رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

زيادة إيجارات أراضى الأوقاف تخنق المزارعين في المحافظات .. تضاعف الأسعار في الغربية 6 مرات.. وأهالي المنيا يستغيثون بالرئيس

محمد مختار جمعة وزير
محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
قبل عشرات السنين.. تنازل عدد كبير من أعيان مصر وأثريائها، عن مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية في مختلف المحافظات، لتكون وقفا للفقراء، يزرعونها ويقتاتون من ريعها، على أن يدفعوا إيجارا رمزيا لتلك الأراضي.


وتولت وزارة الأوقاف تنظيم عملية تقسيم وتوزيع تلك الأراضى، وتحديد القيمة الإيجارية وتحصيلها سنويا، وذلك من خلال هيئة خاصة هي «هيئة الأوقاف».. ولسنوات طويلة ظل المنتفعون من تلك الأراضى يدفعون الإيجارات الرمزية دون مشكلات تذكر.. إلا أنهم فوجئوا في الآونة الأخيرة بهيئة الأوقاف ترفع القيمة الإيجارية بشكل مبالغ فيه، ووصل الأمر إلى مضاعفتها 5 أضعاف في بعض المناطق.. حاول المزارعون التفاوض مع هيئة الأوقاف للإبقاء على الإيجار في حدوده المعقولة وبما يتفق مع الهدف الأساسي من «وقف الأراضي للخير»، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل.

«فيتو» في التقرير التالى ترصد معاناة بعض مستأجرى أراضي الأوقاف.

الغربية: الإيجارات تضاعفت 6 مرات

في محافظة الغربية.. الجميع يعلم جيدا «أحمد باشا المنشاوي»، فالرجل كان من أعيان المحافظة مطلع القرن العشرين، وذاع صيته في القرى بعد أن خصص مساحات شاسعة من أراضيه لأعمال الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين، ومنح تلك الأراضي للفلاحين يزرعونها ويستفيدون من ريعها، ثم تولت وزارة الأوقاف تنظيم تلك العملية، وبدأت في تحصيل مبالغ رمزية من المزارعين كقيمة إيجارية سنوية.

ومؤخرا، فوجئ المستفيدون من وقف أحمد باشا المنشاوي، بمضاعفة قيمة إيجار الفدان سنويا بنحو 7 أضعاف وهى زيادة يراها المزارعون مبالغ فيها للغاية، ولا تتناسب أبدا مع كون تلك الأراضي مخصصة للفقراء والمعدمين، خصوصا مع ارتفاع تكاليف الزراعة.

يقول "محمد أحمد" أحد مستأجرى أراضى الأوقاف أن هذه الأرض مستأجرة من هيئة الأوقاف المصرية منذ عشرات السنين أيام أجدادنا وكانت القيمة الإيجارية 600 جنيه للفدان، ولكنها كانت تزيد على فترات حتى وصلت قيمة الإيجار ٧٢٠٠ جنيه للفدان في العام. وأضاف أن مستأجرى أراضى الأوقاف كان قد سبق لهم استخراج بطاقات حيازة زراعية للأراضى كان يتم صرف الأسمدة بها ولكن تم سحب هذه البطاقات منذ ٤ سنوات.

وتم تشكيل مجلس قروى لصرف الأسمدة اللازمة للمحاصيل من الجمعية الزراعية إلا أنهم فوجئوا بوقف صرف الأسمدة لهم لعدم استخراج كارت الصرف الذكى للأسمدة لمستأجرى أراضى الأوقاف.

فيما يقول "عصام إبراهيم" أنه مستأجر فدان و 14 قيراطا من هيئة الأوقاف المصرية منذ أكثر من 30 عاما، وكان الإيجار في متناول يده حتى ارتفع الإيجار لـ٧٢٠٠ آلاف جنيه سنويا، فضلا عن عدم صرف الكيماوى للمحاصيل.

وقال" بعت الجاموسة اللى حيلتى علشان أسدد الديون اللى عليا وطالبين منى 5 آلاف جنيه الباقيين كمان علشان أعرف أصرف حصتى من الكيماوى.. ده يرضى مين؟ مع العلم أن محصول الأرز لم يوفر له أي مكسب بل قام بتوفير مال إضافي على ثمنه لسداد مستحقات هيئة الأوقاف المصرية.

ويطالب إبراهيم أحمد أحد المزارعين وزير الأوقاف ورئيس هيئة الأوقاف المصرية بالنظر في شكاوى مستأجرى أراضى الأوقاف وتخفيض القيمة الإيجارية وحل مشكلة صرف الأسمدة الزراعية حتى يتسنى للمزارعين صرف الاسمدة اللازمة للمحاصيل، حتى لا تتعرض أراضيهم للبوار.

المنيا

محافظة المنيا.. واحدة من المحافظات التي يوجد بها آلاف المزارعين المستفيدين من أراضى الأوقاف، وظلوا لسنوات طويلة يدفعون قيمة إيجارية مقبولة ومناسبة لهم، إلا أنهم فوجئوا خلال الفترة الأخيرة، بقرار زيادة الإيجار بشكل كبير، وهو ما أثار حالة من الاستياء بينهم، خصوصا وأن إمكاناتهم المادية لا تسمح بزيادة الإيجار في الوقت الحالي.

«ولا عارف ألاقيها منين ولا منين.. الأوقاف من ناحية والسوق السودة للأسمدة من ناحية».. تلك الكلمات التي تحمل بين طياتها حسرة كبيرة على مدى الحال التي آلت إليه الظروف نطق بها "محمد رأفت" مزارع، واصفًا رفع هيئة الأوقاف سعر إيجار أرضها للمنتفعين إلى 4000 جنيه في العام.

ويوضح رأفت خلال حديثه مع "فيتو"، أن المزارع بين الحين والآخر يستقبل صدمات عدة ما بين الأسمدة المغشوشة وارتفاع أسعارها بالسوق السوداء، ناهيك عن مشكلات وزارة الري والشكاوى التي لم يستجب لها أحد، وضعف الإنتاج السنوي للحصول لتطل علينا هيئة الأوقاف برفع سعر إيجار أرضها للمنتفعين إلى 4000 جنيه في العام، متسائلاً كيف لمزارع مكسبه في الفدان الواحد في محصول مثل محصول القمح 3200 فقط يقوم بدفع قيمة إيجارية لهيئة الأوقاف 4000 جنيه؟!.

واصفًا الوضع الحالي بـ موت وخراب ديار، على حد تعبيره، مناشدا الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية التدخل لخفض نسبة القيمة الإيجارية التي حددتها هيئة الأوقاف، «أدخل ياريس»، على حد تعبيره. ويلتقط أطراف الحديث "سمير عبد النعيم" ، مزارع، قائلا: إنه في حالة تطبيق هذا القرار على مستأجري أرض الأوقاف ستحدث مشكلة كبيرة لهؤلاء المزارعين، ولا بد من الدراسة جيداً قبل تطبيق هذا القرار الذي هو أشبه بقرار ذبح مزراعي مصر، على حد تعبيره.

وقال: "نحن كمزارعين نعاني من إيجار مرتفع وعائد الأرض لم يعد كافيا، خصوصا فى ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة من أسمدة ورى وغيرها" وفي سياق متصل، قال عزت عزيز كامل، أحد مستأجرى أرض الأوقاف: نستطيع أن نطبق هذا القرار ولكن هل لدى هيئة الأوقاف علم تام بأن جميع مستأجري أراضيها من المزارعين هم من أفقر طبقات المجتمع وأفقر طبقة بين المزارعين، هذا القرار سيؤدي إلى سجن المزارع أو إعادة الأرض إلى هيئة الأوقاف لا خيار ثالثا بعد هذا، إما السجن أو ترك مصدر رزقك الوحيد.

هل المزارع المصري الذي يتحمل أعباء زيادة الأسعار ورفع القيمة الإيجارية من قبل هيئة الأوقاف والسوق السوداء للأسمدة وعطش الأراضي من قبل وزارة الري هل بعد كل هذا يكون مصيره إما السجن أو الشارع. وأنهى عزيز حديثه قائلا : خرج علينا المهندس صلاح عبده الجنيدى، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المالكة لأرض الوقف بتصريحات يؤكد فيها أنه فى حالة اعتراض المستأجر على قرار اللجنة يمكن طرح الأرض للإيجار بالمزاد العلنى، تحقيقًا لأقصى درجات العدالة والشفافية، متساءلاً أين العدل وأين الشفافية في هذا القرار القاتل للفقر مزارعي مصر.

تجدر الإشارة إلى أن المهندس صلاح عبده الجنيدى، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المالكة لأرض الوقف، وأكد فى تصريحات صحفية بأن مال الوقف هو مال الله وهو محبوس على ما وقف له، وينبغى الحفاظ على مقاصد الواقفين وعدم تضييع الغرض الذى قصد إليه الواقف، وعدم قصر منفعة الوقف على آحاد الناس دون عمومهم، وأضاف الجنيدى، أن قيمة مال الوقف تستوجب وتتطلب مراعاة القيمة العادلة فى كل ما يتصل بمال الوقف، سواء فى استبداله أو إيجاره أو فى سائر التعاملات المرتبطة به، وفى ضوء ثوابت الشرع وأحكام القانون معًا.


بنى سويف

من جانبهم طالب مستأجرو أراضي الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بإعادة النظر في قرار رفع القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية المؤجرة لهم من هيئة الأوقاف، بما يناسب حالتها خاصة أنها قد تتعرض للبوار حالة تخلي المزارعين عنها، نتيجة الظروف التي تمر بها البلاد من إجراءات لمواجهة جائحة فيروس كورونا، وما أضفته على الحالة المعيشية والاقتصادية.

،وقال سيد محمود، مزارع، بحوض الخديوي زمام النواميس مركز الواسطي، إن آلاف المزارعين من المستأجرين يستغيثون من رفع قيمة الإيجار، لافتا إلى أن المستأجرين تقدموا باستغاثة إلي نقابة الفلاحين لمناشدة وزارة الأوقاف بخفض القيمة الإيجارية، وإعادة النظر في قرار زيادتها الذي وصل إلى 7 أضعاف، بعد أن وصلت القيمة الإيجارية للقيراط إلى 350 جنيها.

وأضاف مزارع بني سويف، إته والمئات من مزارعي المحافظة مهددون إما بالطرد من الأرض أو دفع الإيجار، متسائلًا "هل هذا جزاء الفلاح الذي وقف بجانب وطنه ولم يخرج في مطالبات فئوية وساند قيادته السياسية؟" خاصة في ظل ما تعرض له الفلاح خلال فترة جائحة كورونا، فضلًا عما يتكبده جراء قرارات الإصلاح الإقتصادي، التي ترتب عليها زيادة تكلفة الزراعة والري بعد زيادة أسعار التقاوي والمعدات الزراعية وقطع غيارها، ورفع الدعم عن أسعار السولار.

وتابع: مؤجرو أراضي الأوقاف يعيشون من إنتاج هذه الأراضي منذ الخمسينيات ومعظم هذه الأراضي قليلة الخصوبة ذات إنتاجية ضعيفة ومع تدني أسعار المنتجات الزراعية فإننا بين نارين إما ترك هذه الأراضي والبحث عن أعمال أخري أو التستمرار وجني الخسائر، مطالبًا وزارة الأوقاف بخفض القيمة الإيجارية حتى لا تتعرض هذه الأراضي للبوار.

الدقهلية

تعد محافظة الدقهلية من أكبر المحافظات فى مساحة الأراضى التابعة لوزارة الأوقاف ويعانى المزارعون المستأجرون لتلك الأراضى من ارتفاع الإيجارات فى الفترة الأخيرة، فيما تبلغ مساحة الرقعة الزراعية التابعة لوزارة الأوقاف بمحافظة الدقهلية ما يقارب الـ 20 ألف فدان ما بين أراض خصبة ومنزرعة ورملية.

وتعد مدينة المنصورة وقراها أكبر المراكز الحائزة لأراضى الأوقاف وخاصة قرى البقلية ومنية سندوب وفى غضون عام 2012 كان إيجار الفدان الأرض الزراعية المملوكة لوزارة الأوقاف نحو 1000 جنيه ثم بدأ فى الارتفاع ليصل مايقارب 9 إلى 10 آلاف جنيه حسب موقع الأرض.

وترتفع نسبة الإيجارات لأراضى وزارة الأوقاف مابين 700 جنيه إلى 1000 جنيه سنويا على حسب مكانها ونوعها. وقال عبدالمجيد شلبى أحد مزارعى قرية منية سندوب التابعة لمركز المنصورة وأحد مستأجرى الأراضى الزراعية التابعة لوزارة الوقاف وفى حيازته فدانين من الأراضى التابعة لها أنه مستأجر منذ ما يقارب ال20 عاما و أنه بدأ الإيجار بمبغ 2000 جنيه حتى وصل إيجار الفدان إلى 9 آلاف جنيه سنويا.

وأشار "شلبى" إلى ان الزيادة السنوية تقدر بدون معايير وأنهم يفاجأون بالزيادة وقت دفع القيمة الإيجارية، مشيرا إلى أن السداد يتم عن طريق 3 أقساط، وأن المزارع يقع على عاتقه هم جمع الإيجار وأن ازراعة تكون مرتين فى العام فكيف لهم بالقسط الثالث والمحصول لا يكفى لسداد القيمة الإيجارية، وأنهم مهددون بالسجن لعدم قدرتهم على توفير القيمة الإيجارية.

وأكد على مرق أحد مزارعى قرية منية سندوب أن القيمة الإيجارية كبيرة ولا يستطيعون جمعها، مشيرا إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والبذور وأن المحصول لا يغطى المصروفات والإيجار.

وأشار "مرق" إلى الزيادة المستمرة فى أسعار الإيجارات لأراضى الوقف، وأنهم لم يعودوا قادرين على السداد مع تكاليف الزراعة والرى المرتفعة، مشيرا إلى ضعف إنتاجية الفدان وارتفاع أسعار البذور والأسمدة والتقاوى ومصاريف الرى والزراعة والحصاد.

وأضاف الباز نصر أحد المزارعين المستأجرين لأراضى الأوقاف بالدقهلية إن الإيجارات ارتفعت من 2000 إلى 10 آلاف جنيه سنويا للفدان، ما جعل سداد الإيجارات أمرا صعبا على عاتق المزارعين، وتابع: "مبقيناش قادرين عالسداد وهانتحبس" ، مؤكدا أن المحصول لا يكفى لسداد الإيجار، وأن الزراعة لم تعد مربحة ولا تكفيهم قوت يومهم، وأعرب "الباز" عن استيائه الشديد من الزيادات السنوية للقيمة الإيجارية بالرغم من الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد والعالم أجمع.

نقلًا عن العدد الورقي...،
Advertisements
الجريدة الرسمية