رئيس التحرير
عصام كامل

قرار دولي بتخفيض إنتاج الأسمنت المصري

في شهر مايو الماضي بدأ بعض المسئولين التنفذيين في قطاع الأسمنت، وبعض مسئولي المصانع والشركات العاملة في مجال إنتاج الأسمنت المطالبة بتخفيض الإنتاج بنسبة 10% على الأقل، وذلك جراء زيادة المعروض عن المطلوب زيادة كبيرة؛ مما أضر بالموارد المالية لشركات الأسمنت ضررا بالغا من التخمة في المعروض، وقد زادت الطاقة الإنتاجية للأسمنت إلى ما بين 85 و87 مليون طن سنويا على مدى السنوات الثلاث الأخيرة بعد افتتاح مصنع بني سويف والبالغة طاقته 13 مليون طن سنويا، حتى مع انخفاض المبيعات إلى أقل من نصف هذا المستوى.


وتراجعت مبيعات الأسمنت السنوية إلى 41.7 مليون طن في 2020 من 43.8 مليون طن في 2019 وفقاً لإحصاءات البنك المركزي المصري. وبلغت المبيعات 49.5 مليون طن في 2017 وهو العام الأخير قبل تشغيل مصنع بني سويف، وتضررت مبيعات العام الماضي من جائحة فيروس كورونا.

وبالطبع يضم قطاع الأسمنت العديد من الشركات الأجنبية العاملة في ذلك القطاع كمؤشر لانفتاح مصر على الاستثمار الخارجي، حيث تستثمر شركات أسمنت أجنبية مثل هايدلبرج سيمنت الألمانية، وفيكات الفرنسية، ولافارج هولسيم السويسرية، وتيتان سيمنت اليونانية، وسيمكس المكسيكية، بكثافة في مصر بعد حملة خصخصة بدأت في التسعينيات.

 إنسحاب بعض الشركات
ويظن بعض المسئولين أن ذلك القرار على غير رغبة الشركات الأجنبية بسبب أن بعض مسئولي هذه الشركات قد صرح بذلك، والحقيقة أن ذلك القرار لم يظهر سوى بسبب هذه الشركات التي استقرت على ذلك القرار بل ونفذته بالفعل قبل صدور القرار بشهور حفاظا على مواردها المالية من التدهور؛ مما يجعل هذا القرار قرارا دوليا متفقا عليه بالفعل، ففي شهر فبراير الماضي توقع خوسيه ماريا ماجرينا، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة السويس للأسمنت، إغلاق المزيد من شركات الأسمنت في مصر وانسحاب أسماء جديدة من السوق، نظرا لصعوبة الأوضاع التي تمر بها الصناعة في مصر.

واستبعد مارجرينا أن يشهد سوق الأسمنت المصري عددا من صفقات الاندماج والاستحواذ في تلك الفترة، وقال: "لكنني أتوقع انسحابات من السوق وإغلاقات، لأن الوضع لا يحتمل، فنحن نواجه مشكلات لا تساعدنا في الاستدامة والبقاء على قيد الحياة.. البيئة الحالية لا تسمح بعمليات الاستحواذ والاندماج".

وذكر وقتها أن صناعة الأسمنت في مصر تواجه تحديات ناجمة عن زخم في الإنتاج لا يتماشى مع الطلب، حيث يتجاوز الإنتاج 81 مليون طن سنوياً والاستهلاك لا يزيد عن 50 مليون طن. وخسرت مجموعة السويس للأسمنت 1.179 مليار جنيه في العام 2019، قبل أن تتفاقم الخسائر في العام الماضي 2020، لتبلغ في الربع الثالث فقط 889 مليون جنيه.

إنخفاض الطلب على الأسمنت
وأوضح الرئيس التنفيذي لمجموعة السويس للأسمنت في مصر أن المجموعة خففت من قدراتها الإنتاجية، بعدما شهده السوق في الأعوام الخمسة الأخيرة من انخفاض في الطلب بنسبة 5% إلى 6%، مما أدى لفائض لا يمكن تصديره، ودفع أغلبية الشركات لإعادة دراسة عملياتها لتقليص التكاليف لأقصى قدر ممكن. وبحسب مارجرينا، أغلقت مجموعة السويس للأسمنت أحد مصانعها الأربعة في مصر، وركزت إنتاجها على المصانع الثلاث المتبقية، بسبب صعوبة الحالة في قطاع الأسمنت بمصر على المستوى المالي، وكل النواتج في السنوات الماضية كانت تواجه تحديات. وقامت شركة السويس للأسمنت بشطب أسهمها اختياريا من البورصة المصرية. وبحسب شركة مصر للمقاصة والإيداع والحفظ المركزي، كانت النسبة المتداولة من أسهم السويس للأسمنت 16.6% يحوزها 3568 مساهما.

إذا فقد عانت الشركات الأجنبية والمصرية من صعوبة زيادة العرض على الطلب بنسب كبيرة جدا، وبدأت بالفعل بعض الشركات تخفيض إنتاجها منذ شهر فبراير الماضي لتأتي في شهر يوليو الحالي موافقة جهاز حماية المنافسة المصري على طلب 23 شركة منتجة للأسمنت في البلاد بتخفيض الطاقة الإنتاجية بشكل مؤقت، محددة خط أساس عند 10.69%.

وقد ذكر قرار جهاز حماية المنافسة المؤرخ بتاريخ الخامس من يوليو الجاري، إنه ستكون هناك تخفيضات إضافية بنسبة 2.81% لكل خط إنتاج وتخفيضات أخرى اعتمادا على الشريحة العمرية للشركة. وذكرت الوثيقة، أن تخفيضات الإنتاج ستدخل حيز التنفيذ في 15 يوليو وتظل قائمة لمدة عام. وبالطبع فقد بدأت التخفيضات في إنتاج الشركات منذ أشهر مضت وقبل هذه الوثيقة أو الموافقة التي مكنتها على إظهار وضع قائم بالفعل .

ومن جهته ذكر رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، إن قرار خفض إنتاج الأسمنت لم يؤخذ رأي الشعبة فيه. وسيعقد اجتماع شعبة مواد البناء لمناقشة تداعيات القرار وتأثيره على السوق المستهلك بصفة عامة، وأضاف أن القرار تسبب في زيادة سعر طن الأسمنت ببعض الشركات بالأسواق 50 جنيهًا للطن قبل تطبيقه، مما سيضر المستهلك.
الجريدة الرسمية