رئيس التحرير
عصام كامل

أنواع الإدمان في مجال الوظيفة العامة


الموظف العام هو عماد الهيكل الإداري للدولة، وانعكاس لأفكارها واتجاه حكومتها، وهو أيضًا أحد مؤشرات قياس الرضا لدى المواطنين والمستثمرين، فإذا نجح نجحت منظومة الجهاز الإداري والعكس صحيح.


وأهم ما يشير إلى نجاح الموظف هو تحليه ببعض الصفات، وتخليه عن صفات أخرى، وهو ما يدعونا للتعرض لبعض الصفات والسلوكيات المهمة في محاولة لمد يد العون لمن أراد أن يُحسن من نفسه ومن غيره في هذا المجال.

أول صفة تساهم في نجاح الموظف العام هي الصدق، والذي صار مذمومًا في القطاع الحكومي، بل إن البعض إحترف الكذب ليتمكن من الحفاظ على وظيفته والترقى فيها، وحقيقة الأمر أن الكذب يدمر الحياة الوظيفية ويهتك العلاقة بين الموظف وزملائه، وبينه وبين رؤسائه فضلًا عن جمهور المتعاملين من المواطنين، ودليل ذلك ما وصلت إليه الدول المتحضرة التي تعتبر الكذب جريمة لا تُغتفر، ولن ينصلح الحال بموظف صادق وحوله عشرة يكذبون، ولكن يجب أن تسير المنظومة كاملة في هذا الاتجاه.

وتُعد السلبية من الصفات التي تقدح في كفاءة الموظف العام، وتنحدر به وبمؤسسته إلى منزلق خطير، لأنها تكشف عن عدم الانتماء للمؤسسة والدولة، ولو استبدلها الموظفون بالإيجابية وتسابقوا بالاقتراحات لتطوير المؤسسات وإصلاح مواضع الفساد وبادروا بالتنفيذ لتغيرت الصورة الذهنية عن القطاع الحكومي، وكان لذلك أثر طيب في حياة المواطنين والمستثمرين الأجانب على حد سواء.

من الآفات الحكومية المماطلة والتسويف، وتظهر كفاءة الموظف العام حين يبادر لأداء عمله، وقد وضع الكاتب الشهير "ستيفن كوفي" صفة المبادرة على رأس العادات في كتابه "العادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية في العالم"، لأن المبادرة تتضمن في حقيقتها عادات وصفات جيدة مثل الحرص على الوقت وسرعة اتخاذ القرار وإعمال العقل لاغتنام الفرص الجيدة والمفاضلة بين الاختيارات المتاحة التي تحقق الأهداف المرجوة.

ومما يقوي فرص نجاح الموظف العام اتصافه بالأخلاق الحميدة، وقد يكون ذلك محل جدال مع البعض، ولكن الواقع يكشف عن حب الناس لصاحب الخلق فإذا احتاج للمعاونة وجد من يعاونه، وإن أخطأ وجد من يغفر له زلته، وليس ذلك عجيبًا وإنما هو رد فعل لتصرفاته الحسنة مع الجميع، فهو من يبعث الراحة النفسية في مجال العمل، ويسارع الجميع للتعامل معه لشعورهم بالأمان تجاهه، ويثق فيه الرؤساء، وأسوأ الناس من أدمن سوء الخلق ورفض العلاج منه.

ورغم ما يحققه التدريب في حياة الموظف العام من آثر كبير، إلا أن هناك صفات وعادات لا يمكن للتدريب أن يقومها، ومثال ذلك إدمان الإنترنت وألعاب الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، وإنما يجدر بكل موظف أن يتخلص من ذلك النوع من الإدمان الذي لا بد أن يؤثر سلبًا على وظيفته بشكل مباشر يتمثل في إضاعة وقت العمل وشرود الذهن، وغير مباشر يتمثل في السهر لساعات متأخرة تترك أثرها على أداء العمل نهارًا.. وللحديث بقية..
الجريدة الرسمية