رئيس التحرير
عصام كامل

أيهما له الأثر: العالم الافتراضى أم الواقعى؟


العالم الافتراضى هو عالم ممتع لأنه يحدث من وراء الشاشات، فهو بلا نتائج ملموسة ويتم تحديثه بما يضمن تلبية لرغبات المستخدمين، ليكون أكثر انتشارا وجاذبية، وهو في النهاية يعبر عن وجهات نظر ومشاعر جافة وأحاسيس مكتوبة.


العالم الافتراضى هو عالم متفاعل جدا بالطبع، وهو مصمم لذلك، ولكنه منعزل في الحقيقة وهو أيضا عالم متصل مستمر ٢٤ ساعة وفى نفس الوقت هو عالم غير متواصل.

العالم الافتراضي هو عالم موازٍ لا يُشترط فيه أن تتطابق صفات صاحبه مع الواقع.. فالواقع له تحديات ومسئوليات وجهود تتعدى كثيرا حركة الأصابع البسيطة من وراء الشاشات، بل يكون التأثير الإيجابى للتغيير وترك النتيجة المثمرة بالتعاون بين الناس في عمل جماعى أو حتى بتقديم عمل فردى، ومعيار القياس أنه تم بذل فيه جهد ذهنى أو عضلى أو كلاهما الحقيقي.

كلما زاد التواجد الصورى على مواقع السوشيال ميديا كلما قل الوجود الحقيقي للمتابعين، وسكن الإنسان عالم آخر يصنع فيه الصورة الذهنية له فقط لدى الآخرين، ولكن ليس ذلك كافيا للتعبير عن نفسه، وإنما عليه حتما مجهود آخر مطلوب أن يقوم بترجمة هذه الصورة التي رسمها لنفسه إلى واقع من العمل والكد والكفاح وإلا كان الناس سكان هذا العالم السحابى بعيدين كل البعد عن واقعهم الذي يصنع بأيديهم مستقبلهم ونهضة بلادهم.

خلقنا الله من أجل العمل لأن نعمر الأرض وهذا موجود فقط في العالم الواقعى، فإذا تحتم علينا أن نتواجد في العالم الافتراضى لابد أن نحرص على وجودنا في عالمنا الواقعى والتأثير فيه بنفس القدر حتى لا نقضى حياتنا من وراء الهواتف النقالة.

فالعمل المنتج لا يكون إلا عبر العناصر الفاعلة وهو المسئول فقط عن تقدم الأمم، فالمجتمعات لا تنهض بفضل العالم الافتراضى بل تنهض وعبر خلق المهام وإسناد الأعمال وتحمل المسئوليات، فلنرجع للمساهمة فيما ينفع المجتمع ككل. فلننتقل من العالم الافتراضى للعالم الواقعى قبل أن نشيب خلف الشاشات ونكتشف أننا لم نحقق شيئا يُذْكر. "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ".
الجريدة الرسمية