رئيس التحرير
عصام كامل

فخامة الجاسوس "توربيدو".. إسرائيل تكشف عن تجنيد شخصية عربية نافذة.. ينقل معلومات غاية في الحساسية منذ 5 أعوام للاحتلال.. منصبه يسهل له الحصول على أسرارا خطيرة.. ومخاوف من "إيلي كوهين" جديد

فيتو

كشفت أجهزة الاستخبارات في الاحتلال الإسرائيلى، اليوم، عن تجنيد جهاز الموساد لشخصية نافذة في أحد الدول العربية.

العميل توربيدو

وسمحت الرقابة العسكرية بنشر تفاصيل ملف سري أطلق عليه اسم "توربيدو"، ويخص تجنيد شخصية نافذة في إحدى الدول العربية لتعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية دون علمه.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن هذه الشخصية ومنذ السنوات الخمس الأخيرة لا تزال تنقل معلومات استخبارية في غاية من الحساسية إلى إسرائيل، وأشارت الصحيفة في صدر صفحاتها صباح اليوم إلى أن هذه الشخصية تنقل هذه المعلومات ظنا منها بأنها تعمل لصالح هيئة مدنية وليس لصالح إسرائيل.

وحدة التجنيد
وبحسب التقرير الذي نشرته الصحيفة، فإنه تم خداع هذه الشخصية من قبل وحدة التجنيد في شعبة التجسس "504" لكشف أسرار أمنية حساسة، وجاء في الصحيفة أن هذه الشخصية العربية تنقل المعلومات ظنا منها أنها تعمل لصالح هيئة مدنية، وليس لصالح إسرائيل.

وقال الضابط المشغل لهذه الشخصية والبالغ من العمر (38 عاما)، إنهم يسعون دائما للحصول على مصادر عالية الذكاء وتقوم بأدوار مهمة للغاية، لأن مثل هذا الشخص في منصب رفيع وكبير، يكون كبيرا بالسن وصاحب خبرة، وله علاقات كبيرة.

وبحسب مزاعم الضابط، فإن هذا الشخص طموح جدا، ويشغل منصبا كبيرا للغاية، ويحق له الوصول إلى أي معلومة سرية وحساسة تهم المخابرات الإسرائيلية.

جمع المعلومات
ولفت الضابط إلى أن عملية التجنيد تعتمد على الكثير من الخطوات، منها جمع معلومات من مصادر أخرى من بيئة هذا الشخص أو أي شخص آخر مستهدف للتجنيد، مثل تحركاته خارج البلاد ومستوى حياته الاجتماعية، وإمكانية استعداده للتعاون.

وقال ضابط آخر مشغل لهذه الشخصية، إن هذه الشخصية لم تجد صعوبة في العمل مع هيئة مدنية، وبدون تهديد أو خوف تم تجنيده دون أن يعلم أنه يعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية.

وستكشف "يديعوت أحرونوت" غدا في ملحقها الأسبوعي تفاصيل أشمل حول عملية التجنيد، والكثير من الأسرار عن تلك الشخصية، واللقاء الذي عقد بين هذه الشخصية ومشغليها من الاستخبارات الإسرائيلية في إحدى الدول.

في العادة يزرع الاحتلال الجواسيس لفترات طويلة في المجتمعات التي يراد التجسس عليها، وقلما يكشف هؤلاء إلا في حالات نادرة، وإذا كُشف أحدهم فإنما يُكشف بعد أن يكون قد خدم سنوات طويلة جدا في مهماته السرية.

وهذا ما كانت تفعله وحدة "يوليسيس" التابعة لشعبة قيسارية، أي شعبة العمليات الخاصة في المخابرات العسكرية "أمان" التي أسسها في سنة 1950 أيسر هارئيل رئيس الموساد آنذاك، وعهد بها إلى اليهودي العراقي سامي موريه، فكانت تزرع اليهود العرب في المجتمعات الفلسطينية في لبنان وسوريا باعتبارهم فلسطينيين. وهؤلاء المزروعون تزوجوا فتيات فلسطينيات، وأنجبوا منهن، واستمروا سنوات طوال يعيشون كمسلمين أو مسيحيين من دون معرفة زوجاتهم. واشتُهر من بين هؤلاء أوري يسرائيل (عبد القادر) الذي تزوج فتاة من يافا وعاش معها في البرازيل أولًا ثم في لبنان.

وآخر يدعى يتسحاق الذي تزوج فتاة من بلدة مجد الكروم، وأولدها طفلين، وغادر وإياها إلى هولندا للعيش في الوسط الفلسطيني المهاجر.

إيلى كوهين
وأبرز القصص المتعلقة بعمليات التجسس تعود إلى "إيلى كوهين" اليهودي المصري، الذي رأي الموساد أن أنسب مجال لنشاطه التجسسي هو دمشق، فأصبح سوريًا مسلمًا يحمل اسم كامل أمين ثابت، هاجر وعائلته إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946، وبعد وفاة أهله، راح يدرس كل أخبار سوريا ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة مع تعليمه القرآن وتعاليم الدين الإسلامي، وفي 1961، غادر كوهين إسرائيل إلى الأرجنتين حيث تعلم اللغة الإسبانية حتى لا يفتضح أمره وعاش كرجل أعمال سوري ناجح واكتسب وضعًا متميزًا لدى الجالية العربية في الأرجنتين، باعتباره رجلًا وطنيًا شديد الحماس لبلده وأصبح شخصية مرموقة.

شبكة علاقات
وسافر إلى سوريا عام 1962 وفي الشهور الأولى تمكن من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع ضباط الجيش والمسئولين الأمنيين وقيادات حزب البعث السوري.

وتمكن من تصوير جميع التحصينات في الجولان، وفي عام 1964، زود كوهين قادته في تل أبيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية في منطقة القنيطرة، بالإضافة إلى الكثير من الأسرار والمعلومات الدقيقة والحساسة والهامة مثل تفاصيل الخطة السورية التي أعدت بمعرفة الخبراء الروس لاجتياح الجزء الشمالي من إسرائيل في حالة نشوب الحرب.

شقيق الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين يكشف تفاصيل جديدة عن رفاته

في عام 1965، وبعد 4 سنوات من العمل في دمشق، تم الكشف عن كوهين عندما كانت تمر أمام بيته سيارة رصد الاتصالات الخارجية التابعة للأمن السوري، وعندما ضبطت أن رسالة وجهت من المبنى الذي يسكن فيه حوصر المبنى على الفور، وقام رجال الأمن بالتحقيق مع السكان، ولم يجدوا أحدًا مشبوهًا فيه، ولم يجدوا من يشكوا فيه في المبنى، إلا أنهم عادوا واعتقلوه بعد مراقبة البث الصادر من الشقة وحاول أن يتناول السم، ولكنهم أمسكوه قبل ذلك، وتم القبض عليه متلبسًا، وأعدم في ساحة المرجة وسط دمشق في 18 مايو 1965، وقيل إن المعلومات الاستخبارية التي جمعها قبل إلقاء القبض عليه كانت عاملًا مهما في نجاح إسرائيل في حرب 1967.
الجريدة الرسمية