشر خبر سقوط ريان، الطفل ذي السنوات الأربع في بئر يتجاوز قطرها الـ60 سنتمترًا، ويضيق نحو القاع، الذي يبعد 32 مترًا.

عقارب الساعة تتمايل في كسل نحو الثامنة صباحًا بالتوقيت المحلي، اليوم الخميس، خيوط الشمس تُغالب عتمة الليل، لكنها لم تحمل معها أي جديد. لا يزال الوضع كما كان، والأمل أيضًا.

الحلول الميدانية لإنقاذ الطفل محدودة، جُلها فشل، لم يعد رجال الإنقاذ يملكون سوى الاستمرار في الحفر بالمُحاذاة مع البئر، والابتهال بالدُعاء.

على الرغم من التعب الظاهر على وجوههم الشاحبة، يُتابع رجال الإنقاذ حالة الطفل أولًا بأول، وغير بعيد عنهم بضع جرافات تضرب الأرض، علها تُزيل أطنان التراب المتراكمة، وتصل إلى الملاك الصغير.

وفي مُحيط الموقع، اجتمع أهالي المنطقة، ورفعوا أكف الضراعة لله، راجين فرجًا قريبًا، أو معجزة تزيد من صبر الطفل ومقاومته للجوع والعطش، وتسبق يد العناية الربانية إليه، قبل أن تصل له أيادي المنقذين.

وتوالت الأدعية إلى أن خفتت أصوات أصحابها من فرط التعب، إلا أن هدير الجرافات، وأصوات رجال الإنقاذ لم تخفت، ومجهوداتهم في تزايد.

عند اقتراب منتصف النهار، وصل عمق حفر الجرارات إلى 23 مترًا من أصل 32 مترًا عمق الثقب المائي حيث يوجد الطفل ريان.

عملية الحفر هذه، تتم بشكل أفقي بواسطة جرافات،  وهو الشيء الذي يُبرر بطء العملية، نظرًا للأطنان الهائلة من الأتربة التي يجب إزالتها، والتي تتجاوز 200 ألف متر مكعب.

وقبل الشروع في عمليات الحفر، وإلى ساعة مبكرة من فجر الخميس، تقاطر على موقع البئر العديد من المتطوعين، من محترفي تسلق الجبال وسبر أغوار المغارات، وذلك لولوج البئر وإنقاذ الطفل ريان.

بعضهم قطع أكثر من 200 كيلومتر للوصول إلى عين المكان، قادمين من مدن مختلفة، بعدما سمعوا الخبر من مواقع التواصل الاجتماعي. وقبلها اصطف العشرات من المتطوعين نحيلي البنية، قريبًا من الحفرة للتطوع لانتشال الطفل من هناك.

آخر المُحاولات كانت لشاب جاء من مدينة تيفلت نواحي العاصمة المغربية الرباط، يحترف الغطس وتسلق الجبال، إلا أن محاولته باءت بالفشل.

وصل على عجل، بعد أكثر من أربع ساعات من السفر، وقف أمام البئر المهجور حيث رجال الإنقاذ وأهالي المنطقة، التقط أنفاسه، ارتدى عُدة التسلق، ثم نزل ورأسه إلى أسفل، صمت الجميع، والقلوب عند الحناجر.

"الظلام دامس، بالكاد يُضيء المصباح جُزءًا يسيرًا، هُناك الكثير من الأحجار الحادة، لا يُمكنني التقدم أكثر، المكان ضيق جدًا، لا أستطيع التنفس، أشعر بالاختناق" هكذا قال الشاب الذي حاول إنقاذ الطفل.

فشلت آخر المُحاولات، عم الإحباط، لا حل لإنقاذ الطفل عبر البئر سوى بإدخال طفل في نفس عمره، فاتساع أكتاف البالغين تحول دون وصولهم إلى القاع، لأن البئر يضيق جدًا عن عمق الـ28 مترًا.

خرج الشاب لاهثًا متعرقًا، أخذ نفسًا عميقًا، ثم توسل رجال الإنقاذ إعادة الكرة مرة أخرى، رفضوا بادئ الأمر، لكن أمام إصراره أعادوه إلى البئر، حاول من جديد الحفر بيديه أو إزالة الأحجار، لكن، دون فائدة، قبل أن يفقد الوعي بسبب نقص الأكسيجين.

وفي منزل الطفل، اجتمع الجيران والأقارب، يواسون الأم المكلومة والجدة الموجوعة، أما والد الطفل ريان، فلا يكاد ينبس ببنت شفة حتى ينهار من شدة الحزن.

مناشدات متتالية للأسرة الصغيرة، تتوسل الإسراع بإنقاذ طفلها الصغير، وإعادته إليها حيًا يُرزق.

بقاء الطفل على عمق 32 مترًا، في تجويف أرضي ضيق، يضعه أمام العديد من المخاطر على حياته،خاصة أن سقوط الطفل ريان من علو 32 متر وفي فضاء ضيق لا يتجاوز الـ60 سنتمترًا، مع احتمال كبير لارتطامه بجنبات البئر. 

ويزيد من خطورة واحتمال وقوع كسور أو التواءات في العنق أو الأطراف، ويمكن لهذه الحادثة،  أن تصيب الطفل بخطر شديد إما لشلل مؤقت أو دائم لا قدر الله. دون الحديث عن التعفنات المحتملة على مستوى الجراح أو الكسور، إذا لم يتم الوصول إليه بشكل سريع خلال الساعات القليلة القادمة.

وعلى الرغم من ذلك، فإنه يواجه خطر الجفاف بسبب غياب الأكل والشرب لمدة طويلة وهي المدة التي تجاوزت الآن 49 ساعة، ناهيك عن خطر انخفاض سكر في الدم ووقوع إجهاد ومشاكل في التركيز وقد يصل للغيبوبة.

وعلى مدار أكثر من 49 ساعة من المحاولات الحثيثة لإنقاذ الطفل ريان، استنفرت مختلف السلطات الحكومية، إلى جانب متطوعين، كُل جهودهم للتعجيل بإنقاذ الطفل ريان، والحفاظ على حياته.

وفي هذا الصدد، رصدت السلطات المحلية 5 آليات ثقيلة، بالإضافة إلى العشرات من عناصر الدرك والوقاية المدنية، ناهيك عن مهندسين طبوغرافيين لمواكبة عملية الحفر، والحيلولة دون انهيار البئر أو سقوط جزء منه على الطفل ريان.

وغير بعيد من مكان البئر، حطت مروحية طبية، مجهزة بكل وسائل الإنعاش والإسعاف، ترقبًا لإخراج الطفل ريان من البئر، إلى جانب سيارة إسعاف طبية وفريق صحي يضم طبيب مختص في الإنعاش والتخدير وممرضين في الإنعاش والتخدير حلول بالمنطقة قادمين من المستشفى الإقليمي وثلاثة ممرضين تابعين للمركز الصحي بالمدينة.

الجريدة الرسمية