رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى العاشر من رمضان.. البطل إسماعيل بيومي يروي لحظات انهيار أسطورة إسرائيل الزائفة

البطل إسماعيل بيومي
البطل إسماعيل بيومي
يوافق اليوم العاشر من رمضان ذكرى انتصار مصر على العدو الإسرائيلي، وجاء اليوم الذي انتظره المصريون واستعد له الجيش بكل طاقاته بعد تدريبات قاسية استمرت 6 سنين، بسيناء الحبيبة في الأسر، حيث تمكنت قواتنا المسلحة من عبور قناة السويس التي وصفها العدو الاسرائيلي بأكبر مانع مائي في العالم محطمين خط بارليف أكبر ساتر ترابي و الذي يمتد بطول نحو 160 كم من السويس جنوبا  الي بورسعيد شمالا على الضفة الشرقية للقناة. 


هذا المانع الذي كانت تفتخر به إسرائيل بأن مصر لن تستطيع عبوره إلا من خلال القنابل الذرية الباهظة الثمن، ومصر لا تمتلكها أبدا سنوات من التدريبات الشاقة التي شكلت كيان المقاتل المصري ليستعيد أرضه وكرامته، فالمعركة لم تكن معركة سهلة لأنها كانت معركة وجود للشعب المصري بالكامل، وكسر شوكة اسرائيل التي فرحت بنصر ضئيل في 67 واحتلت بعض الأراضي العربية. 

وظنت نفسها سيد المنطقة، ولكن الجيش المصري أعاد إليها رشدها ولقنها درسا لن تنساه حتى آخر جندي شارك في هذه الحرب بسبب الكوابيس التي تلاحقهم منذ ذلك التاريخ، خلال السطور التالية يروي لنا أحد أبطال سلاح المهندسين، كيف قاموا بهدم أسطورة الجيش الإسرائيلي وحطموا خطه المنيع بخراطيم المياه؟ 



قال البطل إسماعيل بيومي أحد أبطال سلاح المهندسين، ومصابي العمليات الحربية في حرب أكتوبر: بعد انضمامي إلى القوات المسلحة تم الحاقي بسلاح المهندسين، وكان مركز تدريبي في الهرم هناك بدأنا التدريب على عبور الساتر الترابي الذي كنت أراه، وأنا في منزلي بالاسماعيلية واتمنى عبوره ولكن هناك  أساطير نسجت عنه فهو ساتر ترابي بارتفاع كبير بميل لا يستطيع أي جندي يحمل ذخيرة عبوره. 

بالإضافة إلى أن أسفل القناة إسرائيل وضعت مواسير موصلة بصهاريج من النابالم إذا حاول الجيش المصري الاقتراب من القناة تفتح النابالم في المواسير فتشوي من في القاع، بالإضافة إلى النقاط القوية المحصنة التي إقامتها إسرائيل بعد احتلالها لسيناء لرد أي هجوم مصري لعبور القناة كل هذه التكاليف، التي قامت بها إسرائيل وكلفت بها المانع الأسطورة قام البطل باقي زكي يوسف أحد قيادات سلاح المهندسين في الكتيبة 19 بفكرة كانت معجزة حرب أكتوبر الحقيقية وهي خراطيم المياه لإزالة الساتر الترابي هذه الفكرة التي استوحاها من بناء السد العالي وهو مهندس فيه قبل التحاقه بصفوف القوات المسلحة وهي إزالة الأتربة والرمال بخراطيم المياه السريعة.

وتابع: تم تدريبنا في سلاح المهندسين من عام 1969 وحتى حرب أكتوبر على عبور الساتر الترابي وإزالته بالمياه في أماكن شبيهة بالقناة والضفة الغربية في منطقة الخطاطبة وبني سلامة والبعالوة في الإسماعيلية وجزيرة البلاح كل هذا من أجل العبور العظيم  72 مشروعا حضرتهم خلال 4 سنوات. 

وأضاف: كنا نتدرب في جزيرة البلاح أمام العدو بالقرب من مدينة القنطرة وكنا نشعر أنه يستهزئ بحجم قوتنا من الغطرسة التي كانت تسيطر عليهم والثقة الشديدة بدفاعياتهم التي أعدوها بملايين الدولارات، وفعلا نجحت التجربة وأذهلت العالم، وأسطورة إسرائيل في خط بارليف أسقطها الجندي المصري بمياه القناة وعبرناها خلال 6 ساعات.

واستطرد بيومي: إننا  تدربنا على العبور عشرات المرات، وكان سلاحي سري جدا لأنه المفاجاة التي ستنهي أسطورة إسرائيل في شهر مارس 73 تحركنا من الجيزة إلى مقر كتيبتي في منطقة الروبيكي التابعة للجناين بالجيش الثالث بالسويس، ثم إلى معسكر الشلوفة ومعنا كل معدات العبور وكنا ننفذ المشروعات حتى أول يوم رمضان كنت يومها خدمة تدريب على معدات العبور، وفجأة وجدت الطيران المصري يحلق فوق رؤوسنا متجها إلى سيناء فعلمت أننا الآن لسنا في مشروع عادي بل إنها ساعة الصفر.

واستكمل: وارتفعت أيادينا أنا وزملائي للسماء نحيي الطيران مهللين في صوت واحد الله أكبر ..الله أكبر كلمات ارتفعت لعنان السماء تزلزل الأرض تحت العدو الإسرائيلي وبدأت المدافع تزغرد في صوت رهيب وسعيد ترتعش الأرض لها لا أستطيع أن أصف شعوري وقتها وبدأت أتسلم معدات العبور وذاكرتي تفر الأحداث أمامي وكأنها شريط، أخيرا  سنعبر القناة وتعود أسرتي التي تركت الإسماعيلية منذ 8 سنوات إلى منازلنا ونلتم أنا وأخواتي، فكنا 4 في الجيش أنا وأخواتي الاثنين مرة واحدة محمد في الدفاع الجوي، وطلعت في الضفادع البشرية وابن أختي أحمد من الذين بنوا قواعد الصواريخ.

أخيرا بعد أربعة أعوام من التدريب جاء اليوم الذي كنا نحلم به وكان دوري وقتها فتح الثغرات أنا وزملائي لإزالة الساتر الترابي عبرت القناة الساعة 2 ونصف وأزلنا الساتر الترابي وأقمنا أول معبر الذي عبرت عليه الفرقة 19 بقيادة بطل سلاح المهندسين اللواء أحمد حمدي قائد سلاح الكباري. 

وفي اليوم الثاني بدأ عبور المدرعات منذ الصباح وكانت بعض قوات المشاة عبرت فعلا لتعطيل مدرعات العدو من الاقتراب إلى المعبر ولكنهم كانوا محاصرين من على الأجناب العدو يصب غضبه عليهم وعلينا وفي هذا اليوم كنت مكلف بنقل بعض المعدات بلنش سقط علينا أحد الصواريخ فطار اللنش بما فيه ووجدنا أنفسنا في المياه أغطس وحولي لهب ودماء ظللت أسبح حتى وصلت إلى منطقة الجناين نمنا هناك في قناة مياه من كثرة ضرب العدو المكثف علينا. 

وكنت مصابا بشظايا في عيني وأماكن متفرقة من جسدي، واستشهد اثنان من زملائي في هذه الحادثة، وعند طلوع الفجر ذهبت إلى سريتي، وقام الدكتور الميداني بعمل إسعافات أولية وضمادة على الوجه وحاول القادة إخلائي من الموقع ولكني رفضت وقلت سأظل مع زملائي في عملية الفتح الثاني، وواصلنا العمل بالليل والنهار لإقامة المعابر.
الجريدة الرسمية