رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شاهد على قبر العرب !


على مستوى الأفراد فإن دفن ميت دفنا شرعيا لايتم إلا بصلاة الجنازة وتوسيده التراب، وغلق المقبرة وسحب الألواح ثم قراءة الفاتحة وما تيسر مع دعوات ودموع وملابس سوداء.

الدفن هنا مختلف وعلى مستوى أعلى.. دفن دولة عربية مثلا.. كيف يكون؟ عادة إذا وصلت دولة إلى درجة الجثة فهي لا دولة وهي بالفعل تكون تحللت، فسواء دفنت أو تركت نهبا للغربان والعربان.. هي انتهت وجودا وأثرا.

لكن لدينا تقاليد وإرث عريق في النفاق وخداع الذات.. فبعد قتل القتيل لا بد من السير في جنازته، وبلا بأس من لطم وعويل وتعديد وإنفاق على سرادق العزاء.. وربما احتضان عياله.. وإغواء أرملته لاحقا.

وهذا ماجرى أمس في مراسم رثاء سوريا الشقيقة.. فمعظم آخذي العزاء، ومعظم المعزين ومعظم الباكين ومعظم النائحين هم من خنقوها وشنقوها وذبحوها واليوم يتلون الفاتحة إذ يوارونها الثرى، ممزقة باكية عروبتها التي تخلت عنها. تخلت. وليس اللفظ الآخر المشين المجلل بالعار لمن يرتكبه. لكنه يبقى اللفظ الحقيقي.

اجتمعت الجامعة العربية.. على مستوى وزراء الخارجية. وكم اجتمعت. ولو حتى كان المستوى للرؤساء والجلالات والعمامات والفخامات ما كان المقتول ليحيا إذ قتلوه بالفعل وبالصمت وبالتواطؤ!

قرارات وزراء الخارجية العرب هي التلاوة الأخيرة التي يغسل بهم المغسلون، عفوا المجتمعون، مواقفهم وضمائرهم إذ يأوى كل واحد ليلا إلى فراشه يتصور أنه آمن من مباكتة الضمير أو من إدراك أن دوره في الدفن قادم قادم!

دفن العرب بالدور.. بالدور.. عرب يقتلون عربا وعرب يخونون عربا وعرب يدفنون عربا.. وترامب يقبض.. والابتزاز مارش عسكري يومي. لا يصدق المواطن العربى أي قرارات تصدر عن جامعة الدول العربية المفرقة،"بتشديد الراء"، فكم صدرت عنها قرارات، وكم كان للغرب فيهم واشون في حقب وعهود مصيرية، وكم طالبوا إسرائيل وكم طالبوا إيران واليوم يطالبون وينددون ويشجبون ويستنكرون... والعالم لا يقيم لنا وزنا لأننا اتخذنا الكلام مقام الفعل... وتبادلنا بيع بعضنا بعضا.

لا يحترمنا العالم لسببين: النفاق والضعف.

القرار السياسي العربى غارق في الازدواجية... اسم دبلوماسي مخفف بديلا عن النفاق. الشخص المزدوج منافق. ثم نحن ضعفاء.. بل في أحط درجات الضعف. فمن أضعفنا؟ العمالة للغير بفلوسنا! هل هناك أحط وأحقر مما تفعله قطر وغيرها ممن حشروا أنفسهم ودمروا ليبيا وسوريا وغيرها؟

فلتجتمعوا.. نددوا نددوا، عددوا عددوا، الطموا كما تشاءون.. فالخزى يلاحق خونة الأمة.. صوتهم عال مدو... لكن.. المشغل الرئيسي لهم يعد أثواب الدفنة الأخيرة لهم.

الأمريكان في سوريا والروس في سوريا والأتراك في سوريا والإنجليز في سوريا وإسرائيل في سوريا وإيران في سوريا... وأموال خليجية في سوريا لتدمير سوريا.. كلهم منتشرون في مخادع الشعب السورى الشقيق وعوراته.. كلهم هناك إلا سوريا الحبيبة تقاوم وتكافح وتتماسك.

أما الخونة السوريون، جيش العملاء الحر المسلح، الذين يدمرون جيشهم ووطنهم مع الجيش التركى فهم أحذية في أقدام الغزاة... وسيدفنون مع كم هائل من البصاق التركي على جثثهم.

اجتمعتم؟ هل حررتم سوريا؟
لن تجتمعوا غدا... لأنه لا غد لكم. اللطم والعويل والتعديد من شيم الأرامل... كونوا رجالا أو موتوا بكرامة.

Advertisements
الجريدة الرسمية