رئيس التحرير
عصام كامل

تعديل أم توريط !


قبل أن يبدأ الاستفتاء بأسابيع، كان كل شيء قد انتهى تقريبا، أو يبدو كذلك، فجميع القنوات الفضائية المصرية وكافة أشكال البث الإعلامي تدعو المواطنين لقول كلمة نعم وليس مجرد المشاركة، أما عن ( لا ) فيبدو أنها كانت من الكبائر أو أنها غير محتملة الحدوث، وفى المحافظات والجامعات وكافة الهيئات الحكومية بل والخاصة، لا يوجد أي دليل على حيادية أو حتى ادعائها، فالجميع يدعو لنعم وفقط. 


ليس مهما اللقطة كما ادعى البعض ولكن المهم كان هو إقرار الواقع قبل حدوثه، وهو يحدث فعليا ولكن كل ذلك أيضا ليس بذى أهمية عندى وعند البعض، لأن ما حدث كان متوقعا، حتى وإن لم يكن بهذه الصورة التي لا تحتاج تأويلا.. يبقى الأهم هو توريط الحكومة نفسها والنظام بأسره فيما هو قادم !

الرئيس وحده!
ورغم كل الزخم والاحتفاليات السابقة للاستفتاء والحالية حتى قبل انتهاء التصويت، فإن الرئيس، والذي سيتحمل وحده نزق البعض أفرادا ومؤسسات، سيبقى المسئول عن حاجات الشعب ومطالبه وتطلعاته والتي انحصرت في وقف الغلاء عند حد معين..

سيبقى الرئيس هو المطالب أمام الجميع بتحقيق ما تم تدشينه من لافتات إعلانية تغطى كل أنحاء المحروسة تبشر بالمستقبل الأفضل والأمن والأمان، وهذا وإن تحقق لهو شيء عظيم بكل تأكيد ولكن صندوق النقد لا يرحم والموازنة تم إقرارها وخفض ما يسمى بـ(دعم) المحروقات آت آت لا محالة، فكيف سيكون الوضع في بداية العام المالى الجديد أي بعد شهرين تقريبا !

دستور شمولى واقتصاد حر رأسمالي !
أصر السيد على عبد العال ومن معه في مجلس النواب على صياغة مواد دستورية شمولية كانت تصلح لدولة اقتصادها اشتراكي ولا تعرف السوق الحر ولا الرأسمالية المتطرفة والنزقة التي نحياها، دولة لا تتعامل مع شروط صندوق النقد الدولي بكثير أو حتى قليل من الاكتراث، دولة تتكفل بالمواطن ولا تبيع له السلعة بثمنها أو بالسعر العالمى، ثم عند إعطائه راتبا يكون بالتقييم المحلى، دولة تطبق برنامجا تقشفيا على الجميع وليس على الفئات الأكثر عددا والأضعف نفوذا..

هذا هو المناسب بل والمتناغم مع دستور يورط رأس الدولة في كافة الملفات ويجعل منه مسئولا أبويا عن كل شىء، المواطن في دستور كهذا يعد نفسه إبنا للدولة، ولكن في حالتنا إبنا لا يجد من ينفق عليه، يطلق له عنان الحرية في الإنفاق على نفسه بينما يقيد حقه في الأخرى.. هذا دستور يمثل عبئا على شخص من يتولى الرئاسة لأن الشعب لن جد سوى منصب الرئيس لسؤاله عن متطلباته وأماله بل وانتكاساته!

درس مبارك
للأسف، لم يتعلم مجلس النواب شيئا على الإطلاق من فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك. فهذا البرلمان والذي أعلن رئيسه بأن التعديلات الدستورية، بغض النظر عن صحة صياغتها القانونية والدستورية، كانت من صميم إبداع أعضائه ولم يتدخل أو يطالب بها السيد الرئيس، نسى أن مبارك حكم ثلاثين عاما دون مشكلات سياسية حكما شموليا لأن أساسيات الحياة كانت مصانة، فالغذاء كان رخيصا والدواء كان في متناول الجميع..

ولم تبدأ مصاعب المخلوع مبارك إلا مع تطفل نجليه اقتصاديا وسياسيا، وكان لتدخل رجال أعمال النجل الأكبر أثره الأسوأ في سخط الناس بعدما بدأ اللعب في الأسعار وتحرير بعض السلع القليلة الأساسية، نسى البرلمان الحالى هذا وتناسى أن كل وزير حالي لا يجد ما يبشر به المواطنين إلا الغلاء ورفع ثمن السلع.. كل هذا سينسى وسيتم نسبته للرئيس فقط، الرجل الوحيد الذي يجلس على رأس الدولة!

رغيف الفول وحفلات أضواء المدينة !
دستور كالذي تم تعديله وإقراره من قبل نواب عبد العال، يتطلب بل يشى ويغوى المواطن البريء بعودة رغيف الفول بنصف جنيه أو حتى بجنيه كامل، كما كان في عهد مبارك مستقرا لعشرات السنوات، فضلا عن مواصلات رخيصة ومتاحة حتى وإن كانت غير آدمية فالشعب تعود على أن يقضي يومه والسلام..

كما تتطلب هذه التعديلات رجوع حفلات أضواء المدينة كل شهر ومعها ليالي التليفزيون.. شىء من الترفيه والدنس المباح.. هل ستعيدون الزمن للوراء! أم أنكم تحملون رأس النظام كل ما يدور وما سوف يدور في رأس المواطن البسيط الذي ينتظر كل هذا!
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية