رئيس التحرير
عصام كامل

ورشة رش المليارات: كل واسكت!


فيما دعا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى قمتين طارئتين، خليجية وعربية، في التاسع والعشرين من مايو الجاري، لبحث تهديدات إيران لمنابع النفط والنقل البحري التجاري، تلقت إسرائيل، والدول العربية، ورام الله، دعوة من البيت الأبيض، أطلقها الرئيس دونالد ترامب لحضور ما أسماه صهره "جاريد كوشنر" راعي ومؤسس "صفقة القرن" مع "جيسون جرينبلات" مبعوث "ترامب" للمنطقة، بـ"ورشة عمل اقتصادية من أجل السلام". رفض "كوشنر" إطلاق اسم "قمة" على المؤتمر الدولي الذي سيقام في البحرين يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من يونيو القادم.


نجحت شبكة CNN الإخبارية في الحصول على تفاصيل دقيقة عن الجزء الاقتصادي في خطة الإدارة الأمريكية لإحلال سلام نهائي في المنطقة، وسرب مسؤولان أمريكيان اجزاء من الخطة الاقتصادية، ورفضا الكشف عن اسميهما، لكن "كوشنر" نفسه أسهب في الحديث عن فعالية الشق الاقتصادي، أو بمعنى أدق، عن الشق المالي المغري للفلسطينيين، بل وللأردن ولمصر ولإسرائيل أيضا.

من الملفت للنظر في هذه الورشة أنها ستكون مقصورة على وزراء المالية الكبار في العالم جنبا إلى جنب مع كبار رجال المال والأعمال والمستثمرين، ولن يحضرها وزراء خارجية الدول المدعوة. تقوم الخطة كما كشف مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية على أربعة عناصر أو محاور كبرى، أولها البنية الأساسية، وثانيها الصناعة، وثالثها التمكين والاستثمار في الإنسان، ورابعها الإصلاح في الحكم.

الهدف من هذا كله جعل المنطقة، ليس فقط في غزة والضفة، مهيأة للاستثمار، بل لجعل الحياة أفضل. رؤية "كوشنر" مستمدة من نجاح خطط مماثلة ركزت على النجاح الاقتصادي في بولندا واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية. ستمنح الخطة المقترحة أموالا في صورة هبات، وقروضا منخفضة الفائدة ورؤوس أموال خاصة.

لن تتعرض ورشة عمل السلام من أجل الرخاء (الاسم المعلن في الإعلام العربي) لأية قضايا سياسية شائكة حتى لا تنهار. التركيز سيكون على التعمير والاستثمار والبناء والازدهار، ليكون هذا كله حافزا لقبول حلول سياسية يرضاها الفلسطينيون بعد أن يكونوا تذوقوا الحياة الطيبة!

الخطة الاقتصادية إذن هي الجزرة، وهي المرحلة الأولى وهي الغنم، بضم الغين، قبل الغرم، بضم الغين أيضا، وستعقبها المرحلة السياسية.

التركيز على المنافع، كما كشف المسؤول الأمريكي سيظهر للفلسطينيين والاسرائيليين واللبنانيين والأردنيين، مدى اهتمام وحرص المديرين التنفيذين الكبار في الاقتصاد العالمي على الاستثمار في المنطقة.

لكن أخطر ما قاله المسؤول الأمريكي متعلقا بالخطة الاقتصادية هو إمكانية دمج الاقتصادات في المنطقة وتداخلها مع الاقتصاد الإسرائيلي. قال: "إذا حل السلام، فسوف تتحقق النتائج الاقتصادية ليس فقط غزة والضفة، بل ستنال أيضا الأردن ولبنان ومصر. سوف تتكامل الاقتصادات وتندمج".

هل هي خطة إغواء وإغراء بالبيع السياسي مقابل المال؟

المسؤول الأمريكي رفيع المستوى، نفى أن يكون الإفصاح عن الشق الاقتصادي من خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط بمنزلة تقديم رؤية عن أرض فلسطينية أكثر رخاء وازدهارا، لتشجيع الفلسطينيين على قبول تنازلات أوسع نطاقا في أي محادثات سياسية تالية وفق الخطة!

على رأسه بطح.
الخطة فيما أعلنه "كوشنر" قبل أسبوعين تخلو من حل الدولتين وتتحدث عن كيان أكبر من الحكم الذاتي وأقل من دولة، تحميها إسرائيل!

بالنسبة لغزة لن تضخ أموال إلا بعد هدنة دائمة حقيقية، قابلة للاستمرار. عندها سيرون أموالا هائلة تعمل في تعميرها وبنائها. وأظن الهدنة اشتغلت منذ أمس. الفلسطينيون أعلنوا رفضهم.. وإسرائيل، العريس، ستحضر والعرب أهل العروس سيحضرون بالطبع.
فرح، ليلة زفاف؟ أين العروس؟.. هربت. تأبى العروس أن تدخل المخدع.
الجريدة الرسمية