رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فوضي غياب دولة المؤسسات العربية

ما يحدث الآن من اضطرابات وفوضي في بعض العواصم العربية يشير إلي غياب دولة المؤسسات ولجوء الحكومات لتقوية السلطة على حساب الدولة مع غياب خطط حقيقية للتنمية، فضلًا عن غياب ثقافة المساءلة الحقيقية للنخب الحاكمة أمام الشعب، الذي من المفروض أن يعبر عن نفسه داخل أحزاب فاعلة سياسيًا. 

 

فالدولة في الوطن العربي تحصد اليوم الثمار المرة لثلاثة أطراف عربية محلية؛ النخب الحاكمة، والنخب المعارضة من الأطياف السياسية كافة، والعصبيات المحلية والطائفية والمذهبية والعشائرية، وربما كان غياب المشروع العروبي الموحد هو سبب كل ما يجري من مصائب وويلات على الساحة العربية، من غرب الوطن العربي المقطوعة العلاقات الدبلوماسية بين أكبر بلدانه المغرب والجزائر إلى المشرق العربي المقطوعة العلاقات الدبلوماسية بين أهم بلدانه سورية والسعودية واليوم لبنان والسعودية.

دول الاعتدال العربية

 

وفي المنطقة الشرق أوسطية، هناك ثلاثة مشاريع تتنافس هم الإسرائيلي والتركي والإيراني، وللأسف فوق الساحات العربية وعلى حساب شعوبها ومصالحها وتطلعاتها، بينما العرب منقسمون بين هذه المشاريع وهم في حالة يرثى لها، ولا يملكون أي مشروعٍ عربي رابط وجامعٍ في هذا الزمن، بعد انتكاسةِ مشروعهم في أعقاب هزيمة يونيو 1967 ورحيل رواد المشروع القومي العربي.. 

 

فحصل فراغ كبير لتملؤهُ تلك المشاريع الخارجية. كما أدى فشل المشروع الأميركي في الشرق الأوسط من خلال الاندفاع العسكري لإعادة ترتيب أوضاع دول المنطقة انطلاقا من الغزو الأميركي للعراق إلى نتيجة عكسية وهي تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة بشكل يجمع بين تعريض أمن بعض دول الخليج للخطر، وبين بروز إيران كقوة إقليمية تتنافس على دور ريادي مع مصر والسعودية. 

 

ثم فشلت الولايات المتحدة في إدماج ما أسمته بدول الاعتدال العربية في تحالف لاحتواء إيران. وما حدث مع ايران حدث بالضبط لتركيا بعد فشل الربيع العربي في جني أي ثمار له علي الأرض والمشكلة  تكمن في هزال فكرة المواطنة في الدولة الوطنية، ولا يزال العرب على اختلافهم يعيشون في مجتمع تقليدي، ولم يصلوا بعد إلى مجتمع المواطنة، رغم  بعض المحاولات فالدولة في الوطن العربي تحصد اليوم الثمار المرة لثلاثة أطراف عربية محلية؛ النخب الحاكمة، والنخب المعارضة من الأطياف السياسية كافة، والعصبيات المحلية والطائفية والمذهبية والعشائرية.. 

المشروع العروبي

 

ثم أن النظام العربي الحالي لا يحمل جوابًا لتحديات العصر، وأن ما قامت به بعض الأنظمة من تحديث الديكتاتورية لم يؤد إلا إلى مزيد من المشكلات العميقة. ولهذا لم تأت أي دولة عربية في قائمة الديمقراطيات الكاملة التي إشتملت على 30 دولة عبر العالم، بينما جاءت إسرائيل في مقدمة ترتيب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلولها في المركز 30 عالميًا.

 

إذن غياب المشروع العروبي الجامع والرابط، جعل غالبية البلدان العربية هشة ومكشوفة وتابِعة، وإختراق شعوبها، أو بعض من شعوبها، سهلا من طرف أي جهات خارجية، وسهولة إغراق هذه الشعوب بحروب داخلية فيما بينها. 

 

 

والمنقذ الآن هو أن العرب بحاجة لاستعادة مشروعهم العروبي، حتى يكون لهم مكانا تحت الشمس، وهذا لا يعني قيام وحدة سياسية عربية، فهذا أبعد من الخيال.. وإنما بإيجاد هيكلية شبيهة بهيكلية مجلس التعاون الخليجي، ولكن على المستوى العربي، بتفعيل دور الجامعة العربية وإعادة النظر بكل بنيتها لتصبح جامعة تعبر عن تطلعات الشعوب وليس الأنظمة الحاكمة للدول فقط.. وتحقيق التكامل العربي على كافة الأصعدة، وكذلك حل كافة الخلافات بشكل سلمي وهادئ في إطار الجامعة العربية، وتفعيل الاتفاقات العربية المشتركة، كما معاهدة الدفاع العربي المشترك للحفاظ على أمنهم القومي، وتفعيل منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، وفتح الأسواق العربية.

Advertisements
الجريدة الرسمية