رئيس التحرير
عصام كامل

حرب الخليج الثالثة وشراب العصير!


إلى أن تقع حرب الخليج الثالثة، بين طهران من ناحية وواشنطن والرياض ودبي والإمارات وإسرائيل من ناحية أخرى، ومع امتناع الأطراف عن بدء الشرارة الأولى وإصرار الطرفين الرئيسيين، طهران وواشنطن، على أنهما لا يريدان الحرب، وحيث إن الدراما الرمضانية هذا العام هابطة المستوى، فكرا وذوقا ونجوما، فإن الانتباه ينصرف بالضرورة عن الشاشات ويتجه إلى مراكز البحوث العلمية المهتمة بحياة الإنسان لا قتله!


خبران علميان كانا بمنزلة صدمة طبية، كلاهما صادر عن مراكز بحثية مرموقة، الخبر الأول أن القهوة قاتلة. هل في هذا جديد؟
كان الشائع في الماضي أنها كذلك، ثم خرج علينا أطباء القلب والباحثون بأن القهوة تحمي القلب وتمنع السرطان وتنشط المخ. وأقبل الناس على الفناجين يحتسون الفنجان بعد الآخر.

شخصيا أنا محدث قهوة، ووافد جديد عليها منذ أعوام قليلة جدا، لكنها فتنتنى، غير أن الأبحاث الجديدة "فرملت" تلك النشوة الرائعة وأنت واقف ترقب "نمو وش القهوة في الكنكة" وتفعم أنفك أنفاسها المحوجة بالخلطة!

البحث الصادم أن ستة فناجين قهوة خطر مؤكد على القلب حيث يتحول الكافايين إلى عدو للقلب.. وحموضة وارتجاع. عموما، لا أحتسي سوى فنجانين.. لست إذن من المرشحين للوفاة بستة فناجين من المشروب الأسود اللذيذ.

الخبر الثاني هو المفاجأة بحق، وأهميته وجديته أنه صادر عن جامعة كورنيل في نيويورك، وجامعة إيموري في ولاية أطلانتا الأمريكية. يقول الخبر أن أي عصير.. أي عصير تشربه يهيئ الجسد للوفاة بنسبة ٢٤٪؜ أكثر من ضعف النسبة الناجمة عن شرب المياه الغازية. الأخيرة ترشحك للوفاة المباغتة بنسبة ١١٪؜.

العصير الطبيعي خطر مميت؟

نعم العصير الطبيعي مئة في المئة، دون إضافات، بسبب ارتفاع نسبة السكريات يرفع من احتمالات الموت المفاجئ. الدراسة نشرت في دورية طبية تصدر عن الجمعية الطبية الأمريكية. حلل الباحثون بيانات ١٣ ألفًا و٤٤٣ شخصًا، عن عاداتهم في شرب العصائر، وعلى مدى ست سنوات لاحظ الباحثون أن ألف شخص ماتوا بغتة!

الدهشة هي رد الفعل الطبيعي عن قدرة عصير طبيعي على القتل المفاجئ.. خصوصا ونحن في رمضان، والعصائر بأنواعها تملأ المائدة، وهي تبل الريق الناشف، ومنا من يعب منها عبا. موطن الخطر في سببين: السكر والتكرار.

السكر بالطبع ليس فقط في العصائر، بل أيضا في الكنافة وفي القطايف وفي التورتات والكيك والمياه الغازية. هي في العصائر الطبيعية أيضا. تسبب خطر الموت بلا مقدمات، ولتفادى الخطر فإن كوبا واحدا فقط يضع حدا للسكتة القلبية الداهمة. وحدد الباحثون المقدار في الكوب بأن لا تزيد كمية العصير عن ١٥٠ ملليلترا!

الحقيقة أن الأطباء والباحثين "حيّرونا ودوخونا"، اليوم يقولون عليك بالبيض والسمن البلدي ولا تبالي، وفي اليوم التالي اهجر البيض فهو قاتل والسمن هو سم!، واليوم القهوة خطر وغدًا هي متعة!، واليوم عصير البرتقال أو التوت أو التفاح أو الشمام أو الدوم أو الاناناس يسبب السفر العاجل إلى الآخرة، وغدا سيقولون لك كلا.. استمتع!

هل هذه النتائج المنسوبة إلى مراكز بحثية جامعية مبرأة من علاقات مع شركات منافسة؟

حروب الشركات والمنافسات الضارية، وتجنيد باحثين للترويج أو للتحذير والتخويف.. هي العلة الوحيدة وراء التضارب الموسمي مابين تحريم وتحليل لما نأكل أو نشرب.

فتاوى الغرب العلمية تسابق فتاوى الشرق الدينية في التناقضات، واللعب كله على شهوتي الطعام والتكاثر، بينما تتكفل الصواريخ والبوارج وحاملات الطائرات بقتل الملايين لإفساح الحياة لمزيد من الضحايا !
الجريدة الرسمية