رئيس التحرير
عصام كامل

«فيتو» في منزل الأول على الجمهورية في حفظ القرآن.. نور البصيرة ينتصر على فقد البصر

فيتو

هؤلاء الذين فقدوا نعمة البصر هم أقرب العباد إلى ربهم، ومن عميت قلوبهم لا تنفعهم ألف عين تضاف إلى أعينهم، والكفيف حافظ كتاب الله يرى بنور البصيرة منحا لا يراها الآخرون، ومن بين هؤلاء الطفل عبد الرحمن مهدي الفائز بالمركز الأول في حفظ القرآن الكريم.


بقلب مطمئن يجلس الطالب عبد الرحمن في معية كتاب الله، يتلو آيات الذكر الحكيم يستشعر حلاوتها ونعمة القرب من الله، اختصه رب العالمين بذهاب نور عينيه لكنه يرى بعين البصيرة ما لا يراه المبصرون.

ما أن تقع عينيك عليه حتى ترى في نفسه الطمأنينة، وعلى وجهه ابتسامة تفتح له أبواب القلوب المغلقة من أول لقاء، أو مع تلاوتها آية من كتاب يتحرك فؤادك وتشعر بالراحة والسعاد.



هو الطالب عبد الرحمن مهدي خليل، ولد في عام 2007 بقرية طبلوها التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية استطاع خلال الثلاث سنوات الأخيرة من حياته أن يحفظ كتاب الله عن ظهر قلب. 

وجاءت منة الله لعبد الرحمن بعد رحلة طويلة من المعاناة شهدتها أسرته بين المستشفيات والأطباء لعلاج بصره إلا أن إيمان الطالب بالله وحلاوة صوته في تلاوة القرآن كان دافعا كبيرا ليبدل تلك المعاناة إلى فرحة كبيرة داخل أسرته وبين أبناء قريته بعدما حصد المركز الأول في حفظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية.



يروى لنا الحاج مهدي والد الطالب قصته منذ النشأة الأولى وكيف كان يبكي وهو صغير ولا يهدأ إلا حينما يسمع صوت القرآن الكريم في محطات إذاعة القرآن: «بدأنا مع عبد الرحمن في طفولته الأولى بالقرآن الكريم فكان عندما يبكي نسمعه إذاعة القرآن الكريم فيسكت عليها، ومع مرور الوقت وبلوغه سن 3 أعوام زاد تعلق عبد الرحمن بكتاب ربه؛ وأصبح جزءا من حياته».



إذاعة القرآن تحولت إلى حياة يعيشها الصبي الصغير، وتعلق به كتعلق الرضيع بأمه، وأصبح صديقا يسمع ويرى من خلاله البرامج والضيوف ويتعرف على معاني ومسميات الأشياء. 

وأكد الوالد: "الراديو أصبح صديقا له؛ وتعلق جدا به؛ وكان يبكي في كل مرة يتلف فيها الجهاز حتى اشتري راديو جديد أو أقوم بتصليحه، وفي إحدى المرات سمعت عبد الرحمن وهو يتمتم بالقرآن الذي سمعه وهو مندمج معه ويردد التواشيح التي يحبها فعلمت وقتها أن قلبه تعلق بالقرآن الكريم".



لم تخل حياة عبد الرحمن من المحطات الصعبة في حياته الأولى وكذلك حياة أبيه وأمه فعندما بلغ الخامسة من عمرة اكتشف الأب وجود إعاقة في إحدى قدميه: "كنا نسافر شهريا إلى بنها لعمل جلسات علاج وبعد مدة لم يعجبني حديث الطبيب الذي أراد كسر قدم ابني وتركيب جبيرة ليستطيع الحركة والمشي من جديد.. وذهبنا إلى طبيب آخر في شبين الكوم وقال لنا: إن ذلك عيب خلقي ويحتاج فقط إلى الوقت ليستطيع المشي والحركة".




وبمرور الوقت بدأ عبد الرحمن يقف على قدميه، ليرسم الأمل على وجه الأم والأب من جديد اللذان كان لهما دور كبير في تشجيعه وتعليمه المشي حتى وصل لسن 6 أعوام، وهنا بدأت رحلة جديدة لطالب تغلب على إعاقته وعاش ونشأ وتربى على حفظ كتاب الله في كتاتيب تُحفظ القرآن الكريم.

يتحدث القارئ الصغير عن بدايته الحقيقة فيقول: "بدأت الحفظ في السادسة من عمري على يد الشيخ المحمدي العطيوي وختمت القرآن في سن التاسعة من عمري، وكان التجويد على يد الشيخ طاهر درة في قرية زرقان بمركز تلا، وكنت دائما أسمع القرآن على إذاعة القرآن الكريم وكنت أحفظه وأحافظ عليه وكانت والدتي ووالدي يشجعونني على القراءة والحفظ وكان زملائي يقدمونني دائما لقراءة القرآن والأناشيد في الإذاعة المدرسية".



الشيخ حسام الكومي محفظ الطالب عبد الرحمن القرآن الكريم في معهد طبلوها الأزهري الابتدائي يؤكد أن الطالب دائما وأبدا يحفظ القرآن الكريم، وينشد في المعهد الديني بصوت رائع جدا، أحبه الجميع بداية من الطلاب وشيخ المعهد والموجهين.





وعن طريقة تحفيظ عبد الرحمن للقرآن الكريم فيروي الوالد الذي ترك عمله الإضافي الثاني حتى يتفرغ لابنه بعدما نصحه الشيخ بذلك موضحا: "كان الشيخ يسجل تلاوته للقرآن عن طريق الهاتف ثم يعطيها لعبد الرحمن لكي يحفظها آية آية حتى ينتهي من حفظ صفحة يوميا من كتاب الله وأتمنى أن أراه عالما من العلماء الذين يعملون بالقرآن الكريم".

ولفت خال الطالب إلى أنه كان يحفظ مواعيد البرامج على إذاعة القرآن الكريم ونحن فخورون به لأنه مشرفنا في القرية والمحافظة وعلى مستوى الجمهورية وهو ما زال صغيرا والفضل لله سبحانه وتعالى ثم للشيخ المحمدي الذي تبناه.



دخل الطالب عبد الرحمن العديد من المسابقات على مستوى القرية والقرى المجاورة والمحافظة، وكان يحصد المركز الأول في جميع المسابقات وشارك في مسابقة الأزهر الشريف الأخيرة على مستوى الجمهورية وهو في الصف السادس الابتدائي، واستطاع أن يفوز بالمركز الأول "الحمد لله طلعت الأول على مستوى جمهورية مصر العربية وقال لي الشيخ بعد نجاحي ألف مبروك وإن شاء الله تكون الأول على مستوى الدول".

وعن أمنيته قال عبد الرحمن: "أتمنى أن أكون عالما من العلماء العاملين بعلمهم وأن أكون مثل فضيلة الشيخ القارئ عبد الباسط عبد الصمد رحمة الله عليه".




الجريدة الرسمية