رئيس التحرير
عصام كامل

لا تجعل "طفلك" يتعلم أن لا يتعلم !

نحن الأن بصدد طريقة جديدة فى التعليم فى مرحلة رياض الاطفال بمدارسنا، ونظام جديد للتعليم قائم على الفهم وتنمية التفكير والإبتكار.. وهذا توجه عالمي  لنواكب التطورات الحديثة، وقد يتفق الجميع فى ضرورة التغيير..

 

ولكن كلماتي هنا تتحدث عن أشياء بعيدة عن السياسات التعليمية، فان كلماتي  موجهة للمعلم وولى الامر معا خاصة من لديهم أطفال فى مرحلة رياض الأطفال، فلابد ان تكتمل أضلاع المثلث لنستطيع تحقيق "الحوكمة" بكل ما تحمل من معنى..

 

فان كان الهدف فى هذه المرحلة هو تنمية روح التفكير بدلا من التنفيذ الأعمى والتحول من التعليم للتعلم، ومن الحفظ إلى الفهم، ومن تلقى المعلومة إلى البحث عنها، فلابد أن يكون هناك معلما وولى امر مدرك تماما طبيعة الهدف لكى يشارك فى تحقيق الهدف المنشود بكل نجاح.

 

اقرأ ايضا: مقترح لحل مشكلة الكثافة في الفصول

 

لا يخفى على أحد ان من الركائز الأساسية لإستراتيجيات التعلم فى مرحلة رياض الأطفال هى التعلم القائم على اللعب، إذ إنها أعطت نتائج مبهرة فى معالجة وتوجيه سلوك الاطفال، فاللعب مرتبط إرتباط قوى مع النمو العقلي للطفل بالإضافة إنه بداية الطريق الى الإبتكار والإبداع والقدرة على حل المشكلات..

 

قد يخطأ الكثير عندما يعتبر اللعب شىء تافه إلا انه فى حقيقة الامر واحد من اقوى الطرق التربوية الداعمة للتعلم والتفكير والإبداع ، بالإضافة إلى ان التعلم من خلال اللعب يساعد أصحاب الاحتياجات الخاصة وذوى الهمم في التعلم بطريقة أسرع وصحيحة دون إحساسهم بأي قصور من أى نوع، ففى هذه المرحلة لا يمتلك الطفل اللغويات للتعبير عن ما بداخله ولا يمتلك التعبير عن مشاعره،  فتصبح الألعاب هنا هى كلمتهم وهى وسيلة للتعبير عن مشاعرهم.

 

اقرأ ايضا: إعادة المتعة للمدارس تبدأ من المعلم

 

فلو انتقلنا بضع دقائق داخل جدران الروضة او القاعة سنجد الأطفال والمعلم وجها لوجه، وتبدأ الخطوة الاولى لدور المعلم فى وضع حجر الأساس فى تنمية التفكير لدى أطفال الروضة، والذى إذا صلح صلحت بناء فلسفة التعليم الجديدة فى مراحلها القادمة الإبتدائية والإعدادية والثانوية. 

 

فعلى سبيل المثال لا الحصر لكى ننمى التفكير لدى الطفل فى تلك المرحلة فلابد من تجنب وبشكل قاطع توجية الاسئلة للأطفال، لان كثرة الأسئلة تكون مصدر إزعاج للطفل، ويتعلم الطفل هنا عدم توجية الاإسئلة للاخرين.. لانها أصبحت مصدر إزعاج ومعاناة له، فهنا يتعلم الطفل أن لا يسال ومنها يتعلم أن لا يتعلم.

 

بالرغم من ضرورة عدم توجيه أسئلة او الإكثار منها فى تلك المرحلة، إلا إنه سيكون العكس تماما بالنسبة للأطفال، فعلى المعلم أو ولى الأمر أن يكون مستعدا لكمية كبيرة جدا من الأسئلة، والتى قد يكون الكثير منها ليس له إجابة.. وهنا أنت أمام موقفين محيرين إما تعطيه إجابة مباشرة او يصل للطفل إن معلمه او والديه لا يعرف كل شىء، وكلاهما ليست أفضل ما نريد.

 

اقرأ ايضا: «الثقافة السياحية».. ضرورة في المناهج التعليمية

 

من هذه النقطة وإستغلالها إستغلال تربويا تبدأ أول خطوات غرس عملية التعلم والتفكير وحب الإستطلاع  لدى الطفل والبحث عن الإجابة بنفسه.. وإن كنت تعرف إجابة السؤال فمن الممكن بالرد "سوف أبحث عن إجابة سؤالك فى كتاب كذا او كتاب كذا"، أو "لماذا لا تسال فلان أو تسال والدك أو والدتك أو عمك أو خالك.. فقد درس هذه الإمور وبالتأكيد يعرف الاجابة"، والوضع الأمثل أن تشترك مع الطفل فى البحث عن بدائل متعددة للإجابة عن سؤاله.

 

فى هذه اللحظة يجب أن لا تكتفى بتوجيه الطفل أو عرض عليه بدائل للحصول على الإجابة، ولكن لابد أن تناقشه فى مدى مصداقية هذه الوسائل لكى يبدأ فى تعلم ترتيب أفكاره وبدائله.. فلابد أن تكون قدوة للطفل منذ الصغر لكى يتعلم من سلوك الوالدين والمعلم منذ نعومة أظافره طريقة الإعتماد على نفسه فى البحث عن المعلومة.

 

اقرأ ايضا: وزير التعليم يتحمل تسريب امتحانات الثانوية

 

من الطبيعي إن الأطفال فى هذه المرحلة كثيرة الخطأ والعناد وكثرة الحركة، فيجب التركيز على السلوك وليس الخطأ نفسه  فى التعامل مع الأطفال، فحذارى مثلا ان تقول له "أنت غبى" حال أخطأ فى حل مسالة، أو تقول له "أنت لص" عندما يأخذ قلم زميله.. هنا لابد من أن نجعل أخطاء الطفل بداية مبشرة للتعلم والتفكير فلكل شىء سبب وكل سلوك دافع..

 

فعلى المعلم أو ولى الامر  هنا أن يبحث عن الدافع أو السبب الذى يجعل الطفل يخطأ لكى نجعل تلك الأخطاء وسيلة لتنمية أفكاره.. ولابد أن تسال نفسك أولا عزيزي المعلم هل علمت الطفل اولا كى لا يخطأ؟ هل أشعرته بعواقب الخطأ كى يكون لديه دافع للتغيير، لابد وأن تشعر الطفل فلسفة "الفشل خبرة" وإن اديسون الذى اخترع الكهرباء أجرى اكثر من ثلاثة ألاف محاولة فاشلة قبل نجاحه، وهنا يتعلم الطفل من أخطاؤه وهذه مرحلة تأسيسية للطفل فى تنمية التفكير والتعلم الذاتي..

 

وفى النهاية  وبعد كل ما سبق أصبح واضحا لكى نجعل الطفل يعتمد على الفهم وليس الحفظ، على التعلم وليس التعليم فلابد وأن نتسلح بسلاح "المعلم وولى الامر" على حد سواء، والتأكد من وعيهم وبشكل كاف بطبيعة الهدف وجعلهم الضلع الثالث والمهم من أضلاع مثلث "الحوكمة الرشيدة" .

وللحديث بقية .

Tarek_yas64@yahoo.com

 

الجريدة الرسمية