رئيس التحرير
عصام كامل

المؤامرة الكبرى.. الإسلام السياسي.. عدو مصر التاريخي.. الإخوان كانوا مخلب قط للدولة العثمانية.. والجماعة تخون حلم 25 يناير

شعار جماعة الإخوان
شعار جماعة الإخوان

تحديات جسيمة ومتزامنة تمر بها القاهرة، ربما لم تمر بها من قبل في العصر الحديث على الأقل.

 

إرهاب في الداخل تغذيه عناصر الإسلام السياسي وجماعة الإخوان والأطراف الداعمة لها والتي لا تريد الخير لمصر، وحرب محتملة على الحدود الغربية؛ بسبب أطماع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان في البترول الليبى وتهديده للأمن القومى المصرى، وأطماع تركية أخرى في الغاز المصرى بسواحل البحر المتوسط.

 

سد النهضة

 

أما المعركة الأصعب فتتجسد في سد النهضة بما يمثله من تهديد كبير للأمن القومى المائى للبلاد.

 

اللافت أن تلك التحديات تأتى في توقيتات متزامنة، ما يجعل التعامل معها أكثر صعوبة، فتبدو وكأنها مقصودة أو جزء من مؤامرة كبرى تستهدف أم الدنيا التي كانت ولا تزال هدفًا لقوى الشر.

 

أعداء مصر يريدون استنزاف جيشها صاحب المركز الأول في الشرق الأول واقتصادها على 4 جبهات إقليمية على الأقل في آن واحد حتى يدفع فاتورة استنزاف من مال وسلاح ودماء، بحيث تصبح أولوية البلاد ليست الإصلاح الشامل وتصحيح أوضاع خاطئة دامت عقودًا، ولكن المواجهة الشاملة.

 

لا يروق لأعداء ثورة 30 يونيو 2013 أن تمضى مصر في طريقها قدمًا في مسيرة البناء والتنمية وكسر شأفة الإرهاب وتجفيف ينابيعه، فلا يزالون ينفخون في نيرانه ولكنهم كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله، وأطفأها المصريون الذين استوعبوا ما يحبط ببلادهم من مخططات آثمة وغاشمة. ويرفض الرئيس السيسي - رغم تعاظم المؤامرة ووضوح أهدافها لكل ذى عينين - ابتلاع الطعم الذي يتقاذفه خصوم مصر إقليميًا ودوليًا، ويتعامل مع كل المستجدات بهدوء شديد، ويؤكد في غير مرة أن جيش مصر رغم جاهزيته وقوته هو جيش رشيد يدافع ولا يعتدى على أحد.

 

وعبر صفحات هذا الملف.. تناقش "فيتو" كل هذه التحديات التي تحاصر القاهرة وسبل تجاوزها وكل السيناريوهات المحتملة خلال المستقبل القريب..

 

الإسلام السياسي

 

قبل سنوات كان الإسلام السياسي في مصر وكيفية التعامل معه محل تساؤلات وصراعات ‏كبرى بين التيارات المدنية التي رفض بعضها استمراره والتعاون معه مرة أخرى، وطالبوا ‏بإقصائه، فيما رفض البعض هذا النهج وطالبوا بإعادة دمج الإسلاميين في التجربة ‏الديمقراطية والاكتفاء بعزلهم عن الحكم.

 

ووسط هذا وذاك ظهر الوجه الآخر للإخوان، ‏وما يسمى بالعثمانية الجديدة، التي أكدت أن الأزمة لا تكمن في مجرد إبعادهم عن حكم فشلوا ‏فيه، ولكن المشكلة الأكبر في استخدام الديمقراطية سلما لتنفيذ مخططاتهم بالمنطقة.

 

ومع الوقت انكشف للعالم المشروع وأهدافه، الذي ينتمي إلى منهج استعماري، يريد تسليم ‏البلدان الإسلامية كلها إلى دولة تركيا، التي بدَّلت جلدها تماما، ولجأت إلى تسويق العثمانية ‏الجديدة للحالمين بمجد الإسلام حتى تعيد لبلدها تاريخها القديم، على حساب كل بلدان العالم ‏الإسلامي، الذي سيصبح مجرد «إيالات»، أو دول تابعة تدور في فلك الخليفة العثماني ‏‏"أردوغان".

 

وكما هو معروف دائمًا مصر هي حجز الزاوية في المنطقة، فكما كانت مهد الفكرة الإخوانية، ‏ومنها بُعث العُثمانيون من مرقدهم في تركيا، أصبحت الآن مقبرة الإخوان والعثمانية ‏الجديدة، وأهم معول لهدمها، ومنها أيضا عرف العالم كله خطورة الفكر الديني على سلامة ‏قومية الدولة وسيادتها السياسية. ‏

 

الإخوان.. مخلب قط لإعادة العثمانية

 

عاش الإخوان لعقود وهم يوهمون العالم كله بمظلوميتهم، فهو التنظيم الذي قاتل وسجن ‏وقمع بشدة في عهد ناصر، وأطُلق سراحهم ليبرهنوا على سلميتهم، بعدما اندمجوا في اللعبة ‏السياسية بداية من الفرصة التي أعطاها لهم السادات، واستكملها مبارك.‏ من شعارات الإسلام هو الحل، الذي كان يعرف معناه الحقيقي كل باحث جاد، وكل الذين قرأوا ‏منهج الجماعة ويعلمون أغراضها الحقيقية.

 

وعد الإخوان بمستقبل مشرق للشعب المصري، ‏وكل البلدان التي اخترقوها منذ نحو 80 عاما، واستخدم الإخوان هذه القصة المثالية، لاختراق كل دول الخليج، واستغلوا عدم وجود فكر ‏سياسي بديل يستطيع تقديم رؤية سياسية للشعوب العربية، ولهذا أصبح الإخوان وكل ‏التيارات التي تدور في فلكها، المستقبل المشرق في الخيال السياسي لأبناء العالمين العربي ‏والإسلامي.

 

ولعبت الجماعة على عمل حالة من التناغم بين الشريعة والديمقراطية، واستمرت في ترويج ‏هذه الأكاذيب، حتى جاء الاختبار التاريخي لهم في ثورات الربيع العربي، لتسقط أخلاقيتهم ‏المزعومة ويظهر التنظيم على حقيقته، ويفهم العالم جوعهم للسلطة حتى ولو على أنقاض ‏الدول والبلدان العربية.

 

خيانة 25 يناير

 

‏قصة اختبار الإخوان، بدأت من ميدان التحرير خلال فترات ما قبل وما بعد إسقاط نظام ‏مبارك، حيث أعلن الإخوان بوضوح أنهم مع إرادة الشعب، توددوا للمصريين وللقوى ‏السياسية وقالوا نحن لسنا الأغلبية ولا نريد تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.‏

 

مع إسقاط مبارك، بدأت الجماعة تكشر عن أنيابها الحقيقية، سعوا للكرسي بأي ثمن، سقط ‏خيرت الشاطر من حسابات الموقع الرفيع لسبب أو لآخر، ليخرج المرشح الاحتياطي ‏للجماعة، الذي لم يكن معروفا لأحد، ولا يملك إلا سجلا سياسيا ضعيفا ومواصفات شخصية ‏لايمكن أن تنطبق على رئيس دولة، تملك من المشكلات والتعقيدات بما لا يوجد في أي دولة ‏بالعالم.

 

‏وفي يونيو 2012، وفي واحدة من غرائب السياسة التي لم تكن متوقعة على الإطلاق، أصبح ‏الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي، في قصر الاتحادية، جرى انتخابه بأغلبية ضيقة تبلغ ‏‏51.7٪ من الأصوات في منافسة صعبة للغاية مع الفريق أحمد شفيق، الذي اعتبرته الكتل ‏الثورية من فلول النظام السابق ولا يمكن بأي حال إعادته للحكم.

 

عهد مرسي

 

بدأ مرسي بإعطاء تطمينات لا حصر لها باحترام الحريات الفردية والجماعية، ولكن لأن ‏الشيطان يكمن في التفاصيل، لم يطمئن له الكثير من المصريين، وخاصة بعد سلسلة ‏الانتهاكات التي قامت بها الإخوان، وخالفت بها الإجماع الوطني، بداية من إعلان 19 مارس ‏‏2011 ــ بعد شهرين فقط من سقوط مبارك ـ للتكويش على السلطة.

 

كان الإخوان رفضوا السير في إجراءات كتابة دستور يجتمع عليه المصريون، ووسط دعاية ‏دينية بامتياز واعتبارها "غزوة صناديق" فاز المنطق الإخواني بنسبة 77.2٪، واستغلت ‏الإخوان كل ثقلها وأعوانها من السلفيين لتمرير رغباتهم، وحتى يتبين للجميع مدى قوتها ‏على الحشد والحسم.

 

بعد شهر ونصف الشهر بالضبط بدأت الجماعة في جني أرباحها، وتراجعت عن تعهداتها بعدم ‏ترشيح رئيس إخوني لمقعد الحكم، وقدمت بدل المرشح اثنين، الأول النائب الأول لمرشد ‏الجماعة خيرت الشاطر، ووضعت بديلا له في سابقة عجيبة تؤكد ولعهم بالسلطة بأي ثمن.

 

‏ورشحت على بطاقة الاحتياطي رئيس حزب الحرية والعدالة المنحل النسخة المستوحاة من ‏حزب العدالة والتنمية في تركيا، ومع وصول "الرئيس الاحتياطي" إلى السلطة، أصبحت الإخوان أكثر وضوحًا، وتكشف ‏للجميع أنها تحصل على معونات ضخمة من قطر وتركيا وأذرعها في الخليج لترسيخ ما هو ‏أكبر من مشروع الحكم في مصر.

 

وظهر هذا من حجم التغطية الإعلامية والدعاية الانتخابية ‏التي فاقت جميع منافسيها أضعاف مضاعفة، ليعرف العالم أن المشروع دولي بالفعل، ‏ولايقتصر على تعزيز وترسيخ التجربة الديمقراطية المصرية، ولم يكتف الإخوان بالرئاسة وحسموا أيضا البرلمان بمساعدة حلفائهم في السلفيين، وفازوا ‏معا بما يقرب من 80٪ من مقاعد مجلس الشعب.

 

وبدلا من التمثيل المتكافئ لكل أطياف ‏الثورة، تطور الأمر لتشهد مصر صراع جديد وهو الصراع بين الإخوان والسلفيين على ‏الزعامة والمكاسب والتوغل أكثر في عمق المجتمع ليحسم الإخوان مشروعهم في مصر على ‏أسس إخوانية تتحرك بها نحو الإقليم وخلق هذا الصراع خلق حالة من السيولة الشديدة في التطرف، إذ أصبح المزايدات بينهم على من ‏سينادي بالشريعة، والتطبيق الفوري للجهاد.

 

وبدأت التيارات الثورية تفهم جيدا حجم ‏المؤامرة التي رسمت لهم، ومن هم تحديدا الذين خاطروا بحياتهم لأجل تمكينهم، بدلا من فتح ‏آفاق جديدة للشعب المصري، وأغلبهم خرج من السباق الانتخابي بأيد فارغة تقريبًا.

 

‏من الفرعون.. إلى الخليفة ‏

 

في غضون بضعة أشهر، لم ترتو الجماعة من السلطة، وأصبح تعطشها للمزيد لا حدود له؛ ‏سيطرت على الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، وتم إقصاء قادة الجيش، وبعد ذلك تحرشت ‏بالنائب العام آنذاك عبد المجيد محمود، لتدور بين الجماعة والقضاء حرب شرسة انتهت ‏بانتصار القضاء وإعادة محمود لموقعه مرة، ولكنها تركت شرخا لا يمكن التعامي عنه مع ‏واحدة من أهم مؤسسات القوة في البلاد.

 

نجحت الإخوان في تمرير الدستور بـ 63.8 % من الأصوات في مناخ مليء بالعنف ‏والاحتجاجات، وبدأت مصر تدخل مرحلة اللاعودة، المجالس القومية المتخصصة، ‏والعلمانيون، واليساريون، والأقباط، والليبراليون، بالإضافة إلى العديد من منظمات المجتمع ‏المدني في جبهة، والإخوان وكل التنظميات الموالية لهم تكتلوا في جبهة أخرى. ‏

 

أدركت التيارات المدنية أن الإخوان، تطير بسرعة مذهلة نحو تمهيد الطريق لأسلمة التشريع ‏كخطوة أولى لأسلمة الدولة ومؤسساتها، لتبدأ سلسلة مضادة من التصعيد ضدهم، وقصت ‏الناشطات شعرهن في ميدان التحرير احتجاجا على التحرش الجنسي الذي تعرضن له طوال ‏عملية الاستفتاء، ورفضا لانتهاكات الإسلاميين بحق الثورة المصرية، في المقابل سارع الإخوان والإسلاميون لحشد المزيد من المتطرفين والتابعين للأفكار الدينية، ‏عن طريق انتهاج المزيد من التشدد في تصوراتهم لإدراة المجتمع، لدرجة أنهم حاربوا بكل ‏قوة، لتضمين مشروع الدستور بنودا تسمح بخفض سن الزواج إلى 13 عاما.

 

وهو مطلب سلفي تاريخي، بحجة القضاء على التحرش، كما سعوا لإلغاء قانون حظر ختان ‏الإناث الذي اعتمد في عام 2007 بجهود شخصية لسوزان مبارك، بحجة أنه ضد الشريعة ‏الإسلامية. ‏

 

البرلمان لم ينتظر كثيرا ليكشف عن وجهه الإخواني، إذ انخفضت نسبة تمثيل النساء في ‏مجلس النواب من 12٪ في عهد مبارك إلى 2٪ في مارس 2013، وكانت مفاجأة كبرى ‏للجمعيات الحقوقية المحلية والعالمية التي كانت تتوقع مشاركة كبرى للمراة في برلمان ما ‏بعد الثورة، بسبب مشاركتها ودعمها الكبير للتغيير الذي حدث في رأس السلطة السياسية ‏للبلاد. ‏

 

الإعلام.. صراع للأبد

 ‏

دخل الإخوان في صراع شرس مع الصحفيين والإعلاميين، من الاتهام بالعمالة إلى الإلحاد ‏كانت حروب التشويه تمطر كل معارض لها، تفننت الجماعة في خلق فجوة كبرى بينها وبين ‏وسائل الإعلام المختلفة، لدرجة أن أنصارها قرروا محاصرة مدينة الإعلام، وأمطروا جميع ‏الإعلاميين بعشرات الدعاوى القضائية، وحاولوا التحرش بهم وإيذاءهم بدنيا. ‏

 

وخلال هذه الصدامات، أصبح مألوفا مشاهدة سيطرة ميليشا الإسلاميين على ميادين الثورة، ‏وظهر علم داعش في التجمعات المليونية التي سخرت مواقع التواصل من إحداها، وأسمتها ‏‏«مليونية قندهار»، بسبب الغزو السلفي والأعلام الداعشية والدينية التي اجتاحت ميدان ‏التحرير، وطورت الجماعة في المقابل من عدوانيتها، وأصبحت تستهدف شباب الثورة وتعتدي عليهم ‏بدنيا، واستبدلتهم بتحالف من نوع خاص مع أنصارها الإسلاميين، لتنقلب تماما على الثورة ‏ورموزها، وتهرول خلف تمكين حلفائهم من التيارات المتطرفة.

 

ولأول مرة في تاريخ مصر، نتج عن التحالف بين الجماعة الإسلامية التي كانت تحضر ‏بواسطة القيادي التاريخي لها عاصم عبد الماجد لإنشاء حرس ثوري يتصادم مع الجيش ‏ويحمي الحكم الإسلامي بالقوة المفرطة، عين الإخوان محافظا ينتمي لجماعة جهادية لأهم ‏مدينة سياحية في مصر «الأقصر» ليشعر الجميع بالخوف والفزع من المشروع الإخواني ‏وتداعياته على الدولة المصرية.

 

ومع زيادة التصعيد الديني ضد كل فئات المجتمع المصري، أصبحت الثورة المصرية كابوس ‏يتخوف منه العالم، بعدما اتضح أن الإخوان تنفذ مشروعا أمميا أصوليا، يهدف أولا إلى ‏تصفية الثورة بهذه الطريقة الخسيسة، وإيصال الجميع إلى طريق مسدود، ثم التحرك لفرض ‏مشروعها في المنطقة وتسليمه في النهاية لراعي المشروع الأكبر، خليفة العثمانية الجديدة. ‏

 

انتفض المجتمع ضدها ونظم ثورة كبرى بمساعدة الجيش لإقصائها عن الحكم، ولكنها لم ‏تتوقف عن بث سمومها ولم تراجع نفسها، بل استمرت في التحريض، ومن منصات إرهابية ‏خارج البلاد، خلعت ثوب القومية للأبد، وأصبحت تدور في فلك العثمانية الجديدة، وسخرت ‏كل أذرعها في العالم للحرب المباشرة من أجل تمكين الفكرة. ‏

 

الإخوان أصل الشرور في العالم

 

‏ يقول جلال نصار، الكاتب والباحث: إن الإخوان أسست في العام الذي سقطت فيه الخلافة ‏العثمانية بهدف استثمار "شعار الخلافة" سياسيا ولملء فراغ سيحدث على الساحة ‏المصرية والعربية والإسلامية من جراء اختفاء الخليفة وموت الفكرة التي لها اتباع جاهزين ‏يسهل اللعب على مشاعرهم.

 

ويوضح نصار أن مشروع الإخوان ضد كل الأفكار القومية والوطنية، ولهذا تم توظيفهم في ‏مواجهة حزب الوفد وغيره من الأحزاب الوطنية في الشارع ونجح مؤسس الجماعة حسن ‏البنا في اللعب على كل الأحبال، وتحالف مع الإنجليز والالمان والقصر على فترات وفق ما ‏يخدم مصلحة الجماعة ومصالحها العليا.

 

ويكشف الباحث أن الإخوان استغلت كل المناسبات والأحداث التي مرت بها البلاد وصولا ‏لثورة 23 يوليو 1952 لتمكين مشروعها، وعندما فشلت في إحكام السيطرة على جمال عبد ‏الناصر اختارت على الفور المواجهة معه وحاولت اغتياله.

 

ويضيف: تحالفت مع الإنجليز ومع خصوم عبد الناصر في الداخل لإطاحة به، واستخدمت ‏الجميع لما يخدم مصالحهما، ليس انتصارا للخيار الديموقراطى كما يحاول أن يروج بعض ‏‏«النخب» المغيبة، وعندما فشلت تكررت المواجهة العلنية في الستينيات بالكشف عن ‏مخططات إرهابية استهدفت إسقاط الدولة، التي تحركت في المقابل وأعدمت أهم رموزها ‏المتطرفة سيد قطب وعدد من القيادات ومصادرة أموالهم.

 

ويؤكد الباحث أن الجماعة استمرت في اللعب على كل التناقضات وتحركت في كل مساحات ‏الفراغ التي تخلت عنها الدولة والقوى السياسية والفكرية وطورت من شعارها لدولة الخلافة ‏إلى شعار "الإسلام هو الحل" كى يكون أكثر واقعية واشتباكا مع الواقع.

 

واستكمل: تحركت في الجامعات والنقابات والاتحادات العمالية والنقابية والجمعيات الشرعية ‏واحترفوا لعبة الانتخابات والحشد بعد أن جرمت وحرمت الدولة كل القوى السياسية من ‏ممارسة السياسة في تلك الساحات، وتركتها ملعبا خاليا لتيار الإسلام السياسي بكل تنويعاته ‏التي تنتمى جذريا للإخوان.

 

ويكشف نصار أن الجماعة اعتمدت على ضعف الدولة والتيارات السياسية والفكرية ‏الوطنية؛ وانتهجت أسلوب إفشال كل الايديولوجيات التي تختلف معها ليعلو شعارها السياسي ‏‏"الإسلام هو الحل"، ولعبت على مساحات الفراغ التي خلقها الفساد والفقر والبطالة وتأخر ‏العدالة وغياب دولة القانون وانخفاض سقف الحريات العامة وحرية التعبير الذي حرم ‏الأفكار المستنيرة والحرة من الوصول للمواطن.

 

التطرف

 

ويؤكد الباحث أن الإخوان هي التي فتحت الطريق في المجتمع المصري والعربي أمام أفكار ‏التطرف و"الجهاد" والتكفير لتصل لمسام المواطن من خلال منابر المساجد والمدن الجامعية ‏واشرطة الكاسيت والفيديو وقنوات السلفيين والكتب الفقهية الصفراء لشيوخ ومفسرين ‏مجهولين يتداولون فيها فتاوى التكفير للمجتمع والحاكم وكل مواطن خارج تبعيتهم الفكرية ‏والسياسية وليس له مرجعية وشيخ أو مرشد وإمام.

 

ويختتم نصار، مؤكدا أن جماعة الإخوان وأخواتها في البلدان العربية ومن خلفهم أردوغان ‏وقطر وكل من يستفيد من هندسة المشهد يتحركون في مساحات أصبح الجميع يعرفها ويدرك ‏كيفية التعامل معها.

 

‏ أما عمرو فاورق، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، فيؤكد أن الإخوان وضعت ‏الطريق الحاسم لإنجاح مشروعها الرامي إلى أسلمة المنطقة منذ صيف 2006، لافتا إلى ‏أنها كانت تتبع سياسة ستمالة عدد من السياسيين والصحفيين والإعلاميين، وفق نظرية ‏‏"اسمع منَّا ولا تسمع عنَّا"، كنوعٍ من التحييد، وتحجيم سهام المنتقدين.

 

وأكد فاروق أنها نجحت بالفعل في استمالة البعض الذين أصبحوا حلفاء استراتيجيين ‏للجماعة على المستوى السياسي، ولهذا انضمت تحت شعارات تحالف قوى المعارضة ‏السياسية ضد نظام مبارك.

 

وأوضح فاورق أن التنظيم لا يراجع نفسه، ولهذا لم ينخرط في أي مراجعات، أو يوقف ‏سلسلة التصعيدات أمام كل أطياف الشعب المصري منذ إسقاطه عن الحكم، لافتا إلى أن ‏الهجوم المستمر والمباشر على الدولة المصرية وعلى رئيسها وجيشها في تلك المرحلة ‏الحرجة من تاريخ البلاد من الإخوان وأنصارهم، هو مؤامرة تهدف بشكل واضح إلى تفكيك ‏الجبهة الداخلية لمصر والنيل من سمعة جيشها.

 

ويؤكد فاروق أن الإخوان تعمل بكل قوة حتى الآن على إنجاح مخططات برنارد لويس، صاحب ‏مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي سعى إلى تحويله لدول ذات توجهات وتقسيمات دينية، ‏وأقليات مذهبية، وهو ما يفسر دعم تركيا وقطر لمليشيات تكفيرية مسلحة.

 

وأشار الباحث إلى أن إجهاض مشروع الإخوان حال دون إتمام سيطرتهم على مصر ‏والمنطقة العربية، وهو ما يبرر عنف التنظيم وشططه واستمراره في التحريض من الخارج ‏بدعم من محاور إقليمية ودولية.

 

وأشار فاروق إلى أن هناك مؤامرة موازية لتفكيك التحالف الجديد الذي يجمع مصر والسعودية ‏والإمارات والذي يسمى بمعسكر الاستقرار، بعدما تشكل لحماية المنطقة من المشروع ‏الإخواني، فبدون هذا التحالف الثلاثي سيكون هناك أمل كبير في تنفيذ المشروع الإخواني ‏وأحيائه مرة أخرى.

 

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية