رئيس التحرير
عصام كامل

«الصوفية الثورية» الوجه الآخر لأنصار «آل البيت».. تاريخ من المواجهات مع أعداء الوطن.. قاومت الاستعمار الفرنسي والإنجليزي..أعادت السيطرة على العالم الإسلامي لـ «المصريين».

فيتو

بعد ثورة 30 يونيو، ظهرت الصوفية بأنياب حقيقية، شكل جديد للدراويش لم يتعود عليه الرأي العام، خرج الصوفيون للعلن وناطحوا الإخوان والسلفيين وسائر تيارات الإسلام السياسي، واستحوذوا مؤخرا على أرفع المناصب النيابية، بما أثار الكثير من الأسئلة عن الوجه الآخر للتصوف، وهل هناك صفات نضالية مضيئة، أم هناك القضية دروشة وحلقات ذكر فقط؟ 


الصوفية والتاريخ

من يقلب صفحات التاريخ، سيجد الكثير من المفاجآت عن الصوفية، مواجهات مع أعداء الوطن، تماس مع القضايا الشعبية، بما يناقض نظرة الشك في المنهج الصوفي، التي أسستها حركات وتيارات الإسلام السياسي، والسلفي منها من على وجه الخصوص، في العقل الجمعي المصري.

من اتهامات بالزندقة، إلى الاتهام بالعمالة، والموالسة مع الأنظمة الحاكمة، أيا كانت توجهاتها، إلى آخر المعلومات المغلوطة التي دسها بعض المحسوبين على السلفية بشبكة الإنترنت، لا يجد الصوفيون قيد أنملة في الدفاع عن أنفسهم ضد قائمة طويلة من الاتهامات.

الصوفية قديمًا

كانت الصوفية دائما، صاحبة أياد بيضاء على انتشار الإسلام في أفريقيا، بين مدرسة فكرية راقية، وأخرى سلوكية، تقوم على الحب والقدوة الحسنة بين الناس، ونشر العدل والتمسك به لأقصى درجة، توسعت السلفية كلما زادت رقعة الإسلام، من مصر، إلى المحيط الأطلسي غربا، ومنه إلى المحيط الهندي شرقا.

قادت الصوفية فكر التجديد في الإسلام بالممالك النائية بآسيا وجزر المحيط الهندي وإندونيسيا ومالي، نشرت روح التسامح للإسلام في بلغاريا، ورومانيا، ويوغسلافيا، والبوسنة، والهرسك، وكوسوفو، وفي الثلاث بلدان الأخيرة، نشرت الدعوة على يد من يسمون أنفسهم «الصوفية الجهادية».

محاربة الاستعمار

يقول الباحث ماجد الكيلاني، في كتابه «هكذا ظهر جيل صلاح الدين.. وهكذا عادت القدس»، أن الصوفيون قاوموا بشراسة الاستعمار الإيطالي والفرنسي والإنجليزي، وكانوا في القلب من الثورة ضد المماليك، ولهم الفضل في إعادة الزعامة للمصريين على العالم الإسلامي، بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة.

يؤكد الكيلاني أن حشود القطب الصوفي، وشيخ الطريق الخلوتية، أحمد الدرديري، كانت عامل الحسم في انتصار مصر بمعركة حطين الشهيرة، كما ساهم أيضا في الدعوة لمحاربة التتار، وكان أول المشاركين بمعركة عين جالوت، ولم يكن وحده، بل كان بصحبته عبد الله الشرقاوي، شيخ الطريقة الشاذلية.

«الجبرتي» المؤرخ العلامة، يحكي هو الآخر، في كتابه الأشهر «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»، أن الصوفية تصدوا في مقدمة الصفوف للحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، ويكشف الكثير عن المشهد وقتها، مؤكدا أنهم شاركوا بالطبول والمزامير والأعلام، وهم يضجون، ويصيحون ويذكرون بأذكار مختلفة، وحولهم الآلاف من المصريين بالنبابيت والعصي، يهللون ويكبرون ويكثرون من الصياح.

منهج بلا أزمات

يشد منتصر حمادة، الباحث في الشأن الصوفي بما قاله الجبرتي، ويزيد عليه مؤكدا أن التديّن الصوفي لا يقارن في الضرر، ولا الأذى بحركات التيار الإسلامي الحركي، مثل الإخوان والسلف، ويوضح أن الصوفية تنتصر للهاجس الإصلاحي الأخلاقي، وخاصة إصلاح الذات، وبالتالي ليس صدفة انتشار الإسلام في أوروبا عبر بوابة التصوف.

«حمادة» يجزم أن الصوفية رغم وجود العامل الجهادي فيها أيضا، إلا أن عدم شيوعه كان سببا في عدم تغذية الإسلاموفوبيا على الصوفية مثل تتغذى على الإخوان وداعش والقاعدة، ويشير إلى أن الفكر الصوفي مؤهل أكثر من غيره لرد الاعتبار لروح الدين، أما الخطاب المتشدد للإسلاميين الذي أساء لنا أمام جميع بلدان العالم.
الجريدة الرسمية