رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

جمال شعبان وقبح الوزيرة!


بقدر ما أن فيس بوك المصرى صار شاشة عرض للفضائح وللوفيات، وهما نقيضان يجتمعان في العقل الجمعي المصرى بلا حجاب ولا نقاب، بقدر ما نجح هذا المنبر المليارى في تحقيق أهم أهداف الصناعة الإعلامية والصحفية على السواء، وهى كشف المستبد الطاغي، ومناصرة المظلوم، ومساندة الكفء الذي يتعرض للظلم والعسف والحقد.


مظاهرة شعبية كاسحة انطلقت حزنا ورفضا للإقالة غير اللائقة ولا المبررة صدقا بعميد معهد القلب الدكتور جمال شعبان، أحد أبرع أساتذة كهرباء القلب. معهد القلب من المعاهد التي يقصدها الفقراء، وهو معهد فقير في الإمكانات، وصحيح أن رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب أشرف بنفسه على ترميمه وتجديده وطلائه، لكنه بقي محدود الموارد.

رجلان أثبتا أن الإدارة الناجحة ليست بالموارد فحسب، هما الدكتور فتحي خضير عميد طب القاهرة ومدير قصر العيني، والدكتور جمال شعبان، كلاهما جميل من الداخل قلبا وعقلا، وكلاهما صاحب رؤية، من حسن حظ الدكتور خضير أن كلية الطب وقصر العيني يتبعان وزارة التعليم العالي، وفيها وزير متفتح هو دكتور خالد عبد الغفار، ومن سوء حظ الدكتور جمال شعبان أن معهد القلب تابع لوزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، بدأت عملها في الوزارة بمارش عسكري!

قررت إطلاق موسيقى السلام الجمهورى في المستشفيات كافة، طلب غريب في غير موقعه. قبل أيام أشادت بأداء معهد القلب، وبعد أيام أقالت الرجل الذي حقق للمعهد ما جعلها تشيد به. اتهمته في بيان الإقالة بالتقصير، لكن بيان الإشادة قبلها يقطع بأحد أمرين: إنها صادقة حين أشادت أو كاذبة حين أشادت!

على أرض الواقع لا يمكن أن تكون الوزيرة كاذبة، لأن التلاحم بين عميد المعهد والمرضى والأطباء والإداريين والعمال حقق معدلات إنجاز في قوائم الانتظار عالية جدا، أحصاها دكتور جمال بـ٨٠ عملية يوميا!

إذن الواقع يؤكد صدق إشادة الوزيرة، لكن بيان الإقالة كذب بيان الإشادة والمصدر للبيانين واحد هو الوزيرة. هي إذن لا تدرى ما تقول، أو تدرى ولا تقول الحق، وأن الهوى الذاتى غلبها، لأن الدكتور لم يقف أمامها وقوف الموظف الممتن المكسور المنحنى!
لجمال شعبان ثلاثة مصادر أساسية تتكون منها شخصيته ورؤيته: أولها حبه الجارف الذي لا يموت لوالدته وحزنه الدائم لرحيلها ويقينه أن رضاها عنه هو سر نجاحه، وثاني المصادر طبيعته الأدبية، فهو أديب وشاعر وقارئ ممتاز، ومحاور جيد في فهم العلاقة بين الدين والطب، يرى آيات الله فيما خلق.

يعنى هذا كله أنه صاحب حساسية رقيقة، وهذا بالضبط أحد مصادر عطفه وحدبه على الفقراء وإحساسه بهم. أما المكون الثالث فهو ولعه بالجديد في طب القلب وكهربته، ومتابعته العلمية، ويغلف هذه المصادر الثلاثة درع واق من الوطنية المصرية الخالصة.

أرادت قناة معادية الصيد في المياه المعكرة بقرار غير موضوعى لوزيرة يتنازعها المنصب والذات المتقلبة، فخرج جمال سريعا ببيان يدعو زملاءه والإداريين والعمال إلى وقف الوقفة الاحتجاجية ضد الوزيرة، وجعلها ساعة للعمل وخدمة المرضى، فهذا هو الحب الحقيقي والدعم الحقيقي له.

يا وطن.. لماذا نكره الناجحين، ونتربص بهم ونتمنى سقوطهم؟
لأن الثقافة السائدة هي الغل والغضب والاستبداد بالرأي.
أتوقع أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتابع تفاصيل موقف المواجهة بين عميد المعهد المدرع بعلمه ونجاحه وحب مرضاه وزملائه والوزيرة المدرعة بمقعد.. كثيرون يستكثرونه عليها!
لا يجوز ضرب المجتهدين في هذا الوطن.
Advertisements
الجريدة الرسمية