رئيس التحرير
عصام كامل

الحملة القومية «10 ملايين توكتوك»


فيروس سي ليس الوباء الوحيد الذي يحتاج لحملة قومية، فالفيروسات التي أصابت هذا البلد ونعاني من تداعياتها كثيرة، نحتاج على سبيل المثال إلى حملة قومية للقضاء على 10 ملايين برميل زبالة متحرك في الشوارع كالصراصير ويسمى التوكتوك، نحتاج إلى حملة قومية للقضاء على مليون بلطجي استولوا على أرصفة الشوارع لحسابهم الخاص، ويفرضون إتاوات إجبارية على كل من يركن سيارته ولو دقيقة ويرفعون شعار "الدفع أو الخدش".


نحتاج إلى حملة قومية لإزالة إشغالات المقاهي والمحال والباعة الجائلين، وإعادة حرمة الطرق التي انتهكتها ممارسات جعلت منها سويقة كبرى، نحتاج لحملة قومية لنظافة وتجميل وجه الشوارع القميىء، نحتاج إلى حملة للقضاء على فيروسات الإنفلات السلوكي والأخلاقي الذي أصاب منظومة قيم كثير من المصريين، الذين لا يستوعبون أن حريتهم تنتهي عندما تتقاطع مع حريات الآخرين وتؤذيهم، بحيث لم نعد نسمع في كل نزاع أو خلاف أو شجار من يعترف بالخطأ ويعتذر، بل صرنا نرى حوار الطرشان، الكل أصبح يؤمن بالصياح ويعتقد أن صاحب الصوت العالي هو الفائز دائما.

نحتاج إلى حملة للقضاء على ظاهرة الزحام وإعادة الانضباط، وتحقيق السيولة المرورية بعد أن ضاعفت هذه الظاهرة الوقت المستغرق في الذهاب والعودة، في كل مشاويرنا إلى الضعف وصار المشوار الذي كنت تقضيه في ساعة يحتاج إلى ساعتين وربما أكثر.

لكي تسير في أي شارع، في أي حي راق أو شعبي تحتاج إلى أن تكون لاعب باليه أو جمباز، وبكامل لياقتك البدنية، وتجيد فن الرقص لكي تتفادى تصادم غابة التكاتك والموتوسيكلات والترويسيكلات التي تتراقص يمينا ويسارا، وتسير كالفئران بلا ضابط أو رابط، وتتأرجح فتصيب عظامك بكسور أو جلدك بجروح، لم يعد للبني آدمين مكانا لقدم على الأرصفة التي احتلها الباعة الجائلون وأصحاب المحال، عداك عن صوت الصخب الرهيب الناتج عن خليط من أصوات دي جيهات التكاتك وكلاكسات الموتوسيكلات والسيارات المصاحبة لهذه الحالة من الفوضى بحيث أصبح الحديث مع أي شخص نوع من المستحيل.

باختصار نحتاج إلى استنساخ الحملة الرائعة لإنقاذ أكباد 100 مليون مصري، قبل أن تصيبها الفيروسات بحملات مماثلة، وبنفس المنهج والأسلوب الجاد والخالص النوايا، لإنقاذ هذا البلد من ملايين الآفات والأمراض المجتمعية التي لا تقل خطورة في تداعياتها عن أمراض الكبد، فهل من مستجيب؟

** يوم الإثنين الماضي وأثناء عبوري الجزيرة الوسطى في محطة المساحة بشارع فيصل، تعرضت لحادث مؤلم بسبب سوء تقديري لارتفاع مستوى رصيف الجزيرة الوسطى "نصف متر"، حيث اختل توازني أثناء عبوري الطريق مسرعا قبل مداهمة السيارات للعبد لله، وزحفت بوجهي على الأسفلت وتكسرت أسناني الأمامية ونظارتي وأصبت بتجلطات دموية في ذراعي وأنفي وفمي، وقد نجاني الله من الموت لأنني كنت قد سقطت بعيدا عن حرم سير السيارات المسرعة.

لست من الذين يؤمنون بالمنطق التآمري في تفسير الأشياء والأحداث، ولا أشير لتلك "الوقعة" من قبيل استدرار العطف أو الشفقة أو إبعاد الحسد لا سمح الله، ولكنه بلاغ لمحافظ الجيزة لكي يخفض ارتفاع هذا الرصيف المخيف قبل أن يصبح مصيدة للأرواح، خصوصا أن هناك عددا كبيرا من المواطنين "وقعوا نفس الوقعة"، وبسبب نفس "الرصيف العالي"، ومنهم على سبيل المثال الكاتب الصحفي الصديق حازم منير الذي أمضى في الجبس ثلاثة أشهر.

** بمناسبة مقالي الأخير بعنوان "جنيهات نقيب الصحفيين الخمسة"، وتصريح نائب البرلمان بهاء أبو شقة عن أن المواطن المصري يستطيع أن يتناول الغداء والعشاء بخمسة جنيهات، أرسل لي أحد أصدقائي قائمة بالاحتياجات الضرورية لأسرة مصرية مكونة من 3 أفراد، أي ميزانية أسرة فقيرة ومعدمة ومحتاجة، ودون مصاريف مدارس ولا دروس ولا علاج ولا خروجات ولا زيارات ولا مجاملات، ودون أكل اللحوم أو الفراخ أو البيض أو البانيه، ودون شرب الشاى أو القهوة أو السجائر، ودون أي أعمال صيانة للمنزل، هذه الحياة التي دون أي شيء سوى تناول القدر اليسير من الطعام الذي يبقى الإنسان حيا تتكلف 3650 جنيها.

وتشمل إفطار لرب الأسرة وباقي الأسرة 750 - غداء فول وطعمية وسلاطة طوال الشهر 750 – عشاء خفيف نصف جبنة قريش وعيش طوال الشهر 450 – مسحوق غسالة 4 كيلو شهريا 100 – 5 صابونة وش في الشهر 40 – صابون مواعين 20 – علبة سمنة نباتى 60 – ملح، كمون، فلفل أسود، ليمون، زيت للفول 50 – حلاقة شعر لرب الأسرة والابن 60 – مواصلات لرب الأسرة فقط 7 ذهاب و7 إياب 420 – فواتير كهرباء وغاز ومياه وتليفون ونت إجمالي 450 – إيجار شهري لشقة صغيرة 500.

وللمصريين الذين يعانون من الغلاء الفاحش المتوحش، والذين يقل دخلهم الشهري عن 5 آلاف جنيه، أقول "لنا ولكم الله".

الجريدة الرسمية