رئيس التحرير
عصام كامل

بيزنس "الكمامات" في وزارة التموين

بناء على اقتراحات عدد من نواب البرلمان لوزير التموين، بضرورة طرح الكمامات والكحول على البطاقات التموينية مع استمرار انتشار فيروس كورونا، وافق الوزير على تلك المقترحات، حيث من المقرر البدء في توزيعها اعتبارا من أول شهر يوليو المقبل..

 

وذكر الوزير أن الوزارة تستهدف توفير كمامات قماش ذات نوعيات جيدة للمواطنين، وأنه يتم التنسيق مع الهيئة المصرية للشراء الموحد لتدبير 40 مليون كمامة قماشية واقية مستدامة، وذلك من خلال شركات خاصة لتصنيع الملابس الجاهزة..

 

وأن مركز نظم المعلومات بالوزارة سيتولى التنسيق مع شركات البطاقات الذكية بإدراج سلعة الكمامة ضمن السلع الأساسية وإنشاء نظام يسمح بتكويد الكمامات على أن يلزم النظام البقال التمويني بضرورة تسجيل صرف الكمامات للمواطنين على النحو التالي "صفر"، أو "واحد".

 

اقرأ ايضا: مسرح "كورونا".. أغرب من الخيال

 

ويكون طرح الكمامات بحد أقصي عدد 2 كمامة لكل بطاقة تموينية. ويتم الصرف من خلال سلع فارق نقاط الخبز المدعم.

 

نأتي إذا لمناقشة التفاصيل والخفايا – دائما الشيطان يكمن في التفاصيل والخفايا أيضا- فهناك بعض التحفظات التي ينبغي أن تناقش بإستفاضة، أولها أن الوزير قرر أن تقوم شركات لتصنيع الملابس الجاهزة بتوفير تلك الكمامات بعدد ضخم يصل إلى 65 مليون كمامة أو أكثر؛ مما يعني أرباحا خيالية لتلك الشركات لم تكن تحلم بها من قبل..

 

والسؤال الآن لماذا تلك الشركات تحديدا؟ وهل تعجز الشركات التابعة للحكومة بكل أنواعها الطبية والصناعية عن توفير تلك النوعية من الكمامات؟ فإذا كانت الإجابة بنعم فما فائدة تلك الشركات إذا للدولة ؟

 

وإذا كانت الإجابة بلا فلماذا لا تقوم الحكومة بتدبير هذه الكمامات من خلال شركاتها العامة والمتخصصة؟ والسؤال الأهم إذا كان هناك ضرورة لطرح تلك الكمامات على بطاقات التموين – وهذا أمر سنناقشه فيما بعد – فلماذا لا تطرح بالمجان من خلال مراعاة الحكومة لمحدودي الدخل، ودرءا للمصالح المالية الضخمة التي ستنتج من عملية توريد هذه الكمامات من شركات خاصة لتصنيع الملابس الجاهزة، وما يستتبع ذلك من عمولات ضخمة لمندوبي الوزارة والوزارة نفسها بنص القانون كما يزعمون؟ .

 

اقرأ ايضا: التضحية بأصحاب المعاشات على مذبح كورونا

 

والغريب في هذا الموضوع أن أجهزة وزارة الصحة كلها قد صدّعت المواطنين منذ فترة بسيطة بأن الكمامات القماشية غير مجدية في الحماية من فيروس كورونا، وهو الأمر الذي اثبتته فعلا الدراسات الطبية، حيث جاء في دراسة أجرتها الجامعة الأسترالية نيو ساوث ويلز، أن عدوى الجهاز التنفسي كانت أعلى بكثير بين العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يرتدون الأقنعة المصنعة من القماش.

 

وعلى الرغم من أن أكثر من نصف سكان العالم يستخدمون الكمامات المصنعة من القماش، إلا أن المبادئ التوجيهية العالمية لمكافحة الأمراض، بما في ذلك إرشادات منظمة الصحة العالمية، لم تحدد بوضوح مدى فعاليتها في عدم نقل العدوى على وجه الدقة..

 

بحسب ما جاء بموقع "بى بى سى" يعتقد الباحثون إن استخدام الكمامات القماشية هي أحد أسباب زيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد حول العالم، لأن الجسيمات الفيروسية بإمكانها اختراق هذه الأقنعة بنسبة 97%، على عكس قناع N95 التي لا تستطيع الفيروسات اختراقها إلا بنسبة بسيطة.

 

ومن ضمن أخطر المشاكل التي تسببها الكمامة القماشية عند ارتدائها يوميًا أضرار للرئة التي تحدث على المدى البعيد، إذ ذكر موقع مجلة القائمة ببريطانيا أن الدراسات أثبتت أن ارتداء الكمامة يوميًا خاصًة القماشية يضر الرئة لأنها قد تسبب التسمم بثاني أكسيد الكربون.

 

اقرأ ايضا: اليوان قادم فهل نحن مستعدون؟

 

فلماذا يطرح الوزير نوعية كمامات من القماش قد تزيد من حالات الإصابة ولا تقلل منها؟ ولماذا لم يطرح نوعية الكمامات الطبية مثل قناع  N95 أو كمامة FFP1 ؟ فهذه الكمامات واقية بالفعل، لكنها بالطبع معتمدة ومرتفعة السعر وتقوم بتصنيعها شركات طبية كبرى متخصصة، ولن يستطيع أحد تحقيق فرق سعر وعمولات عالية من خلال هذه الكمامات، لكن الكمامة القماش من شركات خاصة، وتستطيع معها تحديد السعر بما يحقق لك ما تريد من عمولات، وتفاصل في السعر كما تشاء..

 

فالكمامة مصنعة من القماش الذي تشتريه الشركات بالأمتار وتصنعه كما تشاء وتتحكم في سعر الكمامة بما تريد، بما يعود عليها بالربح وعلى المتعاقدين كذلك .

 

وإذا كان الوزير قد استجاب على الفور لمقترحات بعض الأعضاء بتوفير الكمامة على بطاقة التموين، فلماذا لم تكن تلك الاستجابة في زيادة بعض المخصصات للفرد على البطاقة مثل الزيت والسكر، أو تخفيض بعض أسعار السلع في البطاقة حيث مثيلتها خارج البطاقة أرخص! أو إضافة المواليد، أو حل مشكلات إيقاف البطاقات لأسباب غريبة الخ، فالاستجابة السريعة مريبة في حد ذاتها خاصة وأن الكمامة ستباع على البطاقة - كما قلنا - ولن تكون مجانية .

 

ويظل السؤال هل قام الوزير باستطلاع رأي للمواطنين ووجد أنهم يريدون الكمامات بأية طريقة على البطاقة وهي عندهم أفضل من الزيت والسكر والشاي والسمن؟ وهل أدرك سيادته أبعاد صرف منتج على بطاقة التموين من المفترض وجوده بالصيدليات للحفاظ عليه مثل الكمامات الطبية؛ مما يعني تخزين تلك الكمامات بجوار الزيت والسكر واللحم المجمد والصابون والحلاوة الطحينية ؟!..

 

ومن المفترض أن تكون محفوظة بطريقة خاصة في الصيدليات؛ بما يعني انه من الممكن أن يقترح بعض النواب، عندما تزداد حالات ارتفاع الحرارة لدى المواطنين، أن تقوم وزارة التموين بتوزيع اللبوس الخافض للحرارة على البطاقات التموينية، بحيث تصرف كل بطاقة عدد اثنين قمع لبوس خافض للحرارة لاثنين فقط من أفراد البطاقة، بحيث يكون لكل مواطن لبوس تمويني واحد .

 

الجريدة الرسمية
عاجل