رئيس التحرير
عصام كامل

خبير مياه في حوار لـ«فيتو»: إثيوبيا تريد التحكم في الإرادة المصرية ولي ذراع مصر

فيتو

  • أمريكا وإسرائيل والصين حرضت إثيوبيا على استكمال السد للتحكم في الإرادة المصرية
  • منطقة بناء السد من البازلت وتتعرض لهزات أرضية واحتمال انهيار السد 90%
  • احذر مصر من التوقيع على عنتيبي والأنظمة الحاكمة لا تلعب دورا في الأزمة
  • تاريخ إثيوبيا يشهد أنها دائمًا تحب مخالفة القرار الجماعي
  • حكومة الإخوان فشلت في ملف دول حوض النيل ويجب عليها مصارحة الشعب بأبعاد القضية


  • بعد "الخطوة العنترية" التي اتخذتها الحكومة الإثيوبية بتحويل مجرى النيل الأزرق لاستكمال مشروع سد النهضة وما سيترتب على بنائه من آثار خطيرة على مصر، وانتهاء أعمال اللجنة الثلاثية المشكلة من مصر والسودان وإثيوبيا لبحث مخاطر بناء سد النهضة الإثيوبي على كل من مصر والسودان، بعد صدور تسريبات من اللجنة تؤكد أن منطقة بناء السد الإثيوبي تتكون من صخور بازلتية معرضة للانهيار والزلازل، وان الدراسات الخاصة بالسدود غير مكتملة وبناءه غير آمن وتوقعات انهياره تتجاوز 90 %، في الوقت الذي تسعي فيه أمريكا وإسرائيل إلى الدفع بإثيوبيا للضغط على مصر ولي ذراعها للتحكم في القرار المصري، كان لنا الحوار مع الدكتور مغاوري شحاتة دياب خبير المياه العالمي ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، فإلى نص الحوار. 

  • - هل توافق على توقيع مصر على اتفاقية " عنتيبي " 
  • أنا لا أوافق على توقيع مصر والسودان على الاتفاقية لأنها كارثة وستؤدي إلى إلغاء كافة المعاهدات السابقة بين دول حوض النيل، وستستغلها إثيوبيا لإقامة سدود أخرى، كما أن توقيع مصر على الاتفاقية سيتسبب في عدم قدرة مصر على مقاضاة إثيوبيا أمام المحاكم الدولية، وأخشى أن يقوم النظام الحاكم الآن بالتوقيع على الاتفاقية التي ستخلف الدمار لمصر.

  • - لماذا عدلت إثيوبيا تصميم بناء السد ليستوعب 75 مليار متر مكعب بدلا من 11 فقط ؟ 
  • أقامت إثيوبيا سد النهضة على واحد من مخارج نهر النيل الأزرق على الحدود السودانية بعمق 40 كيلو في الأراضي الإثيوبية، وكان تصميم السد في البداية 11 مليار متر مكعب، وكان التصميم مبنيا على أسس علمية تؤكد أن أقصى طاقة يمكن أن تستوعب هذا السد هي 11 مليار متر مكعب، لكن إثيوبيا عدلت من مخططاتها وتم إعادة تدقيق إمكانيات السد والعائد منه واستخدمت الارتفاع لحجز المياه بحيث طاقة استيعاب البحيرة التي ستنشأ أمام السد سترتفع إلى 74 مليار متر مكعب وهو ما يعني أن القدرة الاستيعابية التخزينية تضاعفت نحو 7 مرات من السعة الأصلية التي كان مخططا لها عام 1964.

  • - ما هي حقيقة ما تردد عن أن الأرض التي سينشأ عليها السد عرضة للزلازل والهزات الأرضية ؟ 
  • المنطقة التي بني عليها السد منطقة صخرية مكونة من صخور بركانية يكون فيها البازلت الصخر الأساسي، والبازلت بطبيعته صخر غير مرن وهو ما يعني أنه يقبل الاستجابة للهزات الأرضية التي تعرضه للشروخ والانكسارات، وهو ما يؤكد أنه سيتعرض لانهيار جزئي أو كلي وهو ما يعني أن الموضع الجيولوجي للسد سيتسبب في كوارث لأن منطقة بناء السد زلزالية ومعرضة لخطر دائم، على مصر والسد العالي، وكذلك السودان.
  • - ما هي آثار انهيار السد على كل من مصر والسودان ؟ 
  • سيتسبب انهيار السد في انحدار المياه خلفه دفعة واحدة والتي سوف تجتاح السودان وستصل إلى حدود القاهرة وهي كارثة بكل المقاييس ستغرق كل شيء، وهو بمثابة إنذار صريح للسودان لأنها إن كانت ترى أنها ستستفيد من بناء السد كما وعدتها إثيوبيا وهو ما انعكس على موقفها اللين تجاه إنشاء السد بعد وعود من إثيوبيا بتصدير الكهرباء لها، متناسين أضرار السد التي من الممكن أن تعصف بكل مدن السودان حتى الخرطوم، كما أن هناك خطرا آخر يتعلق بتوزيع المياه، فالمعروف أن المياه تأتي من إثيوبيا خلال موسم الفيضان.. هذه المياه تأتي من خلال النيل الأزرق، يصلنا منه نحو 55.5 مليار متر مكعب من المياه، وبناء السد سيمكن إثيوبيا من التحكم في مصر والسودان من خلال التحكم في كمية المياه المتدفقة إليها، كما أن السد سيكون له تأثير على مصر عن طريق حجز كمية من المياه من حصة مصر تصل إلى نحو 9 مليارات متر مكعب تروي نحو مليون فدان من الأراضي المصرية ستتعرض للبوار والعطش إذا ما تم خفض حصة مصر من المياه في الوقت الذي تسعي فيه مصر إلى التوسع الزراعي والاستثمار، كما أنه سيؤدي إلى انخفاض كميات المياه التي يتم تخزينها في بحيرة ناصر من 120 مليار متر مكعب إلى 75 مليارا فقط بعد اكتمال إنشائه مباشرة، وانخفاض طاقة توليد الكهرباء من السد العالي وقناطر إسنا ونجع حمادي بمعدل 20%، بالإضافة إلى تشريد 5 ملايين مواطن يعتمدون على زراعة هذه المساحات، وعند اكتمال إنشاء السد ستصبح إثيوبيا قادرة على التحكم الإستراتيجي في وصول مياه الفيضان إلى مصر كما سيكون للسد تأثير على معدلات النحر بالسودان وهناك آثار أخرى سلبية يجب أن تكون محل دراسة.

  • - ما هي نوايا إثيوبيا الحقيقية من وراء بناء السد ؟ 
  • أعلنت إثيوبيا أن الهدف الأساسي لها من بناء سد النهضة هو توليد الطاقة الكهربائية، لكن السدود العالية على هذا النحو تدل على أن الهدف من إنشاء السد ليس توليد الكهرباء حيث إن سدودا منخفضة للغاية يمكنها أن تولد الكهرباء، لاسيما وأن هناك أنفاقا في إثيوبيا تستخدم معدل الانحدار في توليد الكهرباء وهو ما يعني أن إثيوبيا تعتمد على بدائل في توليد الطاقة.

  • - وهل هناك أبعاد سياسية أخرى من وراء بناء السدود؟ 
  • هناك بعد إستراتيجي تريده إثيوبيا من وراء بناء السدود يكمن في رغبة إثيوبيا التحكم في الإرادة المصرية والقرار المصري وهو ما يترتب عليه أن تكون خطط التنمية المصرية مرهونة بالإرادة الإثيوبية، وهو ما تتمناه إثيوبيا.

  • - وهل الإرادة الإثيوبية نابعة من ذاتها أم أن هناك من يحرضها ؟ 
  • بالطبع هناك تحريض من إسرائيل وأمريكا والصين والمجتمع الدولي الذي يهتم بإثارة المشكلات في منطقة الشرق الأوسط.

  • - ماهي توقعاتك فيما ستتوصل إليه اللجنة الثلاثية المشكلة لمعاينة آثار السد على مصر والسودان ؟ 
  • كشف أحد أعضاء اللجنة في تسريبات تمت الأيام الماضية عن صحة الشكوك التي أعلن عنها خبراء المياه في مصر من أن منطقة بناء السد زلزالية وأن السد معرض للانهيار في أي وقت، وأن السد غير آمن والدراسات الخاصة به غير مكتملة واحتمالات انهياره تصل إلى 90%، وهو ما يؤكد شكوكنا ويفسر موقفنا الرافض لاستكمال بنائه، ووزارة الموارد المائية دائما ما تعلن أن الدراسات الخاصة بالسد غير مكتملة.

  • - لماذا اشترطت إثيوبيا توقيع مصر أولا على " عنتيبي " للحصول على معلومات حول السد ؟ 
  • إثيوبيا تتعنت وتريد لي ذراع مصر، وتاريخ إثيوبيا يشهد أنها دائمًا تحب مخالفة القرار الجماعي، والانفراد بمواقف تثير القلق والفتنة بين الجميع وهو ما يعني أن إثيوبيا لا تتيح كل المعلومات للجنة الثلاثية المشكلة لمعاينة آثار السد.
  • - إلى أين وصلت مراحل بناء السد حتى الآن؟ 
  • قاربت إثيوبيا من الانتهاء من 50% من حجم أعمال بناء السد وهو ما يعني أنهم ماضون في استكماله وأن الدراسات مكتملة وإلا ما كانوا استطاعوا إنجاز 18% من حجم أعمال السد وكان من المقرر أن يتم تحويل مجرى النيل الأزرق في سبتمبر القادم وإثيوبيا ماضية في بناء السد رغم اعتراض مصر والسودان.
  • - هل تلجأ مصر والسودان إلى شن هجمات عسكرية على إثيوبيا لإجبارها على عدم استكمال بناء السد؟ 
  • ربما تكون الإجابة عن هذا السؤال صعبة للغاية لكن استخدام القوة والتدخل العسكري سيضعف من موقفنا في إجراءات التقاضي أمام المحاكم الدولية لكن هناك خيارات أخرى كإقناع إثيوبيا بضرورة التوقف عن استكمال بناء السدود، وإذا لم تقتنع إثيوبيا وأصرت على موقفها فمن المؤكد أن ذلك سيكون كارثة، ويمكن في هذا الحالة اللجوء إلى المجتمع الدولي، لكن إثيوبيا أعلنت عن أنها ماضية في بناء السدود حتى ولو لم تجد أي جهات مانحة عن طريق عوائد مشاريع استثمارية قامت بها، 

  • - ما هي الحلول التي من الممكن أن تلجأ إليها مصر لإيقاف بناء السدود ؟ 
  • إثيوبيا تطمح في أن تكون دولة محورية في مكانها ولها أطماع، فهي تحاول أن تتدخل في الصومال وجنوب السودان فهي تأخذ دور الزعامة لهذه المنطقة، ومن المؤكد أن ذلك سيأتي على حساب مصر، ومن الممكن تقديم شكاوى ضد إثيوبيا في هيئات الأمم المتحدة العاملة في مجال المياه فهناك خطر وخلاف لما تم إقراره في الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي أوصت بالاستغلال المنصف والعادل للمياه، وفي هذه الحالة يتم تقديم كافة المستندات التي توضح المخاطر التي ستتعرض لها مصر إذا تم استكمال بناء السدود. 

  • - هل هناك دور للكنيسة أو الأزهر في وقف بناء السدود ؟ 
  • لم يكن للكنيسة أو المسجد دور في ملف دول حوض النيل ولا حتى الأنظمة الحاكمة فالأزمة تمتد جسورها إلى الثمانينيات بعد إلغاء كافة المعاهدات التي تنظم العلاقة بين دول حوض النيل، وكان هناك تربص بموقف مصر حينما طرحت مبادرة " عنتيبي " فإنشاء المفوضية التي يسعون إليها الآن لا يلزمنا فهناك معاهدات وقعنا عليها وهم أيضا وقعوا عليها.

  • - ما هو رأيك في دور الإخوان في المفاوضات مع إثيوبيا؟
  • تصريحات الدكتور محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية والري عن أن المخاطر التي ستلحق بمصر من آثار بناء السدود غير مؤكدة هو التفاف على الواقع ويجب أن تصارح حكومة الإخوان الشعب بحقيقة الأزمة بدلا من إخفاء المعلومات عنه حتى يشارك بنفسه في تحديد مصيره، والمباحثات الإخوانية فشلت حتى الآن في إقناع الجانب الإثيوبي بالعدول عن استكمال بناء السد لاسيما وأن من يتولى رئاسة الحكومة وهو الدكتور هشام قنديل وزير الري الأسبق، واتخوف من موافقة جنوب السودان على الاتفاقية وأتمنى أن ينجح الرئيس مرسي خلال زيارته لجنوب السودان الشهر القادم في اقناعها بعدم التوقيع.

  • - ما هي رؤيتكم لحل أزمة دول حوض النيل ؟
  • لا بديل عن مد جسور التواصل بين مصر وإثيوبيا عن طريق استكمال المشاريع والاستثمارات التي تقوم بها مصر من حفر آبار وإنشاء مصانع لإقناع إثيوبيا بالتراجع عن فكرة السدود، بالإضافة إلى ضرورة وجود إدارة مستقلة لإدارة ملف دول حوض النيل وحل النزاعات التي تنشأ بين الدول الأعضاء بالإضافة إلى التركيز على ملف الأمن المائي المصري للحد من مخاطر المياه الواردة لمصر من إثيوبيا وهو ما يتطلب إنشاء مشروعات مائية مشتركة، لاستقطاب فواقد النهر في حوض بحر الغزال، وقناة جونجلي لتوفير 14 مليار متر مكعب من المياه لاستثمارها لصالح مصر والسودان.

  • الجريدة الرسمية