رئيس التحرير
عصام كامل

مذيعة فظيعة.. ارتفاع منسوب البذاءة !


فقد الناس، على مختلف الدرجات الاجتماعية نسبة لا بأس بها من الملافظ! "الملافظ سعد" تعبير سمعناه ورددنا وعملنا به في الخطاب الاجتماعى لسنوات وقرون، وكانت المخاطبات الرسمية والخطابات البريدية الشخصية، على السواء قطعا من الأدب والجمال والأناقة، وكلها تعكس تعمق الذوق، والحرص على تبادل باقات من الإحساس البديع بل وملامسة مشاعر الآخرين، بهدف أن يفهم المتلقي أن المرسل شخص مهذب مؤدب وملافظه سعد.


اليوم ملافظنا طوب وتراب وزلط. ليس المخيف أن الحروف صارت تريلات نقل الحجارة والطوب والرمل والحصى والجليطة، بل المخيف أن الإحساس العام يشجع تلك العملة الفاسدة، ويكرس القبح، ويتناقله ويضيف إليه.

ما الذي يجعل تلك المذيعة "الفظيعة" تظهر وتختفى وتدعى وتتغير وتتبدل وتعود كأنها رابعة ثم فجأة ترمى على الناس تعبيرات مهينة مسفة كريهة. تلوكها بمنتهى الثبات والنعومة اللزجة المزفلطة.

هي وغيرهن وغيرها صرن وصاروا اشارات ونماذج فجة تثير الانزعاج العام، ولا ترتدع، ولا لديها الإحساس بالخطأ.. فهل هذه المذيعة، مثلا، ضرورة حياتية لنا؟.. هل البلد في حاجة إلى كل هذا القدر الهائل من اللزوجة ؟!.. هل هي مثلا ضرورة بيولوجية فسيولوجية سوسيولوجية ؟! هل من عناصر توازن البيئة في الوطن؟ من ذا الذي وضعها لنا على جهاز التنفس الاجتماعي الملوث؟

هي وغيرها صرن وصاروا عبئا على العقل العام وعلى الشعور العام، هم انعكاس للانحطاط في التلقى وفي التذوق وفى الفهم. لقد أعلنت اعتزالها العمل الإعلامي.. أرحتِ واسترحتِ وبلا عودة رجاء!

ثم هل كانت أصلا مقيدة بنقابة الإعلاميين؟ لقد مارست المهنة دون ترخيص. مثلها مثل الطبيب الذي يكشف ويعالج وهو خارج على القانون لأنه لم يحصل على ترخيص النقابة بمزاولة المهنة!

لكن لا بأس فالمهن الحرة الإبداعية لمت كناسات المواهب، وفضلات الأشباه. نقابة الإعلاميين أعلنت أنها بدون ترخيص. اليوم أعلنت. قبل اليوم عميت عن أن هذه الإعلامية تخرج على الناس بدون قيد إعلامي في مخالفة صريحة سافرة للقانون!

من يحمى طلة الكآبة هذه ؟ من ذا الذي كلما هوت في حفرة من صنع يديها عاد ومد إليها طوق الاستخراج فأصابنا بها ؟

الفجاجة والبذاءة والتبجح ليست فقط مفردات إعلاميين وصحفيين وصنايعية بل صارت لغة مجتمع متنمر لبعضه البعض. لا أحد يطيق أحدا الآن. التراحم والتعاطف والكلمة الحلوة كلها غابت لأننا في غابة مملوءة بالضوارى والكواسر، ولا رادع اجتماعى ولا قانونى بكل أسف.

شيوع القوة والقسوة وتعبيرات البذاءة معناه غياب الحياء. الحياء يتحقق مع رقة الشعور وشفافية الوجدان. يصنعهما معا وبسهولة الفن الحقيقي. الفن الحقيقي ليس فن البلطجة والعنف والألفاظ الجارحة المشينة. الفن الحقيقى يصنع ملائكة على الأرض. يتحسب الإنسان قبل أن يجرح غيره بلفظ أو يخدشه بأظفر.

للأسف الشديد... في ذلك فشلت الدولة فشلا غير مفهوم أو نصف مفهوم.. فشلت لأن القائم على إدارة الوجدان العام لا علاقة له بالإحساس الفنى.

فاقد الشيء لا يعطيه.
الجريدة الرسمية