رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بروفة حرب عالمية مصغرة


كانت أوكرانيا دولة صديقة لروسيا، وفيها الميناء الوحيد للأسطول الروسي في شبه جزيرة القرم- شبه جزيرة القرم أصلا أرض تابعة لروسيا، ضمتها إلى أوكرانيا باعتبار الدولتين من دول المرحوم الاتحاد السوفيتي الذي فككه جورباشوف لصالح الغرب، تحت دعاوى المصارحة والشفافية، الآن تفكك الدول تحت شعار العاهرة ديمقراطية. دون ميناء دونيتسك بالقرم يصبح الأسطول الروسي دكر بط ضخم مجمد!


لعبت أمريكا في أوكرانيا وأطاحت بالقيادة الصديقة، ونصبت رئيسا من قلب الفوضى، ردت روسيا بغزو سريع خاطف، ووضعت يدها على شبه جزيرة القرم، ومضت في دعم المعارضة الأوكرانية والأقلية الروسية هناك، كانت أوكرانيا إذن عقابا أمريكيا لروسيا، ردت عليه روسيا بعقاب لأمريكا في تقديم دعم كامل سخي بلا حدود للدولة السورية.

تبقى بين التحركين هناك في أوكرانيا وهنا في سوريا عقوبات أوروبية وأمريكية كثيرة، لم تنل كثيرا من صلابة روسيا ورغبتها في تأكيد وجودها المؤثر، مع الصين، بل إن ٧٠٪؜ من صادرات الصين و٣٠٪؜ من وارداتها، تتم بالروبل بعيدا عن الدولار.

وقبل أيام معدودة، رغم تجمد الموقف تقريبا على الحدود بين روسيا وأوكرانيا، إلا أن ثلاث سفن أوكرانية دخلت المياه الإقليمية الروسية ووقعت اشتباكات بالنيران، ونجحت البحرية الروسية في احتجاز السفن الثلاث وأطقمها.

من المحرض لأوكرانيا؟
أمريكا!
من المدافع عن أوكرانيا أمريكا؟
ما الهدف؟ من سيدفع التكلفة؟
أوروبا!

الانتخابات الرئاسية الأوكرانية تقترب، وهكذا ومع الحادث الذي اعتبره الإعلام الأوكراني غزوا بحريا، من جانب روسيا يمهد لعدوان بري، يتوهج الشعور الوطني وتتوحد الأمة وقت الخطر تحت قيادتها، ولو كانت مكروهة!
يحدث ذلك بصفة عامة.

الآن فرضت أوكرانيا حالة الطوارئ في عشر مناطق قريبة من موقع الحادث في مضيق كيرتش بين بحر آزوف والبحر الأسود.

الآن يحرض ترامب أوروبا على دعم أوكرانيا، وأوروبا بقيادة ألمانيا غاضبة مما اعتبرته عملا مستفزا من جانب بوتين. بوتين سيلقي ترامب في قمة العشرين بالأرجنتين، لو تصرف بوتين خارج القانون، كما حذره ترامب، فإن بوتين سيحرم من الحضن البرتقالي الضخم.. ترامب!

تهديدات من القارة الأوروبية، ومن القارة الأمريكية، لكن السياسة الخارجية الروسية تنهض على فلسفة راسخة وهي أن ما جرى للاتحاد السوفيتي لن يتكرر قط للاتحاد الروسي، ولن يفلح الغرب أبدا في إهانة الامة الروسية، تحت أي ظرف من ظروف القوة أو الضعف.

هذه الرؤية هي بالتأكيد سر الإنفاق السخي للدماء الروسية على التراب السوري، وهو إنفاق مقصود به استعراض القوة والأسلحة الجديدة وتجربتها، وإرسال رسائل قطعية على أن الروس لا يهزلون، ومن الصعب تجاوزهم، لأن العالم فقد قطبيته الوحيدة، ويتحول إلى تعددية قطبية أعلاها الصين وروسيا..

يتصرف الروس أيضا وهم قارئون جيدا لآخر تقرير عسكري أمريكي أقر بما جاء فيه رئيس الأركان المشتركة جوزيف دانفورد: "ربما نخسر حربا لو دخلناها مع روسيا أو الصين.. وأن الجيش الأمريكي تتراجع قوته، ولا يمكنه مواجهة حرب على جبهتين!"

جاء ذلك على لسانه في منتدى هالفاكس للأمن الدولي بكندا، لكن هل يريد أحد شن حرب عالمية ثالثة؟..

لم يرد أحد شن الحرب العالمية الأولى ولا الحرب العالمية الثانية.. لكنه فقد في الأولى عشرة ملايين جندي، وسبعة ملايين مدني وعشرين مليون مصاب، وفي الثانية فقد ستين مليون جندي!

الحرب العالمية الثالثة ستكون الأخيرة... لأنها يوم القيامة بحق.
من أجل هذا يمكن اعتبار كل الذي يجري بين الكبار هو توكيد مساحات نفوذ، ورسم حدود حمراء، وتقاسم الفرائس.. غالبا عربية.
Advertisements
الجريدة الرسمية