رئيس التحرير
عصام كامل

محمد نجيب يكتب: الشعب الذي أحببته

فيتو

في مجلة المصور يوم 16 أكتوبر 1953، كتب رئيس الجمهورية اللواء محمد نجيب مقالا يعبر فيه عن امتنانه وحبه لشعبه قال فيه: "كلما أتيح لي أن أمتزج بطوائف هذا الشعب، وألمس عواطفه عن كثب، تردد في خاطري سؤال: ماذا أستطيع أن أفعل لهؤلاء الذين يلقون بأجسامهم وأرواحهم في طريقي".


وتابع: "كلما فكرت في خير أجزي به هذا الشعب العظيم، وجدت هذا الخير مهما عظم يتضاءل حيال إخلاص هذا الشعب وحبه ووفائه.. وكلما رأيت هذه الألوف التي تعترض طريق سيارتي، معرضة نفوسها للعناء والأخطار لكي تتحدث إلى أو تصافحني..أحسست بجسامة مسئوليتي نحوهم، وبثقل الأمانة التي يحملونني إياها بهذه الثقة وهذا الحب".

وأضاف: "لقد كشفت لي رحلاتي بقرى مصر عن جوانب عديدة من قوة هذا الشعب الجرئ، وأشعرني بأنه شعب لا يعترف بالفشل، ولا يعترف بالصعاب.. كان يخترق نطاق الحراسة المضروبة حولي ويصل إلى من كل سبيل، كان بعضهم يتساقط على من عل، وبعضهم يظهر بين يدي وكأنه قد نبت من الأرض، وآخرون يتسربون بين الصفوف كما يتسرب الماء دون أن تستطيع الأكف أن تصده".

واستطرد "نجيب": "كثيرا ما رأيت نفسي بين أحضان مزارع، أو جماعة لست أدرى كيف استطاعت الوصول إليّ، مع حرص أبنائي الضباط والجنود على ألا يرهقني الزحام.. لقد نزع بعض الناس في غمرة الحماسة الشارات الحمراء من على ثوبي العسكري، وبعضهم انتزع أزرارا من كمي، وكثيرين حرصوا على أن ينالوا مني تذكارا".

وأردف: "أسال نفسي بعد كل هذا: ما سر هذا الحب الذي أشعر بتدفقه من كل هذه القلوب؟.. لقد كنت أسمع الفلاحين ينادونني "يابو نجيب" فأشعر بسعادة لا تدانيها سعادة، وكنت أحس فخرا وزهوا بهذا اللقب لا يحسه حامل أضخم الألقاب وأخطرها".

وواصل في مقاله قائلا: "أن نداء يابو نجيب لا يمكن أن يصدر عن قلب فيه ذرة من الرياء أو المداهنة، ولا يمكن أن يهتف به إلا قلب محب مطمئن، قلب يشعر صاحبه بأنه يخاطب أخا له ترضيه يابو نجيب ولا يرضيه لقب غيره.. هكذا كان لقاء أبناء الشعب لي، وهكذا كانت تصرفاتهم.. وهي تصرفات تثقل كأهلي بالجميل، وتشعرني بأن كل ما فعلته وكل ما أفعله لهذا الشعب، قليل".

واختتم الرئيس الأسبق مقاله قائلا: "إنها تشعرني بفداحة العبء وثقل الأمانة التي حملنيها المواطنون، والتي يجب أن أؤديها لهم على أكرم وجه وأحسن صورة".
الجريدة الرسمية