رئيس التحرير
عصام كامل

جمال بربري أديب بالفطرة.. قصة فران بأسوان احترف كتابة الرواية بين لهيب النيران


ظروف الحياة القاسية التي مر بها خلقت بداخله حافزا لتنمية موهبته التي تميزه عن الكثيرين ليست لإبداعه فيها، لكن لجمعها بينها وبين المهنة الشاقة التي يعمل بها فضلًا عن مستواه التعليمي واختلاف الأوساط المجتمعية التي يتعامل معها، ويعتبرها تعويضا من الله عن الظروف الحياتية الصعبة التي يمر بها، وأصبحت حوله العديد من علامات الاستفهام والدهشة التي وصلت إلى حد الانبهار لدى كل من حوله أو تعامل معه.




جمال فتحي عبد الرحيم، وشهرته "جمال بربري"، 42 عامًا، حاصل على دبلوم صنايع، ومن أبناء محافظة أسوان يعمل في مخبز صغير بمنطقة الشيخ هارون بأجر يومي بسيط ليستطيع توفير حياة كريمة لأسرته، أنعم الله عليه بموهبة الكتابة ليصبح كاتبا لديه مجموعة مؤلفات تحمل اسمه يحلم أن يصل بها إلى العالمية.

التقت "فيتو" بالكاتب جمال بربري للتعرف على مشواره وقصته التي تعتبر حافزا للكثيرين، وكيفية حفاظه على موهبته في الكتابة التي اكتشافها منذ طفولته في ظل التزامه بعمل شاق على مدار اليوم.

قال جمال بربري: إن موهبة الكتابة ظهرت عندما كان في المرحلة الإعدادية لأنه في ذلك الوقت مرّ بظروف عائلية صعبة وكان أبرزها مرض والده وخروجه إلى العمل في سن صغير بجانب حرصه على استكمال تعليمه، موضحًا أنه لجأ إلى الكتابة لأنها كانت ملاذه الوحيد للهرب من همومه ووحدته، فكانت الورقة صديقًا يحكي له ما مرّ به من شقاء خلال يومه، وتطور الأمر إلى أنه اعتاد كتابة أي موقف يحدث معه شخصيًا أو لمن حوله.

وأضاف أنه التحق بمدرسة الزخرفية في ذلك الوقت، والتي كانت قريبة من مقر قصر ثقافة أسوان، مما جعله يتردد لحضور أمسيات ثقافية والتحدث إلى الكتاب والمثقفين خلال الفاعليات المختلفة، واستمر على ذلك الحال فترات طويلة، وبدأ في شراء الكتب التي كانت بأسعار قليلة في ذلك الوقت وأصبحت لديه مكتبة خاصة به في منزله تضم 5 آلاف كتاب في مجالات مختلفة، والتي ساعدته على تنمية موهبته حتى يصل إلى مرحلة تأليف كتب خاصة به.




أوضح "بربري"، أن أول كتاب له كان بعنوان "الجدران" صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ثم "أحزان لاتجد من يكتبها" طبعه على نفقته الخاصة صادر عن دار النسيم، أما المجموعة الثالثة بعنوان "مشكاة الوجع" صادرة عن دار إبداع، وساعده في إصدارها الدكتور عيد إبراهيم، ثم مجموعة بورتريهات سريالية وروائية بعنوان "دوائر مغلقة" صادرة عن دار الكلمات بالجزائر وجار تجهيزها لطرحها قريبًا.

وعن يومه وعمله الشاق في المخبز يحكي جمال بربري، أنه يبدأ عمله في المخبز يوميًا الساعة الثالثة فجرًا ويستمر لمدة 12 ساعة متواصلة حتى يستطيع توفير حياة كريمة لأسرته الصغيرة ويتقاضى أجرا يوميا لا يتجاوز الـ70 جنيهًا، وبالرغم من شقائه ساعات طويلة وعمله في الطقس الساخن بالمخبز لم يهمل موهبته، بل كان لديه إصرار على الحفاظ عليها من خلال تخصيص وقت للقراءة والكتابة والتوفيق بين عمله وأسرته وتنمية موهبته بشكل مستمر.



وأشار إلى أنه أصبح قادرًا على التأقلم والتعامل مع أوساط المثقفين، ومع الطبقات المختلفة في المجتمع بجميع الفئات خلال عمله بالمخبز ومنهم من لا يستطيع القراءة والكتابة، وبالرغم من التناقض بين المستوى الفكري والمجتمعي وطريقة الكلام وخروج الألفاظ بين الوسطين لكنه تفوق في ذلك ويعتبرها نعمة من الله وموهبته في الكتابة هي السبب الرئيسي في وصوله إلى ذلك المستوى.

ويختتم بربري كلامه متمنيًا أن يفوز في إحدى المسابقات التي يشارك فيها بأعماله حتى يحصد ثمرة نجاحه وكفاحه خلال مشوار حياته الشاق، وخاصة أنه لم ينل حظه من الشهرة نظرًا لوجوده في إحدى محافظات الصعيد والبعد عن العاصمة التي يوجد بها جميع دور النشر والمؤلفين والكتاب الكبار والفاعليات الثقافية الكبرى.
الجريدة الرسمية