رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الشاعر صلاح فايز: تامر حسني أفضل من الهضبة 100 مرة.. والمخدرات سبب ظهور «المهرجانات»

فيتو

  • كتبت لأم كلثوم «انتهينا من العتاب» فلم يسعفها العمر.. مي فاروق موهبة طربية عظيمة
  • أصالة خلعت رداء التوهج وارتدت ثوبا شاذا
  • يوسف السباعي وراء دخولي عالم الغناء.. وأدين بالفضل للفنان الراحل محمد فوزي
  • «فريق الموتسيكلات» في الإذاعة كان يدير الحرب الباردة بين حليم ومحرم فؤاد.. ولهذا السبب لم أكتب للعندليب
  • انقلاب أنغام على والدها سبب قطع علاقتي بها.. ولن أعطي كلماتي لأحد من هذا الجيل
  • «وحشتني» لسعاد محمد من أحسن 100 أغنية في تاريخ الغناء العربي
  • مرحلتي قفلت بما قدمته لأنغام وأصالة وسميرة سعيد
  • «التأميم» سبب إصابة محمد فوزي بالمرض اللعين بعد الاستيلاء على مشروعه بالإكراه
  • شادية أفضل من عبر عن موسيقى بليغ حمدي.. و«عدم الإنجاب» سبب فشل زواجها من «ذو الفقار»
  • ذكاء «الهضبة» الفني فاق العندليب.. والذوق المصري يعيش عصر «البعككة»

أجرى الحوار : محمد طاهر أبو الجود
عدسة : سيد حسن

الشاعر صلاح فايز «الجنرال».. ما بين أرض المعركة والأوراق، عاش حياته مستمعًا، حقق النصر على الجبهة، وأصبح شريكًا في «أيام التحرير»، واصطحب نصره معه إلى الاستديوهات، ليصنع تاريخًا فنيًا يليق بموهبته، ويضع اسمه في صدارة أصحاب الكلمات «الذهبية» والأغنيات الخالدة.
فبينما كان عبدالوهاب محمد وبليغ حمدي يقتحمان عالم أم كلثوم باقتدار شعرًا ولحنا، كان «فايز» يقتحم عالم صاحب النغمة السهلة التي اجتذبت عالما كبيرا من مستمعي الإذاعة ومشاهدي أفلامه الشيقة، وهو الفنان الراحل محمد فوزي، وبعد نجاح أغنية «بعد بيتنا ببيت» التي حصل على شيك بـ15 جنيهًا من «فوزى» بعد تسجيلها، أصبح واحدًا من أبرز الشعراء الغنائيين في مصر، وذاع صيته في الوسط الفنى إلى الدرجة التي دفعت البعض لوصفه بـ«حريف الأغنية الطربية».
«كتب للجميع».. من هنا يمكن تلخيص مسيرة الشاعر صلاح فايز، عدا كوكب الشرق، السيدة أم كلثوم، التي خطفها الموت قبل أن تشدو بأغنيته «انتهينا من العتاب»، والعندليب عبد الحليم حافظ، الذي كان يتعامل مع «فايز» كونه من معسكر «محرم فؤاد»، والفنانة الراحلة وردة الجزائرية، التي وقف الموسيقار الراحل بليغ حمدى حائلًا بين صوتها وكلمات «فايز»، لا سيما وأن «بليغ» كان يتدخل كثيرًا في الكلمات، وهو ما كان يرفضه «فايز» جملة وتفصيلًا.
وعن ذكرياته مع أبرز الأصوات المصرية والعربية، من محمد فوزي، وهدى سلطان، وسعاد محمد، وعبد الحليم حافظ، ومحرم فؤاد ومحمد رشدى والراحلة «صباح»، إلى الفنانة أصالة وقصته مع أنغام ورحلته مع الفنانة شيرين عبد الوهاب، وأمور أخرى كان الحوار التالى:

بداية.. ما الدور الذي لعبه الأديب والوزير الراحل يوسف السباعي في اكتشاف موهبتك؟
جاء انتقالي للمدرسة الثانوية العسكرية الملكية، ضمن 600 طالب تم انتقاؤهم بعناية فائقة من بين 36 ألفا؛ بغرض أن يصبحوا الحرس الحديدي للملك فاروق، وبالصدفة كان كبير معلمي المدرسة الأديب يوسف السباعى، الذي أثار بداخلي طموح أن اقترب من قيمته الأدبية، وبدأت في قراءة رواياته، وتفتحت بداخلي موهبة كتابة الأزجال، وجعلني أدرك جيدًا أن العسكرية ليست «حرب وضرب» فقط، لكن هناك نواحي إنسانية كثيرة يمكن أن نعيشها حتى وقت اندلاع الحروب، وانتقل معي الأديب الراحل إلى الكلية الحربية سنة 1951 وكأنه يطاردني، حينها بدأت في كتابة الأناشيد الوطنية للكلية، وبعد التخرج والذهاب إلى سيناء راسلت العقيد أركان حرب السباعى، وقتها، وفى أحد الخطابات سنة 1955 قال لي: «يا صلاح ألاحظ أن لغتك الأدبية عالية.. هل هو تقليد لي؟..أما إذا كان أسلوبك فأنصحك أحد أمرين إما كتابة الرواية أو الشعر».. ونبهني حديثه أن بداخلي موهبة يجب أن تخرج للنور.

ماذا حدث بعد ذلك؟
في عام 1957 قابلت الشاعر الراحل حسين السيد في مكتبه، وأعجب بما عرضته، ونصحني بقراءة كتاب الأغاني لتقوية بعض التفعيلات، ولم أكذب خبرا، فذهبت لمكتبة باب الخلق، واستعرت الكتاب إلى جانب بعض الكتب لأصقل موهبتي، وتعرفت خلال هذه الفترة على عدد من الشعراء والملحنين، أبرزهم محمد عبدالوهاب وعبدالسلام أمين، بليغ حمدي، حلمي بكر، عبدالمنعم البارودي، محمد الموجي، الطويل، وكنا نجتمع في حديقة معهد الموسيقي العربية بالإسعاف، ويعرض الجميع إنتاجه، ومن خلال هذه الجلسات اكتسبت شاعرية ما أكتبه.

ماذا عن تجربتك مع الراحل محمد فوزي.. كيف جمعتكما الظروف سويًا؟
في سنة 1960 قابلت الفنان الراحل بالصدفة أمام منزله في جاردن سيتي، وعازف الكمان أنور منسي، وقتها كنت رئيس عمليات كتيبة مدرعات، وتواجدت في هذه المنطقة بحكم عملي، وجاءتني جراءة غريبة جدًا واندفعت نحوه، وقلت له:«أنا بكتب أغانى وعايز أسمعك بعضها»، فأخبرني أنه ذاهب لعمل مونتاج لإحدي أغانيه، ووعدني بتناول الغداء سويا، والاستماع لما كتبته من أغانٍ، وبالفعل عاد الفنان محمد فوزى بعد 3 ساعات، وصعدت معه لشقته في الدور 26، ودخل غير ملابسه، وارتدي جلبابا بلديا بسيطا لونه أزرق فاتحا؛ حتى يزيل حاجز الخوف والرهبة لدى، وبعد الغذاء قدمت له 4 أغانٍ، أختار منها أول أغنية وهي «بعد بيتنا ببيت»، وكانت ردة فعله إيجابية للغاية، وكدت أطير من الفرحة، بعد مضي أسبوع من لقائنا رن تليفون المنزل فردت شقيقتي، وأبلغتني بأن الأستاذ فوزى يطلبني، وفوجئت به يسمعني لحنا على العود لأغنية «بعد بيتنا ببيت»،..يضحك، أجبته بـ:«يجنن»، وأنا لا أعرف شيئًا عن التلحين، وبعد تسجيل الأغنية في ستوديو مصر، حصلت منه على شيك بـ 15 جنيها واحتفظت به فترة طويلة، وهذه كانت بداية انطلاقتي في الوسط الغنائي.

وكيف كان وقع أول أغنية لك مع فوزي بعد طرحها؟
كانت ردود الفعل جميعها إيجابية للغاية.. وقيل لي إن مأمون الشناوي قابل الشاعر مرسي جميل عزيز في جمعية المؤلفين، وقال له:«حلوة قوي الأغنية التي كتبتها لفوزي»، فأبلغه بأنها لشاب اسمه صلاح فايز، ووقتها قدمني الملحن فؤاد حلمي للإذاعة، ونجحت في اجتياز الاختبار، وقدمت العديد من الأغاني لها، وكانت ثانى أغنية لي «بيني وبينك تار» للفنانة الراحلة صباح، وحصلت على 25 جنيها.

كنت قريبا من محمد فوزي خلال أيامه الأخيرة..ما سر مرضه النادر؟
بالتأكيد تأميم جمال عبدالناصر لشركة الأسطوانات التي كان يملكها وراء إصابته بسرطان العظام، حيث تم الاستيلاء على جهد سنوات طويلة لفنان ضحى بعصارة ذهنه من أجل هذا المشروع الوطني؛ حيث أنشأ مصنع إنتاج أسطوانات تسجيل الأغاني لتوفير العملة الصعبة التي كانت تنفق على استيراد تلك الأسطوانات من اليونان، وتم الاستيلاء على مشروعه بالإكراه، والطعنة الأكثر إيلامًا لـ«فوزي» معاقبته بتعيينه مديرا رمزيًا للمصنع في مكتب يجاور البوفيه، في إهانة واضحة له كمالك الشركة الأصلي، وتاريخه العريق كفنان، كما أن معاملة الإداريين له كانت سيئة وكأنهم يعاقبونه، بجانب أن أجره كان متدنيًا وضئيلًا ولا يكفى حتى أجرًا لسائقه.

من وجهة نظرك..ما سر عبقرية «فوزي» الغنائية؟
«فوزي» صنع موسيقي سابقة لعصره، وغني جميع أنواع الألحان، فهو أول من قدم أغاني للأطفال، وأول من أنتج أفلاما مصرية ملونة، وميزته «السهل الممتنع»، فلا تشعر بأنه يبذل جهدًا أو عناءً في أغانيه، ولا يستطيع أحد حتى وقتنا هذا تقليده، وأفصحت لي إقبال نصار، طليقة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب خلال زيارتها لي في منزلي، بأن «عبدالوهاب» أكد لها قدرة محمد فوزي الغناء في مناطق لا يجيدها، وطبقات لا يستطيع الوصول إليها.

بصراحة..هل عرضت نبيلة عبيد على «فوزي» موهبتها في الرقص الشرقي؟
هذا صحيح.. في إحدي زياراتي لـ«فوزي» تواجدت النجمة نبيلة عبيد قبل أن تعمل بالفن وتشتهر، تعرض عليه مقدرتها على الرقص الشرقي، وبالفعل كانت متمكنة.

وما سر انفصاله عن الفنانة مديحة يسري؟
كانت شخصية قوية، ويمكن أن أطلق عليها المرأة «المسترجلة»، وقيل إن خيانته لها سبب طلبها الانفصال عنه.

من الذي وقف مع فوزي خلال رحلة مرضه؟
للأسف الشديد الدولة لم تقم بدورها خلال مرضه، ولم يقف أحد معه من الوسط الفني إلا طليقته مديحة يسري، حيث إن صداقتهما سويًا لم تنقطع حتى بعد الطلاق.

ما الأمنية التي كان يحلم بها فوزي ولم يحققها؟
كان يتمنى أن ينجب ابنة؛ حيث كان يعتقد أنها ستعطي حياته طعمًا مميزًا.

وكيف بدأت علاقتك بالفنانة الراحلة شادية؟
حبي لشادية مراهقة، فكنت أعشقها قبل أن أراها، وشاهدتها لأول مرة في حياتي من خلال فيلم «العقل في إجازة» سنة 1947، وأعجبتني شخصيتها، وكان طموحي وأنا صغير السن أن تكون صديقتي أو حبيبتي أو زوجتي، حتى شاءت الظروف وقابلتها في الإذاعة، ووجدتها لطيفة للغاية، وصارت بيننا علاقة صداقة قوية، وقدمت لها أغنية «كلك حنيّة» و«الأغنية وقتها فرقعت وكنت طاير من الفرحة»، ثم كتبت لها «الحب الحقيقي»، وباعترافها للملحن خالد الأمير، أنها من أجمل وأصدق الأغاني التي غنتها.

من واقع تجربتك معها.. ما الذي كان يميز شادية؟
كانت فنانة بسيطة وراقية ومتحضرة يسهل التعامل معها وصاحبة ذوق رفيع، وليست متعالية، ويمكن أن تقول عليها «بنت بلد»، وأرى أنها أفضل من عبر عن موسيقي بليغ حمدي، ويكفى لها أغنية «يا حبيبتي يا مصر».

متى انقطعت علاقتك بها؟
منذ اتخاذها قرار اعتزال الفن، فضلت الابتعاد احترامًا لخصوصيتها؛ خاصة أنها قررت حينها اعتزال الحياة العامة.

هل تتذكر آخر لقاء جمعكما سويًا؟
عقب أغنية «خد بأيدي» تواصلت معها مرتين وهنأتها على نجاح الأغنية.

وما تفسيرك لعدم وجود حياة زوجية مستديمة في حياة «شادية»؟
فشل زيجتها الأولى من الفنان عماد حمدي؛ كان بسبب الفارق الكبير في السن، فقد كان في عمر أبيها، ولم يكن هناك تكافؤ في علاقتهما، أما الزيجة الثانية فكانت تتعرض للإيذاء والعنف الجسدي من عزيز فتحي الذي كان يعمل مهندسا بالإذاعة، وكان مقيدًا لحريتها في الذهاب والعودة من العمل، أما في الزيجة الثالثة من الفنان الراحل صلاح ذو الفقار فكانت ترى فيه الرجل الوسيم اللذيذ واللطيف، وكان السبب غير المعلن فشلها في الإنجاب منه، حيث كانا يرغبان في الإنجاب، وأصيبت بالقهر لعدم الإنجاب منه؛ حيث كانت تنام على ظهرها خلال أشهر الحمل، ولكن في النهاية يسقط الجنين دون رغبتها، ولكن أؤكد لك أنها كانت تبحث عن الرجل الحنون الذي يحبها بإخلاص وتعيش معه طوال عمرها.

ما الذي كان يثير غضبها؟
إذا أحبت شخصًا وشعرت بأنه لا يعطيها كل اهتمامه، حينها كانت تصاب بالضيق الشديد، وتقرر الابتعاد عنه.

وماذا عن ذكرياتك مع الفنانة الراحلة صباح؟
قدمت لها العديد من الأغاني، أبرزها «يا حلو بيني وبينك تار»، «أعلنت الحب عليك»، وأتذكر أنها كانت سيدة كريمة وطيبة وذكية جدًا، كلامها دومًا مقتضب، وروحها جميلة، وقدمت لها أغنية دويتو مع سمير صبري «الله عليكي يا ملاكي» سنة 1998، من ألحان صلاح الشرنوبي.

وكيف كان تعاونك مع الفنانة الراحلة هدى سلطان؟
قدمت لها عدة أغان، أبرزها «إحنا اللي فينا مكفينا» ألحان خالد الأمير، وحققت نجاحًا كبيرًا، ووقتها ذهبت إليها لأتقاضي أجر الأغنية فقالت لي: «هتحاسبني إزاي..عايز كام؟.. أنا مش طالع من ذمتي إلا 125 جنيه»، فوافقت، وقدمت لها أغنية جميلة ولكنها لم تنل حظها «على باب شقتنا الحلوة»؛ حيث كانت الأغنية تحتاج لصوت مثل وردة الجزائرية، فلم يكن صوت هدي سلطان قويًا.

وكيف كانت العلاقة بين هدى سلطان وشقيقها محمد فوزي؟
ارتباطها القوى بزوجها الفنان الراحل فريد شوقي، كان سببًا في ضعف علاقتها بشقيقها، ولا أتذكر زيارته أو اتصالها به خلال فترة قربى منه.

وما سبب عدم تعاونك مع وردة الجزائرية؟
كنت مرتبطًا بالملحن خالد الأمير، وشكلنا «دويتو» ناجحًا في العديد من الأعمال الغنائية، ونحن من صنعنا الفنان هاني شاكر، كما أن بليغ حمدي كان مرتبطًا بالشاعر الغنائي محمد حمزة، وأسلوبه في ارتباطه بالشعراء كان لا يرضيني؛ لأنه عندما يمسك بكلمات الأغنية يقلبها بالقدر الذي يرضيه، وبعض المؤلفين -ومنهم حمزة - كانوا لا يعترضون على ذلك، وعرض علىّ التعاون معه في عمل أغنية للفنانة عفاف راضي فرفضت؛ لأنني لا أحب من يلعب فيما أكتبه، وأتذكر أننى قلت له: «لو أردت أن تضيف شيئًا فأجعله في المزيكا ولا تدخل في الكلمات»، وهذا ما تحفظ عليه معي، ومنعني من التعامل مع وردة الجزائرية، التي كان يحتكر معظم أعمالها لصالحه، أما الباقون فرضخوا لأسلوبه.. وفي الحقيقة وللتاريخ أشهد أمام الله أنني سألت بليغ حمدي مباشرة في ليلة جمعتنا سويًا بمفردنا داخل شقة بمكتبه بشارع أبو الفدا بالزمالك في شتاء 1982 عندما كنا نستمع لأغنية «موعود» للعندليب من ألحانه وتأليف محمد حمزة: هل صحيح ما يردده الخاصة أنك مؤلف جميع الأغاني التي تذاع باسم (حمزة)؟ فقال لي بالحرف الواحد: لم يكتب حمزة أي أغنية من أغاني حليم بالذات إلا وكنت الشريك الأساسي في نظم كلماتها.

وقبل صدامك بأسلوب بليغ حمدي..هل كتبت شيئًا لوردة؟
كتبت لها أغنية وطنية بعنوان «أحلى خبر» ألحان حلمي بكر، بمناسبة تحرير سيناء.

وماذا عن تجربتك مع الفنانة سعاد محمد؟
كتبت لها «وحشتني» والتي تعد من أحسن 100 أغنية في تاريخ الغناء العربي، وحتى وقتنا هذا لا تزال تتمتع بشعبية عند الناس..يحبس دموعه:«لا أعرف سر النجاح الباهر لهذه الأغنية، ولكن أراد الله أن ينصفني بعد أن أغلقت أمامي أبواب التعامل مع وردة»، وأريد أن أؤكد لك إنني وخالد الأمير وحتى سعاد محمد، لم نتخيل أن تحقق الأغنية هذا النجاح، ويرجع السبب في انتشار الأغنية لإعادة غنائها في دول الخليج ولبنان بأصوات أخرى، حيث تم غناؤها بـ40 صوتًا بعد ذلك.

ومن المطرب الذي تمنيت التعاون معه ولم تحالفك الظروف؟
بالطبع كان عبدالحليم حافظ؛ كونه أكثر الأصوات إحساسًا وإقناعًا بما يقول، والسبب في عدم تعاوننا يرجع إلى أن صديقي الصدوق كان الفنان الراحل محرم فؤاد غريم العندليب، وأنا لا أخون صديقا، وفي سنة من السنوات كتبت نشيد «كلنا عمال يا بلدنا..من أصغر واحد في بلدنا لريسنا جمال»، وذهبت به لمكتب السباعي فلم أجده، فوضعته على مكتبه وانتظرته، وقتها دخل عبدالحليم وقرأ النشيد من كلمات صلاح فايز، تلحين وغناء محرم فؤاد، فقال لي:«حد يبقي عنده الكلام الحلو ده ويرميه الرمية المهببة دي»، فعلقت قائلًا: «عاجبني يا أخي»، فأدرك أن كلماتي ملك لمحرم، ولم ينس لي هذا الموقف، وبعدها تنصل منى بشكل غريب، عندما أرسلت له شريط نشيد وطني «درس النصر» في 1973، ألحان خالد الأمير، عن طريق الجواهرجي جورج نسيم، صديق الفنانين، ومن يومها الشريط ظل عنده، وعندما حاولنا إعطاءها لمحرم فؤاد، رد:«هو أنا الوقيع لما ميغنهوش حليم».

وهل تعرضت لموقف محرج من العندليب؟
كنت جالسًا مع الإذاعي العظيم الراحل جلال معوض في مكتبه بالدور الثالث بمبنى ماسبيرو، وخلال توجهنا إلى مكتب عبد الحميد الحديدى رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، قابلنا عبدالحليم، وأتذكر أنه نظر لى نظرة حقد بغير مناسبة، ولم يعرني أي اهتمام وكأنه لا يعرفني؛ لأنه كان يعتبرني محسوبا على تيار محرم فؤاد.

هل صحيح أن العندليب غنى لك عن دون قصد؟
في إحدى الحفلات بنادي الجزيرة كان يغني هاني شاكر «كده برضه يا قمر»، وحضر عبدالحليم حافظ، وأخذ منه الميكروفون، وأكمل معه الأغنية، لذا أعتبره غنى لي بشكل غير مباشر دون أن يقصد.

في اعتقادك.. ما سر الحرب الباردة بين حليم ومحرم فؤاد؟
مع عظمة إحساس عبدالحليم إلا أنه كان يدرك أن محرم صوته أقوي وشكله أحلي، وأنه من الممكن أن يسحب من تحته بساط النجومية، لكن ذكاء العندليب يغلب 100 ألف محرم فأطاح به، علاوة على أن محرم كان لا يجيد مد الخطوط بينه وبين الإعلام، مثلما كان يفعل حليم، كما أن عددا من نجوم الإذاعة المحسوبين على العندليب، أو كما يطلق عليهم «فريق الموتوسيكلات» ساهموا في إشعال فتيل الحرب، وافتعلوا قصصا واهية زادت الكراهية بينهما، وخلقت جوًا من المنافسة غير الشريفة.

ننتقل إلى جيل ثانٍ من النجوم.. كيف ساهمت في سطوع نجومية أنغام؟
منحها والدها الموسيقار محمد على سليمان عصارة موهبته اللحنية، ولم أبخل بدوري كشريك أساسي في صنع تلك الموهبة الساطعة في سماء الفن، بأي جهد فكري في ابتكار أنسب الأفكار التي تتماشي مع عمرها الفني والحقيقي، فكتبت لها أكثر من 40 أغنية، وأتذكر أن القدر جمعني بوالدها محمد على سليمان، حينما كان مجندًا بالقوات المسلحة، وكنت رئيس فرع التوجيه المعنوي في منطقة البحر الأحمر سنة 1972، حيث أبلغني أنه ملحن، وصارت بيننا علاقة صداقة، وخلال زيارتي له في منزله بالقاهرة، وجدت عنده ابنة صغيرة تتمتع بصوت عذب وجميل، حينها أعطيته أغنية «أنا فيا عيوب كتيرة» ليلحنها للفنانة الراحلة صباح، ولكنه فاجأني، وقال لي:«ما تيجي يا ريس اسمعك بنتي..سجلت حاجة حلوة ليك»، وسألني عن رأيي، فقلت له:«حرام تديها أنا فيا عيوب كتيرة وهي لسه 14 سنة.. دي يتكتب لها حاجات على قدها»، وفي النهاية أصبحت إحدي أغاني ألبومها الأول، بعد ذلك كتبت لها «في الركن البعيد الهادي»، والتي استحسنها الجمهور، ثم «أول جواب» في ألبومها الثاني، و«هوا المصايف»، ونجح الألبوم نجاحًا مثيرًا، وكتبت على اثره أغنية «واحشني يا والدي» وأتذكر وأنا أحضر وزوجتي تسجيل هذه الأغنية لم تمتلك أنغام نفسها من البكاء المتواصل أثناء وبعد التسجيل؛ لأن الكلمات كانت مؤثرة للغاية، وكفيلة بأن تبكي الحجر لا البشر، أما أغنية «أنا برسملك صور» من نفس الألبوم فعبارة عن خيال واسع لعاشقة ترسم صورًا لمحبوبها بأشكال عدة، ثم كتبت لها أغنية وطنية «بحب بلدي» تليق ألفاظها ومفرداتها لأن تعيش وتغني لمصر في كل وقت، وغنتها في احتفالات أكتوبر 1988 أمام مبارك وقرينته.

وماذا عن تفاصيل قصة أغنية «ببساطة كده وبكل وضوح»؟
كانت لها قصة غريبة، حيث كتبت لمطربة اكتشفها الراحل حسن أبو السعود، ولكننا فوجئنا باختفائها قبل تسجيل الأغنية، وبعدها غنتها أنغام، وأتذكر أن أحد أعضاء لجنة الاستماع في ستوديو صوت القاهرة بالعتبة، قال لي: «لم أسمع أغنية في حياتي فيها هذا النبوغ في الفكر».

رغم هذا انقطعت علاقتك بـ«أنغام» خلال السنوات الأخيرة.. لماذا؟
منذ بزوغ نجمها، وهي من داخلها متمردة على والدها، حتى قررت الانقلاب عليه وقطعت علاقتها به حتى وقتنا هذا، على الرغم من محاولات الصلح بينهما، لكنها رغبت في الخروج من عباءته وأصدقائه، ولا يمكنني العمل معها دون علم أبيها، ولا أرضى بذلك..وفي الحقيقة منذ أن انفصلت عن صناع نجوميتها الأوائل، وتركت مكانتها لنجوم صاعدين مثل شيرين عبدالوهاب.

بالحديث عن «شيرين».. ما حقيقة رفضك التعاون معها؟
منذ 15 عامًا حضرت «شيرين» برفقة أحد الصحفيين الذي أخبرني بأن صوتها مميز، وتأمل في أن يتبني الملحن محمد على سليمان موهبتها، وذهبت بها إلى محمد على سليمان لكنه رفض أن يلحن لها؛ من باب أن الصوت وحده لا يصنع نجمة، بعدها لجأت إلى آخرين ونجحت في تجاوز أنغام.. وكنت أتمني أن أكتب لها؛ لأنها تمتلك صوتًا مميزًا، وأنصحها بالتركيز في الغناء فقط، وارتداء ما يناسبها.

وما هو رأيك في عمرو دياب؟
قيمة عمرو دياب الغنائية 1/10 من عبدالحليم حافظ، و1/100 من محرم فؤاد، ولكن ذكاءه الفني فاق العندليب.

وكيف تنظر لموهبة تامر حسني الغنائية؟
أرى أن صوته أفضل من عمرو دياب 100 مرة؛ كونه فنانا يكتب ويلحن، بجانب أنه ممثل جيد.

وما سر عدم تقديم أي أغنية للمطربين الحاليين؟
بنبرة حزينة:«مرحلتي قفلت بما قدمته لأنغام وأصالة وسميرة سعيد».

تعاونت مع المطربة «أصالة».. كيف ترى أدائها في الفترة الأخيرة؟
كنت سعيدًا بتقديمي لها عدة أغانٍ في الماضي، أبرزها «انتهينا من العتاب»، خلال عصرها الذهبي، لكنها للأسف ارتدت ثوبًا غريبًا وشاذًا بعيدًا عن إمكانيات صوتها، وخلعت رداء التوهج والطرب.

وماذا عن علاقتك بالموسيقار الراحل عمار الشريعي؟
تعاونت مع الموسيقار الراحل عمار الشريعي في كتابة العديد من الأغاني، وبدأت بيننا علاقة صداقة ومودة حقيقية بعد أغنية «أنا بتكلم بجد» سنة 1976 للمطربة مها صبري، واستمرت حتى رحيله في عام 2012، وكان الراحل يرى بأذنيه ما لا يراه الآخرون ذوي العيون المبصرة.

ما السر في عدم كتابتك كلمات لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم؟
بالفعل كتبت لها أغنية «انتهينا من العتاب» من ألحان خالد الأمير، ولكن لم يسعفها الزمن أو العمر، وغنتها أصالة.

في وقتنا الحالى.. ما الموهبة التي ترى فيها الصوت الطربي الأصيل؟
أرى في مي فاروق صوت طربي عظيم، لكنها بحاجة لإنقاص وزنها بشكل كبير.

وكيف تنظر لظاهرة «المهرجانات»؟
الذوق المصري يعيش عصر «البعككة»، وأرى أن انتشار هؤلاء بسبب رواج تجارة المخدرات، لذا اعتبره فنا هابطا وليد تداول وكثرة المخدرات في مصر.

ما أبرز الصعوبات التي عرقلت شهرتك داخل الوسط الفني؟
ظروف خدمتى في القوات المسلحة، وتواجدي على الجبهات سواء في اليمن أو سيناء، أبعدتني عن مركز الإشعاع الفني، لكن بالصدفة المحضة وبالإصرار وفقني الله في التعاون مع عدد من النجوم.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
Advertisements
الجريدة الرسمية