رئيس التحرير
عصام كامل

د. ريمون ميشيل يكتب: العامل الوراثي وعلاقته بالأمراض النفسية

د.ريمون ميشيل
د.ريمون ميشيل

في ظل اهتمامنا بزيادة ثقافة الوعي الذاتي أردت اليوم أن أوضح إليكم بطريقة مبسطة أهم العوامل الأساسية التي تؤدي إلى ظهور الأمراض النفسية الأكثر انتشارًا في سلسلة بعنوان "كيف يبدأ المرض النفسي"؟! 

في البداية، أود أن أذكر أن أسباب حدوث المرض النفسي تختلف باختلاف نوع المرض ومدى استجابة الفرد له، وحديثنا اليوم عن العامل الوراثي وعلاقته بظهور وبداية المرض النفسي.

هناك عدة حالات يظهر فيها المرض النفسي بتأثير وراثي ينتقل عن طريق الجينات "وهي المسئولة عن تحديد الصفات الوراثية"، كما في حالة وجود تاريخ مرضي سابق في الأسرة، وقد يمتد فيه العامل الوراثي (الكروموسومات) إلى عدة أجيال لاحقة، ومن أمثلة تلك الأمراض "الفصام، الهوس الاكتئابي، الضعف العقلي".

وهناك حالة أخرى قد يولد الطفل فيها ولديه استعداد وراثي لبداية المرض النفسي، فبعض الأطفال قد يولدون بنفسية هشة وضعيفة تنتقل لهم بالوراثة، فإن لم يقم الوالدان بتقويم نفسية الطفل وتدعيمه، وإذا تم ممارسة الضغط النفسي عليه.. هنا نحن نقوم بتنمية بذرة الاستعداد الوراثي لظهور المرض النفسي، والذي يظهر بقوة بسبب كثرة الضغوط التي تمارس عليه، أما في حالة تقديم الدعم له فستختفي بذرة الاستعداد للمرض، ففي حالة الاستعداد الوراثي للمرض النفسي يكون العامل الأساسي الذي يدعم المرض أو يخفيه هو التنشئة والبيئة.

وقد يظهر المرض النفسي كنتيجة لخلل عضوي في المخ يحدث للجنين ولحديثي الولادة عن طريق إصابته بعدوى فيروسية أو عن طريق التلوث الناتج عن البيئة المحيطة بالمولود أو عن طريق الولادة المبكرة للطفل، كما أن الكبت ومشاعر الغضب والإرهاق الشديد في معظم أوقات الحمل قد يؤديان إلى تغير في الهرمونات، وسينتقل هذا إلى الجنين عبر المشيمة فيؤدي إلى إزعاجه مع ارتفاع نسبة إصابته بالمرض النفسي، والتي قد يظهر بعضها مبكرًا في سن الحضانة، وقد يؤجل أيضًا ظهور بعضها إلى مرحلة المراهقة، ويجب أن نراعي أن قلة وصول الأكسجين لمخ الجنين قد تؤدي إلى إصابته بمرض التوحد، وفرط الحركة ونقص الانتباه، والتأخر العقلي، فيجب متابعة الطبيب المختص للاطمئنان على صحة الجنين.
____________________________________________________________

(* ) كاتب وباحث في مجال العلوم الإنسانية
الجريدة الرسمية