رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عندما تخطئ دراسات الجدوى


إن فرضية عدم دقة دراسات الجدوي المدروسة حسب المنهج العلمي نادرة وفريدة وغالبا ما تنطبق في حالات عدم اليقين.. ولعل أهم وأصعب عناصر دراسات الجدوى الاقتصادية هو دراسة المخاطر.. خاصة المخاطر السياسية والأمنية ثم مخاطر العملة ولقد كانت الفترة لبداية حكم الرئيس في 2014 فترة متوترة أمنيا مع أحداث متلاحقة من تفجيرات واغتيالات وتنامي قوة داعش في سيناء.

فكان مشروع قناة السويس وتنمية سيناء مشروعات قومية حتمية لإثبات أن مصر دولة قادرة قوية على الشروع في التنمية في سيناء، بما يدفع الشك حول قدرات التنظيم الإرهابي، إلى جانب قدرة الدولة على إتمام المشروع بأسرع وقت، بما يثبت كفاءتها إلى جانب مساعي دولية بإيجاد مسارات ملاحية بديلة اعتمادا على ما تناوله إعلام مضاد حول تردي الأوضاع الأمنية في ضفة القناة الشرقية، خاصة في ظل وجود حلف دولي مناصر لتنظيم الإخوان الذين سيطروا على مفاصل إعلامية واقتصادية في أوروبا وأمريكا.

برتوكولات بمليارات تم توقيعها بالمؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ ولكنها توقفت، لأن الدراسات الاقتصادية الدولية تراهن على عدم قدرة الحكومة في تبني إجراءات إصلاح اقتصادي جريئة لإنقاذ اقتصاد شارف على الانهيار، إلى جانب ترهل المنظومة الإدارية للدولة وعدم قدرتها على تحقيق إنجازات أيضا سوء البيئة التشريعية الداعمة للاستثمار.

اعتمدت هذه الدراسات على الظرف السياسي الراهن والاٍرهاب الجاثم أيضا، وارتفاع الأصوات الشعبوية عقب ثورة شعبية وأحداث سياسية حرجة هذا إلى جانب توقف عجلة الإنتاج لسنوات، ونقص الاحتياطي النقدي وعجز الموازنة، لذا فإن ارتفاع نسبة المخاطرة على كل الأصعدة كان مرعبآ للاستثمار الأجنبي، منتظرا استقرارا لكل مظاهر العنف والاٍرهاب في ظل أعباء الحكومة نحو المرتبات ونسب البطالة بما يعني إفلاس الدولة.. لذا فقد كانت المشروعات القومية هدفا إستراتيجيا نحو بقاء الدولة قبل دراسات الجدوى.

كان من المستحيل أن يتوقع الخبراء الأمنيون أن تكون مصر مقبرة داعش بكسر أسطورته في القتل والتدمير وإرهاب الدول وشعوبها، وأن يهرب قادة التنظيم في ملابس النساء، وبالطبع اعتمدت تحليل المخاطر الأمنية في دراسات الجدوي على فرضية فرض التنظيم سيطرته على سيناء على أقل تقدير.

إن المؤشرات الدولية صنفت مصر كدولة متأخرة في الطرق والطاقة والبنية التحتية للتكنولوجيا، لذا فإن الاستثمار في هذه القطاعات لا يخضع لدراسات جدري إنما هو بنية تحتية لجذب الاستثمار طبقا لتصنيف مصر في مراكز معقولة.

بعد عقود من البيروقراطية طورت الحكومة المصرية حزمة من التشريعات الداعمة للاستثمار إلى جانب الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، أيضا كان تراجع تصنيف المدن المصرية من تلوث وازدحام مروري وصل للقاهرة بتصنيفها مدينة ميتة في ظل تحولات جذرية للعواصم العالمية نحو مدن ذكية.. فقد أصبح لزاما التوسع العمراني نحو مدن جديدة.. لزم بناء مدن ذكية تستقطب الاستثمار الأجنبي وتستوعب الزيادة السكانية من خلال مدن تحقق سبل الحياة الكريمة اعتمادا على الذكاء الصناعي والإنترنت اللذين مثلا قطبي الثورة الصناعية الرابعة في أنحاء العالم الحديث.

إن شركة إعمار الإمارتية كان عرضها على الحكومة المصرية بخصوص تنفيذ العاصمة الإدارية بشروط صعبة جدا، وكان العرض المالي تنمية كامل المشروع مقابل 76% من عائد المشروع مقابل أن تحصل الدولة فقط على 24% فقط.. في حين استطاعت الحكومة المصرية أن تكون المطور الرئيسي للعاصمة الإدارية وشاركت القطاع الخاص ليتحقق الإنجاز خلال فترة وجيزة وبمكاسب أكبر للدولة المصرية، تفوق اَي دراسات جدوي وبدون احتكار شركة بذاتها للمشروع، بل أن "إعمار" ذاتها صرحت مؤخرا أنها ترغب في مشاركة الحكومة المصرية في مشروعاتها.

أشادت المؤسسات الدولية بتخطي مصر برنامج الإصلاح الاقتصادي الصارم لصندوق النقد الدولي، مع تقبل الشعب المصري للبرنامج القاسي، فارتفع تصنيف مصر خلال أعوام في كل الجوانب نحو جذب الاستثمار الأجنبي.. خطوات جريئة وضعت مصر كدولة قائدة مستقرة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأرض خصبة للاستثمار الأجنبي في عهد الرئيس السيسي اعتمادا على رؤية وثقة وايمان متخطيا تذبذب دراسات المخاطر في دراسات الجدوى.

وما زال الطريق لبناء الوطن طويلا بعيدا عن مهاترات من يكرهون الوطن.
Advertisements
الجريدة الرسمية