رئيس التحرير
عصام كامل

ما اسم هذا المذيع وهذا البرنامج؟

تتيح مواقع التواصل الاجتماعي فرصة ذهبية لنشر الآراء، ما جد منها وما هزل والأخبار، ما صدق منها وما كذب، ويقع ذلك من مستويات راقية العلم والفكر والرؤية، كما يقع من مستويات منحطة، ركيكة، شتامة وفضائحية. بطبيعة الحال المؤسف، أن هذا الأسبوع شهد سجالا عنيفا، عن الدورى وعن اللاعبين، وعن عودة فنان فضائحي، أتيحت له المنصة كاملة ليغتسل فيها.. أمر يثير حتى الآن الغضب والحيرة.

 

على صفحتى بالفيسبوك أشرف بصداقة، داخل الصفحة وخارجها بالطبع، الأساتذة الدكاترة والإخوة الأعزاء لي عقلا وقلبا، الدكتور سامي الشريف عميد إعلام الجامعة الحديثة  MTI، والدكتور حمدي حسن ابو العينين، العميد السابق لإعلام جامعة مصر الدولية MIU، ثم الدكتور سامي عبد العزيز صديق العمر ورفيق الطريق منذ كنا معيدين بإعلام القاهرة، وبالطبع أيضا مع أخي الدكتور سامي الشريف.. ثم هنالك صاحب المدفعية الفكرية النقدية الثقيلة الدكتور حسن علي عميد إعلام قناة السويس السابق وأستاذ الإعلام..

 

أمس أثار الدكتور حمدي حسن قضية تتعلق بتعريف الاعلامي المذيع.. الذي يفتي في كل شئ وفي كل شخص.. قال وليسمح لي باقتباس رأيه:" أن يجلس مقدم برنامج أمام الشاشة ليحلل كل شيء فى السياسة والاقتصاد والدين والعلوم والزراعة.. الخ لأكثر من ساعتين لا يجوز الا لشخصية لها تاريخ إعلامى طويل مكنه من بناء مكانة عليا فى عالم الإعلام.. ولنصف ساعة على الأكثر.. أما أن يفعلها من ظهر أول أمس على شاشة التلفزيون فجأة فهذا هو العبث.. سؤالى لخبراء وأساتذة الإعلام بماذا نسمى ذلك فى فنون التلفزيون؟" السؤال رد عليه الدكتور سامي الشريف بسرعة: "نسميه فوضي الإعلام"، أما صاحب القذائف دكتور علي حسن فكتب معلقا: "الهواء بتاعهم والفلوس فلوسهم والمجعراتي يجعر بفلوسهم.. زعلان لييييه؟" 

 

هذه آراء أساتذة الإعلام الكبار.. كلهم عمداء.. وفيهم من درس لهذا أو ذاك ممن يفتي فتى العلماء الخبراء في الطهى السياسي والطهي البدنجاني، وديكورات غرف النوم.

الإعلامى القشاش

 

ظاهرة الإعلامي أو مقدم البرنامج القشاش ظهرت بكثافة مع بدء تسييس الشاشة، علي استحياء في أوربيت ثم إنفجرت وانتقلت العدوى لبرامج ممولة تسويقيا متحررة ماليا، جريئة نسبيا.. ثم فاجرة في التحريض والتثوير.. وكان الرأي العام يعتبر ذلك حرية غير مسبوقة وبخاصة في السنوات الخمس الأخيرة من حكم الرئيس الراحل حسنى مبارك.. وللحق كانت حرية إرتفعت إلى حد الكذب والتضليل.. والإدعاء والإفتراء تمهيدا ليوم حرق البلد في الخامس والعشرين من يناير الأسود قبل عشر سنوات.

 

تحول مقدم البرنامج الى ناشط سياسي.. والحق أنه لم يتحول فالدورات التدريبية لمدرسة التغيير السلمي في صربيا، جعلته ناشطا سياسيا.. مهمته التشكيك في أساسات البلاد.. الفكرية والدينية والعسكرية والقضائية وتحطيم الشخوص والشخصيات وإثارة الدهماء وكراهية الشرطة وشيطنتها..

 

من يومها وهؤلاء المساعير بلا كوابح من نفس ولا ضمير.. جربوا الوصفة ضد مبارك وجاءوا بالاخوان ونجحت.. ورسبت البلد.. في الطين والخراب والخوف. ثم جربوها ضد الاخوان.. لما علقوا لهم المشانق بصورهم في ميدان النهضة وميدان رابعة، ومع نجاح ثورة يونيو، سارعوا بالإنضمام ومنهم من اعتذر لأنه لم يفهم ما كان يجرى..

 

يوجد في برامج التوك شو ما يسمى بالبيان الاستهلالي.. مقدمة عميقة معمقة بليغة قوية لا تجافي الحقيقة فيها من الرأي ما يقبل المناقشة، ويعزز ويوضح موقف القناة أو المذيع.. وهي محددة المدة، قصيرة غالبا، وليست وقتا مفتوحا.. تحول البيان الاستهلالي هذا إلى خطبة جمعة وكل جمعة في كل فقرات من فقرات البرنامج..

 

يفتح فمه.. ويظل يتكلم فى كل شئ.. زراعة، فلك، طب، هندسة، تعليم، صحة، اقتصاد، رياضة، دين، علم نفس.. والوهج المتوهج لما يكون الموضوع فضيحة وبطلها حاضر.. طاهر متوضئ.. بدم العذارى.

آه يا وطن آه! برامج الخطبة المفتوحة من الشرق والغرب ليست من أي قالب إعلامية.. مهنية. هي قوالب لأنصاص القوالب!

الجريدة الرسمية