رئيس التحرير
عصام كامل

عودة الوعي.. الاعتراف بالتدريج!


أظن أن الرئيس السيسي يقوم بدور وزير إعلام مصر في كل مناسبة وطنية أو عارضة، يفعل ذلك منذ اليوم الأول وفي أول بيان للقوات المسلحة تضمن وترا عاطفيا حساسا هو افتقاد الشعب لمن يحنو عليه، وكلمته الشهيرة بالنص كانت "أن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه".


في مؤتمرات الشباب والمنتديات، وفي الدورات التثقيفية للقوات المسلحة، وفي افتتاحات المشروعات الكبرى تجد الرئيس حريصا على تقديم المعلومات الصحيحة، أو وجهة النظر الرسمية التي غابت طويلا بغياب منصب مهم وحساس وحيوي كمنصب وزير الإعلام بفعل من أفاعيل دستور مشوه هو دستور ١٩١٤ الذي يجعل من مؤامرة تخريب وهدم وإسقاط الدولة المصرية ثورة!

هي عورة بكل المعايير..

إذا كان الرئيس يقوم بدور في حكومته لوزير ليس في حكومته، وإذا كان هذا الدور له هذه الأهمية الحيوية القومية فلماذا لا يعين وزيرا للإعلام يتولى أعباء هذه الرسالة لتوحيد الأمة وتخفيف حدة الانقسامات والاستقطابات وتحقيق التجانس الفكري وخلق رأي عام متابع ومقتنع.

يقف الدستور عقبة؟

إن دستور الأشتات الذي وضعه فرقاء تجانسوا وتوافقوا بل ترافقوا على محاصصة تشفي رغبة كل فرقة، وفيهم فرق السلفيين والبردعاوية والمتمصرين، لا يزال كما قلت ينص على اعتبار إحدى أكبر جرائم اغتصاب الشرف المصري ثورة يسميها الخامس والعشرين من يناير، جاءت بجاسوس إرهابي إخوانجي ليحكم مصر بجلالة قدرها!

هؤلاء الذين سموا أنفسهم ثوارا ونشطاء رخصوا البلد وهبطوا بها هبوطا مزريا وضيعوها وأفقروا الشعب وقتلوا أبناءه في الجيش والشرطة ومن المدنيين في الشوارع والميادين فكيف يقنن وليدهم وهو سفاح؟ كيف نسمح باستمرار شرعية جريمة خيانة عظمى للوطن؟ في الأسابيع الأخيرة بدأت صدور شريفة تفرج عن البخار المكتوم.. تقول ما قلناه منذ يوم الثامن والعشرين من يناير قبل سبع سنوات إن ما يحدث ليس إسقاطا لمبارك والنظام بل هو إسقاط للدولة المصرية جيشا وشرطة ومؤسسات..

وكان الشعار البراق وقتها هو الشعب يريد إسقاط النظام ولو تذكرون فإنه كان شعار مؤامرة بوعزيزي في تونس.

عمر الشعب الحقيقي ما يرغب في إسقاط بلده! الخونة فقط هم من يفعلون.. ولقد ساقوا شرفاء في الطريق وخدعوهم، فيهم نخبة وفيهم دهماء وفيهم عاديون بسطاء، قتلوا منهم كثيرين في مسيرات الخرفان!

قبل أسابيع قليلة قال الرئيس ما تقوله الصدور: يناير علاج خاطئ لتشخيص خاطئ.. وقبل أيام في منتدى الشباب بشرم الشيخ قال إنه يتمنى لو تعود الأوضاع بالبلد إلى ما قبل ٢٠١١.. يقصد بالطبع الاستقرار ومعدل التنمية الذي كان في حكومة الدكتور أحمد نظيف ٧،١٪؜.

معظم الشعب يعرف أنها لم ولن تكون ثورة.. بل مؤامرة وخراب فماذا يؤخرنا عن تعديل ما وصفه الرئيس أنه علاج غلط لمرض غلط؟ إبقاء هذا الخطأ خطيئة، ويفشي الفيروس في الدستور، المراجعات بدأت تتسرب بالتدريج لكتاب كثيرين منهم المحترمون ومنهم الأراجوزات، عن إعادة تعريف وتوصيف ما جرى، شرفاء يقولون كانت ثورة واتخطفت.. خطفها الغربان!

كلا يا عزيزي الشريف الغر.. بل أخذها مخططوها ومدبروها وأصحابها الذين نفذوها وما كنتم سوى بنزين وعجلات لمركباتهم التي اندفعوا بهم يحرقونكم وقودا وكاوتشا!

دستور يشرع الخيانة ويقنن الجريمة ويضعف سلطة الدولة لا يجوز أن يعبر عن مصر ولا أن يحمي حريتها وحقوقها وواجبات أبنائها.. بل هو تعبير عن امتدادات من سبكوه ونحتوه من السباكين والنحاتين العظام! مصر بحاجة لوزير إعلام وبحاجة لإعادة تعريف ضميرها الوطني وإنهاء التوءمة بين ابن شرعي هو ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ وابن غير شرعي هو الخامس والعشرين من يناير المؤامرة.

إن إبقاء التوءمة بين ابن حلال وابن من غير طريق الحلال ليس فقط عملا غير أخلاقي، بل هو عمل ينطوي على اعتلال وعوار دستوري.. يقر مسافحة الوطن!

الجريدة الرسمية