رئيس التحرير
عصام كامل

النصائح العاجلة في أذن القيادات العاقلة


تتقدم مصر في الآونة الأخيرة تقدمًا حثيثًا في قطاعات عديدة، ومن بين تلك القطاعات القطاع الحكومي والخدمة المدنية بكافة المستويات، وتشغل الإدارة درجة هامة في ذلك القطاع، بل وكافة القطاعات، حيث لم تتوان الدولة عن دعم ذلك تشريعيا بما تضمنه الدستور من قواعد تنظم شئونها، وكذلك قانون الخدمة المدنية وغيره من التشريعات.


العنصر الأهم في مجال الإدارة هو القيادة الفذة التي تبحث عنها مؤسسات الدولة لتدير وتنظم وتطور أداءها، وتمحو أخطاء الماضى وتتداركها في ذات الوقت، ومن هنا تبرز أهمية أن تدرك القيادات في مؤسسات الدولة أهمية وخطورة الدور الذي تؤديه، وأن تتحرك سريعًا ومن اللحظة الأولى لإزاحة الفاسدين وتصفية البؤر التي صنعوها في ظلمات سنوات سابقة ورجحوا مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة، ونشروا عدوى الفساد.

ونحن نسلم بصعوبة تصفية بؤر الفساد بين عشية وضحاها، وإنما نؤكد على أهمية الضربات السريعة المتلاحقة لتدميرها من ناحية والسير وفق خطة إصلاح واضحة للجميع من أول يوم، وتحت شعار يجعل المؤسسة أو الهيئة في قلوب وأعين ابنائها، ولا يفوتنا أن نلفت الأنظار لأهمية مكافآة المحترمين وشكرهم على حسن الأداء والتزام التعليمات، إذ إن الثواب والعقاب يمثلان أحد أضلاع الإدارة الرشيدة.

ومن أساسيات الإدارة كذلك حسن اختيار المعاونين، على أن يكون ذلك وفق معيار الكفاءة قبل كل شيء، وألا يكون الهدف هو تحديد منصب لفلان، بل اختيار الأنسب للمنصب، فإن آفة القطاع الحكومى هو المجاملات، وكارثته هو أن يُؤتمن الخائن ويُخَوَن الأمين، وهو ما لا نرضاه لمؤسسات الدولة وهيئاتها التي يجب أن ننأى بها عن ذلك الشطط في الاختيار.

ولا يخفى على حكيم أن بين يدي القيادات تنبت بعض الطفيليات التي تحترف التجسس على أبناء المؤسسة أو الهيئة، كما أنها تُتقن فن الوقيعة بين القيادة والعاملين حتى لا يصبح بجوار القيادة إلا تلك الطفيليات التي تتسلق سريعًا لتشوه كل جميل في عين القيادة ولا تكشف الا القبيح، حتى تيأس القيادة من الإصلاح، وتكره أبناء المؤسسة وتقسو عليهم، فتفرح الطفيليات وتنمو أكثر، وتقف حائط صد بين القيادة والعاملين، إنهم جرثومة المؤسسات وسرطان الهيئات، نحذر القيادة منهم فخطرهم لا يمكن تداركه، وشؤم وجودهم يبقى للأبد.

ومن الضرورى للقيادة الرشيدة الترفع عن تصفية الحسابات والالتفات إلى سفاسف الأمور، بل يجب حسم الخلافات وإحقاق الحقوق لأصحابها من ناحية، وتفعيل مفهوم التفويض لبعض الأعمال لكى تتفرغ القيادة للمهام الجسام، ولا تنحرف إلى المسارات الجانبية وتجعلها شغلها الشاغل.

واخيرًا.. فإن عمل القيادة في القطاع الحكومي لن يصح دون حُسن إدارة الوقت، ومطاردة الدقائق والثواني لتحقيق الخطط المرجوة، والتي من شأنها رفع مستوى المؤسسة أو الهيئة وهو ما ينعكس على إجمالى إنتاج الدولة، ولا بد لكل قيادة أن تتذكر القيادة السابقة عليها في يوم جلوسها على الكرسي ويوم رحيلها، وأنه لن يصطحب معه إلى بيته سوى الدعوات الصادقة من أبناء المؤسسة أو الهيئة وجمهور المتعاملين معها، فإما أن تكون بدوام الصحة والسعادة وأما مصحوبة باللعنات، وهو ما لا نرضاه لقياداتنا الرشيدة.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية