رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة يسرد حكاية مدفع الحاجة فاطمة: انطلق بفرمان وأهمل في السبعينيات


أكد الدكتور على جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، أن مدفع الحاجة فاطمة، الذي يُطلق عند الإفطار والإمساك في شهر رمضان، حكاية طريفة، سردها المفتي السابق لحفيده، مشيرًا إلى أن المدفع بدأ عمله في رمضان بفرمان من الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل، لكنه أهمل في فترة السبعينات، وعاد للعمل مرة أخرى عام 1983.


وكتب على جمعة تدوينة على فيس بوك قال فيها: "سألني أحد أحفادي عن مدفع الحاجة فاطمة ما هو؟ ولماذا سمي بهذا الاسم؟ وبرغم انتشار هذا الاسم فإن الكثير من الناس لا يعرفون الإجابة عن هذه الأسئلة‏،‏ ومدفع الحاجة فاطمة هو مدفع رمضان الشهير الذي ارتبط ذكره بشهر رمضان الكريم‏".

وأضاف: "الحاجة فاطمة هي الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل تزوجت عام ‏1871‏م من الأمير طوسون بن محمد سعيد باشا‏،‏ والي مصر‏،‏ وقد تميزت في حياتها وبين أخواتها بحبها للعمل العام والتطوعي‏،‏ فحرصت على المساهمة في أعمال الخير ورعاية الثقافة والعلم‏،‏ وقد نقلت هذه الثقافة وتأثر بها ابنها الأمير عمر طوسون‏،‏ الذي كان أكثر أمراء أسرة محمد على إقبالا على العمل العام‏".

وتابعت: "لارتباط اسم المدفع باسم الأميرة قصة طريفة معروفة في التراث الشعبي المصري‏،‏ فقد كان بعض الجنود في عهد الخديو إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع‏،‏ فانطلقت قذيفة حينها على سبيل الخطأ وقد تصادف ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان فاعتقد الناس أن هذا نظام جديد من قبل الحكومة للإعلان عن موعد الإفطار‏،‏ ولما علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل بهذا الأمر‏،‏ أعجبتها الفكرة‏،‏ وأصدرت فرمانا ليتم استخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية‏،‏ وقد ارتبط اسم المدفع باسم الأميرة منذ ذلك الوقت قبل أن يشتهر بعد ذلك باسم مدفع رمضان‏،‏ وهو موجود حاليا بمتحف الشرطة بقلعة صلاح الدين كأحد الآثار المصرية".

وعن طلقات المدفع قال على جمعة: "تختلف طلقات مدفع رمضان عن الطلقات المستخدمة في الحروب‏،‏ حيث يوضع بها كتلة من البارود لتعطي صوتا مرتفعا فقط‏،‏ ومن ثم لا تحدث أضرارا ناتجة عن إطلاق المدفع‏،‏ وتتم عملية الإطلاق بشد الحبل على كتل البارود لينطلق الصوت ويوضع -قبل شد الحبل- بعض الحجارة أمام وخلف عجلات المدفع لتثبيته حتى لا ينزلق لحظة الانطلاق‏،‏ واعتاد توفير مدفع آخر إلى جانب المدفع الرئيسي لتبادل الطلقات وتوفير البديل في حالة حدوث عطل‏."

وأضاف: "يرتفع المدفع عن سطح الأرض بمقدار ‏170‏ مترا وينطلق صوته مترددا في الأفق لمسافة تصل إلى عشرة كيلو مترات حتى يسمعه اغلب سكان القاهرة‏،‏ ومع ظهور الإذاعة المصرية‏،‏ بدأت في نقل صوت المدفع مواكبا لموعد أذان المغرب مع ترديد العبارة الشهيرة مدفع الإفطار‏‏ اضرب.. ويتولي إطلاق المدفع عسكري برتبة صول ويشترط توافر الورع والتقوى فيه بالإضافة إلى التزامه وانضباط العسكري‏".

وتابع :"‏شهدت فترة السبعينيات من القرن الماضي إهمال استخدام المدفع والاعتماد فقط على تسجيل الإذاعة حتى قامت وزارة الداخلية في عام‏ 1983‏ م بإصدار قرار بإعادة استخدام المدفع خلال شهر رمضان‏،‏ وذلك بعد نقله من قلعة صلاح الدين إلى هضبة المقطم لتفادي حدوث أضرار للآثار الإسلامية في منطقة القلعة بسبب صوته المرتفع‏،‏ كما لم يقتصر استخدام المدفع على العاصمة فقط‏،‏ وامتد لبقية محافظات الجمهورية‏"‏.

وقال :"يوضع المدفع عند مدخل المحافظة ويقوم على خدمته الآن أربعة من رجال الأمن الذين يعدون البارود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك‏."

وأضاف :"تتميز عملية إطلاق مدفع رمضان بطقوس خاصة‏،‏ فيحضر الموظف المسئول على عملية الإطلاق إلى الساحة الموجود فيها المدفع قبل الموعد بنصف ساعة‏،‏ وقد اعتاد الكثير من الأطفال وحتى الكبار والأهالي -أن يتجمعوا في الساحة وبل ويتزاحموا فوق أسطح المنازل المجاورة لها ليشاهدوا عملية الإطلاق التي كانوا يقابلونها بالهتاف والتصفيق والتصفير‏،‏ وهكذا الحال طوال الشهر الكريم‏،‏ وفي ليلة العيد وبعد ثبوت رؤية الهلال في ليلة التاسع والعشرين يطلق المدفع سبع طلقات متتالية‏،‏ أما إذا أتم رمضان ثلاثين يوما فيطلق المدفع سبع طلقات بعد العصر احتفالا بالعيد‏،‏ وأثناء أيام العيد الثلاثة‏،‏ يطلق المدفع عند كل أذان‏،‏ وتتكرر العملية في أيام عيد الأضحى المبارك‏."
الجريدة الرسمية