رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

درس المريوطية.. وما يستجد !


يعرف المصريون، والأمن بخاصة، أن العشر الأواخر من شهر ديسمبر هي مواسم ثابتة للعمليات الإرهابية. عشنا وقتا رهيبا استغلت فيه الجماعة الإرهابية الإخوانية فترات الفوضى الناجمة عن عام من حكم الفاشية الدينية، ومضت تزرع القنابل فوق فروع الأشجار، وعلي جوانب الطرق، في القاهرة والعريش ورفح، لكن ذلك كله صار من الماضي، واستمتع الشعب بفترة من الاستقرار والأمان بسبب الضربات الوقائية المدروسة، أصابت خطط التنفيذ والتمويل الإرهابية بالشلل.


مواسم نشاط التخريب إذن معروفة، ليس فقط في مصر بل في باريس وبروكسل ولندن والمغرب، غيرها. وهي مواسم تتهيأ لها الجهات الأمنية سلفا بكل الخطط والبدائل. بالطبع كنا جميعا نضع أيدينا على قلوبنا أن يتلقى المصريون في كنائسهم ضربة تدمينا وتفجعنا، ومازلنا نخشى ذلك، لذلك كانت عملية أتوبيس المريوطية مفاجئة لتوقعات الناس.

فالهدف هذه المرة ليس إراقة الدماء فحسب على الهوية الدينية، بل إراقة اقتصاد البلد، وطرد السياح، وتخويفهم وإخلاء المشهد السياحي المصرى لحساب السياحة التركية، وتقديم مصر كدولة غير آمنة أمام المستثمرين. ومن عجب أن تصدر أنقرة بيانا تعلن فيها إدانتها واستنكارها للهجوم على الأتوبيس السياحي في شارع المريوطية، ومن عجب أن قطر تعزينا وتواسينا وتستنكر وتشجب.. يتبقى أن تعلن داعش عزاءها وإقامة سرادق حزن على الضحايا من السياح الفيتناميين والمرشد المصري!

من التجاوز في حق العقل والمنطق أن يتوقع أحد أن هذه آخر العمليات الإرهابية، هنا أو في أي عاصمة أوروبية أو مدينة أمريكية، فمن احترام الحقائق على الأرض توضع الخطط الأمنية الناجحة، لكن الأهم في هذه الحالة كيفية إدارة المشهد الإعلامي المصاحب للدماء المراقة وبيانات الضحايا بشكل احترافى.

تطرق خبير الإعلام وأستاذه الدكتور "حسن على" عميد كلية الإعلام بجامعة قناة السويس السابق إلى ضرورة تأهيل خلية أزمة، من الإعلاميين يتم تدريبهم على مواجهة الأزمات من هذا النوع.

وهذه فكرة جيدة وعلمية أتوقع أن تلقى الاهتمام من الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام، ومن الهيئة الوطنية للإعلام، وعمل ورش تدريب ومحاكاة حقيقية، وكيفية التصرف، ونوع الألفاظ والمفردات الواجب استخدامها، وتلك التي يجب ألا ينطق بها الإعلامي، وكيفية إدارة حوار الضيوف على نحو ذكي، يخدم الفكرة الأساسية وهي محاصرة الإرهاب وتنوير الناس وكشف الموقف أمام الرأي العام العالمى.

يمكن أيضا أن نطلق على هذه الخلية قوات إعلامية خاصة، مدربة أفضل تدريب، في مواجهة نماذج غير متوقعة من الظروف، يمنحها التدريب عندئذ ثقة تمتلي بها وتمتلئ بها فتشع على عقول الناس وتقنعهم.

سبب هذا هو العبث والتهريج الفاضح في المعالجات الإعلامية الجارية واستضافة ناس بهم نزق، حمدوا الله أن القتلى جنس آسيوى وليس أوروبيا أو أمريكيا. حسن النية هنا معروف، لكن كل سكان جهنم كانوا حسنى النية!

نعرف ونقدر كل الجهد المبذول لتأمين البلاد، وقد نبهت الحادثة إلى خلل موجود تم إصلاحه، كما نبهت إلى مواقع كثيرة تحتاج التكثيف الأمني، حفاظا على الأرواح والأرزاق.

توحد المصريون ألما ودموعا وسخطا على الإخوان، وخلف الجيش والشرطة.. وتبقى مصر عظيمة وشامخة لأن فيها رجالا يعشقونها غنية أو فقيرة، ضعيفة أوقوية، هي عمرهم وهي حياتهم وهي ملاذهم، في المحيا وفي الممات.
Advertisements
الجريدة الرسمية