رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مساخر في هزيمة ٥ يونيو الكروية


شر البلية ما يبعث على السخرية المرة المريرة، إذ لاتزال أصداء وأسرار هزيمة ٥ يونيو الكروية، تتكشف ساعة بعد الأخرى ويوما بعد الآخر. وكما أن هزيمة الخامس من يونيو عام ١٩٦٧ العسكرية، كشفت الغطاء عن الحقائق الكارثية في بنية القيادة والمجتمع معا وقتها، فإن هزيمة المنتخب الوطنى فضحت فساد الهيئات الرياضية التي أفسدت بدورها اللاعبين، رأوا في قياداتهم استسهالا واستهبالا وانحرافات بالجملة، موضع الفحص والتحقيق حاليا.


والحق أن الناس لاتزال في صدمة.. إنها مجرد مباراة خسرناها في بطولة نجحنا عالميا في تنظيمها، ومع ذلك فإنها لاتزال تؤلم الجميع بقدر ما يتكشف منها من أسرار، لكن ماذا لوكنا انتصرنا على جنوب أفريقيا ؟ هل كان أحد سيتحدث عن فساد، وعن سرقات وعن عمولات وعن انحراف أخلاقى وعن غياب الانضباط؟.

كنا سنغني المصريين "أهمه حيويةوعزم وهمة" وكنا سنهتف "عاش منتخب الفراعين"، وكنا سنعلن "سامحناك يا واد وردة بس معدتش تتحرش تاني يا خلبوص"!

لكن ما كان ممكنا أبدا أن تؤدى مقدمات سلبية إلى نتائج إيجابية. النتائج كانت معروفة سلفا، والفريق نازل مهزوم، والأداء عشوائي، ومع ذلك كان ضروريا أن يثبت هذا الجيل من الكرويين أنهم شوية عيال لا يتمتعون بأدنى قدر من الهمة والتحمل والدأب.

تبدو البطولة كأنها نزهة. الروح الخرعة هذه لا تتولد إلا من احتقار اللاعبين لمن يرأسهم ويدربهم ويوجههم.

يرونه أتفه أو أقل مكانة منهم، أو أضعف من أن يفرض شخصيته ومنهجه عليهم، باعتبارهم وحدة قتال رياضية.

الفرق العربية والأفريقية نزلت الملاعب بهذا الشعور الرجولي القتالي. نحن نزلنا زفة فرح !

انعدام الشعور بالمسئولية وترجمة العبء الوطنى إلى إنجاز حقيقي، هو ذاته المنبع الذي خرج منه ذلك الإعلان الاعتذارى البائس الذي صورته شركة مياه غازية غبية الفكرة، لمجموعة من اللاعبين تفرقوا على استندات يرمون علينا سطرا ممزق الكلمات يعربون فيه عن اعتذارهم.

حين تعتذر، تخرج كلماتك نادمة متلعثمة من أعماقك. هم اعتذروا على طريقة نشيد الصباح. كلمة ونص واعتذرنا.

ألقوا الاعتذار في وجوه الناس بالطريقة ذاتها التي ألقوا بها وكستهم الكروية في وجوه الملايين الذين ناصروهم وهتفوا وصفقوا ولم يحصلوا إلا على الصفر !

هذا بلا ريب لون فج من ألوان البجاحة، ودرجة لم نر مثلها من النطاعة، ودليل على أنهم منشار طالع واكل نازل واكل ملايين الجنيهات.. كسبوا أموالا قبل اللعب وكسبوا أموالا وهم خاسرون.

الأغرب من كل ما سبق أن القانون يجرم التأثير بالنشر أو الإذاعة على سير التحقيقات، فما بالك والملوثة أسماؤهم في اتحاد الكرة هم من يوجهون الرأي العام ويفسرون ويبررون، كأنهم ليسوا ضالعين في الخيبة الثقيلة. كيف يعقل أن تترك منصات الإعلام لعناصر من اتحاد الكرة هي ذاتها من عوامل الهزيمة!

هل أنتم في غيبوبة كاملة أم فقدتم الإدراك، أم هنالك مصلحة؟

هؤلاء يجب إبعادهم عن التأثير على سير التحقيقات فورا.. تبدو المصائب غالبا مجالا للمراجعة بهدف إعادة البناء والتأهب للنهوض.. وما حصل ليس نهاية العالم، لكن أهميته العظيمة تكمن في التنبيه على وجود شبكات كاملة من الفساد... ليس فقط في الرياضة، بل أيضا في السياسة والبرلمان والثقافة والمصالح الحكومية. غياب العقاب الصارم دعوة مفتوحة لمواصلة النهب والاستسهال والتراخى.

Advertisements
الجريدة الرسمية