رئيس التحرير
عصام كامل

التعليق جزء من المباراة

التعليق على المباريات متعة بحد ذاته، يوازي في أهميته المناسبة التي تفرضها اللعبة، لذا فإن التعليق الرياضي من المهن النادرة جدا، وذلك بسبب ندرة المقومات والإمكانات التي يجب أن تتوفر في المعلق الرياضي الجيد، ومنها الصوت والمهارات الشخصية والثقافة.

 إذ أن هناك عدة أشياء أخرى يجب توافرها قبل  احتراف التعليق وهي؛ نبرة الصوت الواضحة فهي حلقة الوصل مع الجمهور الذي يسمع ولا يري في الراديو، وحضور الذهن وسرعة ردة الفعل أثناء التعليق على المباريات المنقولة على الهواء مباشرة.

 

كما يجب على المعلق الرياضي أن يكون واثقا من نبرة صوته وتوظيفه على حسب أهمية المباراة وطبيعتها، لكي يتمكن من جعل المباريات ذات أهمية كبيرة يرددها الجمهور حتى لو مضى عليها سنوات عدة، وذلك بسبب الإدارة الجيدة للمعلق الماهر الذي وضع له بصمة لا يمكن للجمهور الرياضي نسيانه. 

وهناك مئات التعليقات التي لايزال جمهور الكرة يتذكرها لعلاء الحامولي وميمي الشربيني مثلا ..

 

 

لذلك فإن التعليق الرياضى ركن أساسى من أركان منظومة لعبة كرة القدم، فلا تكتمل متعة المتفرج بمتابعة الرياضة إلا بالاستماع إلى صوت معلق، يضيف إلى مجريات المباراة معلومة أو توضيحًا أو «قفشة»، ويضع الرتوش الأخيرة على حركة الكرة بين أقدام اللاعبين، داخل المستطيل الأخضر، وخلال الـ10 سنوات الماضية، تزايد عدد المعلقين، مع تزايد أعداد الشبكات الفضائية، وأصبحت المباراة الواحدة تذاع بأكثر من صوت فى آن واحد، لكن دون ظهور نجوم تأخذ تعليقاتهم بالألباب.

 

المعلق الذكى

 

وهناك انتقادات واسعة توجهها جماهير الساحرة المستديرة إلى مهنة التعليق، بعد غياب «المعلق النجم» مثل الكباتن محمد لطيف، وعلى زيوار، ومحمود بكر، وحمادة إمام، وميمى الشربينى، وأحمد عفت، فى كرة القدم، وعادل شريف فى التنس، ورياض شرارة فى كرة السلة وألعاب القوى، وغيرهم من النجوم الذين تعلقت آذان المشاهدين بأصواتهم.. 

 

وغالبا ما يكون المعلق الرياضي مدربا أو لاعب سابق معتزلا قرر استثمار مخزون المعرفة لديه في مجال التعليق ،غير أن هناك من ينصّب نفسه “أباطرة” اللعبة، ورغم أن أكثرهم لم يمارسها، وينتقد خطط اللعب المتبعة، بشكل يدعو إلى الاشمئزاز أو النفور وعدم الاقتناع. 

فيكف يحق له أن يتطاول على مدرب عالمي؟ ومن المفترض أن يعمل بمبدأ المساواة بين الفريقين، من دون أن يتحيز لفريق ضد آخر، لأن المهنة تدعوه إلى التزام الحياد، ونصرة الأفضل والأحسن، وعدم إغفال الدور الأساسي لإمكانيات وفنّيات الفريق المتألق ولو على حساب الفوز أحيانًا. 

 

لكن اللافت في كثير من الأحيان أن أكثرية المعلقين الرياضيين لا يلتزمون بهذا المبدأ، فإما أن يقفوا إلى جانب فريق يناصرونه على حساب المشاهد، حتى لو لم يكن على مستوى الحدث والمباراة، وإما أن ينالوا من فرق لا يحبذونها ولا يميلون إليها حتى لو كانت الأفضل

 لكل ذلك اختفي الصوت المصري من المنطقة رغم أن العالم العربي يدمن الحكي المصري لأن اللهجة المصرية مفهومة منذ الأزل بفضل الفيلم والأغنية والمسرحية المصرية..

 

 وربما كانت شعبية التونسي عصام الشوالي هي تلخيص للمعلق الذكي في أنه يعيش المباراة ولا يعلق عليها فهو ينقل للجمهور مباراة أم المعارك، ويلهث وراء "الكورة الغدارة"، وينظم في (الليو ميسي) شعرًا، وفي "سَحَرة البرازيل" نثرًا، ويحط من قدر (كريستيانو رونالدو) "أكذوبة المنتخبات" أحيانًا ولا يبالي، يمتعك بالشعر العربي القديم تارة، وبالغناء الأصيل أخرى، قد يروي قصة شمشون ودليلة، أو يرتجل ما بدا له من قصائد ومعلقات كل ذلك خلال التسعين دقيقة التي لا ينقطع فيها صوته والجمهور مستمتع ولايمل عكس كثيرين لا يكفون عن الرغي والاستظراف السمج.

 

الجريدة الرسمية