رئيس التحرير
عصام كامل

الضحايا الجدد!


قبل ساعات كنت أستطيع الجري.. إجراء التمرينات الرياضية.. المشي لمسافات طويلة كان هوايتي الأولى.. أما الآن فأنا أكتب المقال، بينما أجلس على مقعدي متألمًا في انتظار الدخول إلى الطبيب، الذي نظر في الأشعة بهدوء ليخبرني بأنه قد يُحتاج إلى التدخل الجراحي، لإصلاح ساقي المصابة إذا لم تستجب للأدوية والعلاج الطبيعي في الأسابيع القادمة.


للأطباء قدرة غريبة على مواجهتك بالحقائق المرضية بمنتهى البساطة.. قد يخبر الطبيب مريضه بأنه سيموت قريبًا وبعدها يستكمل تناول قهوته.. اعتاد على رؤية الألم والمرض حتى تبلدت مشاعره، فيطلق على مرضاه لقب "الحالة"، فهم في نظره ليسوا أشخاصا وأسماءً ومشاعرَ وأحلاما ترتبط بأسرة وأصدقاء وأحباب سيتألمون لألمهم أو لرحيلهم!

معظم المرضى أيضًا من ضحايا الاعتياد الذين اعتادوا على وجود نعمة الصحة حتى تجاهلوا أهميتها، وأصبحوا لا يعيرونها اهتمامًا، إلا عندما تسلب منهم. بدوري تذكرت أهمية القدرة على السير بشكل طبيعي بينما كنت نائما فوق سرير متحرك أدخلني في قلب جهاز الرنين.. وهو كائن عملاق يصدر الكثير من الضوضاء أثناء ابتلاعه ضحاياه.. لم تسمح لي زاوية الرؤية الضيقة إلا بملاحظة بعض العلامات غير المنتظمة فوق الجهاز، ليفسرها عقلي وفق ظاهرة "الباريدوليا"، كأنها وجه لشرير يصدر ضحكات شامتة في كل من فقد الرضا بما لديه.

لا يحتاج التنفس والرؤية والسمع إلى إعداد مسبق، والحركة والأكل والشرب لا يلزمهم تخطيط قبل القيام بهم.. الكثير من الهبات نمارسها بشكل مستمر حتى نعتاد عليها ونفقد إحساس الرضا بوجودها.

انظر حولك هناك الكثير مما تمتلكه.. أسرة، أو مال، أو صحة، أو عمل، أو أصدقاء، أو سقف منزل، وغيرها مما يفتقده ويتمناه الآخرون، فلا تصبح ضحية جديدة لمرض الاعتياد.
الجريدة الرسمية