رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر عاملة دماغ!


كيف تعمل دماغا في مصر؟ عمل الدماغ تعبير يقصد به للأبرياء الأطهار، وهم قلة حاليا، أن تنفصل عن الواقع وأن تقع في بحر من الخيال الأزرق، وأن تسبح في الوهم، وأن تتسع حدقات العيون، وأن يحمر وجه المسطول، وأن تنتشى انتشاء يغنيك عن نساء الدنيا، أو كأنك معهن مجتمعات، كذبا!


الترامادول والهيروين والبانجو والحشيش صارت من الماضى، صحيح الهيروين باهظ، والبانجو رخيص يزرع في الشرفات وأسطح المنازل، والترامادول منتشر، والحشيش تحت الحصار، لكن الأستروكس والفودو والشبو جميعها أحدث صيحات التغييب في مصر.

قبل يومين فقط، استعانت أجهزة مكافحة المخدرات بالقوات المسلحة في إلقاء القبض على مركب يحمل ستة أطنان ونصف طن من الحشيش، قادمة من ميناء عربى!

حالة حزن داهمة تضرب الآن أباطرة الحشيش في مصر، لكن تجار الأستروكس والمخلفات الكيماوية والحبوب الزرقاء سيمارسون رقصات بهلوانية من شدة الانتشاء التسويقي. الأستروكس هو أحد أسباب كارثة جرار الانفجار في محطة مصر قبل أسبوعين، كان يتعاطاه عامل التحويلة، وسواق الجرار لم يثبت عليه تعاط، لكنه عريق في الصنف، وكان له في الدعارة!

توجد بالقاهرة أحياء وشوارع كاملة لضرب المخدرات، والشباب في الملاكى يضربون المخدرات، تراهم اعتزلوا العمران وانتحوا جوانب الطرق السريعة في حواف المطار ومدينة نصر والدائرى، والصحراوي. حالة رعب متفشية حاليا داخل الجهاز الوظيفي الخدمي في الحكومة، بعد أن أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنهاء عمل أي موظف يثبت تعاطيه المخدرات.

من المفهوم طبعا أن القرار عاطفى بالدرجة الأولى، وأنه نابع من شدة اللطمة والصدمة المروعة التي تركت آثارا عميقة في نفس الحكومة والرئيس، لكن من المؤكد أنه ستكون هناك مراجعات وتحوطات حتى لا تكون تقارير نتائج الفحص عرضة للتلاعب أو التشفي أو الكيدية. ومن الطبيعي جدا أن أرقام المتعاطين غير أرقام المدمنين، وأن أرقام الصنفين مزعجة وأمام الرئيس، ولا بد أنه سيعرف أن هؤلاء جميعا موظفون ولهم عائلات وعليهم مسئوليات، وأن الفصل الفورى سيكون عقابا لهذه العائلات أكثر منه عقابا للمتعاطى أو المدمن لأنه واقع ساقط في الغيبوبة!

الموقف شائك معقد، يحتاج لتدخل الطب النفسي ومراكز البحوث حتى لا نعالج مصيبة داهمة بكارثة طرد جماعى ينجم عنها فوضى ليست في الحسبان. علاج المدمن والمتعاطى يحتاج حملة قومية مثلها مثل حملة الفيروس سي التي تلقى رعاية كاملة من الرئيس. المدمنون مرضى ورهائن غرائزهم التي أطلقها تجار منعدمو الضمير.

والمغيبون ليسوا فقط في الجهاز الخدمي والإنتاجي بالحكومة، ستجدهم على الطرق السريعة في سيارات النقل الديناصورية يتطوحون بها، وستجدهم في التكاتك وفي الميكروباصات عكس الاتجاه، وستجدهم في الشباب المنطلق بسرعة صاروخية على طرق السفر خارج القاهرة وحولها، يعمل غرزا ويلاحق السيارات أمامه ليزيحها بالترويع.

من الواجب الاعتراف أن البلد عائمة فوق مخدر، ومن تحتها مخدر. وإن هذه كارثة بكل المقاييس لا تقل خطرا عن الإرهاب. الغيبوبة العامة هي الأم اللاشرعية للإهمال وللفوضى وللجرائم الغريبة التي تذهل المصريين حاليا.

أخيرا، فإن هناك نوعا آخر سائد الآن، مخدر اسمه الهم والغم وقلة الدخل، هو السبب الكاسح في حالة الوجوه المتكلسة، الهائمة، وجوه شاردة، مسهمة، مخدرة بفعل العجز والقلق، والخوف من المستقبل!.. هذا النوع بالذات من فعل الغلاء وفحش التجار وعجز الحكومة عنهم!
Advertisements
الجريدة الرسمية