رئيس التحرير
عصام كامل

خبير سياحي: المحافظون كلمة السر في إنجاح «السياحة الدينية»

فيتو

مشروع مسار العائلة المقدسة يجب أن يكون نقطة البداية الذي تنطلق منه الدولة لإحياء السياحة الدينية في مصر، والتي عانت من إهمال كبير لسنوات طوال رغم أهميتها وما يمكن أن توفره من مكاسب هائلة.. هذا ما أكده الخبير السياحى الدكتور عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية “مسافرون”، في حديثه لـ«فيتو».


وأضاف أيضًا أنه يجب أن تتضافر جهود أجهزة الدولة المعنية، والمتمثلة في وزارة السياحة بقطاعاتها المختلفة ووزارات الآثار والثقافة والصحة والداخلية، لقيام كل منها بدورها لتفعيل هذا القطاع الهام من خلال منظومة عمل متكاملة، بالإضافة إلى الدور الهام الذي يلعبه المحافظون..
وإلى نص الحوار:

> ما أهمية تفعيل وإحياء السياحة الدينية في الوقت الحالي؟
في البداية يجب التأكيد على أن مصر تحظى بعدد كبير من المزارات الدينية المقدسة، والتي شهدت طوال الفترات الماضية تجاهلا غير مبرر من الحكومات المتعاقبة، رغم قدرة هذا النمط من السياحة على جذب السائحين من كل أنحاء العالم في فترة عانى فيها قطاع السياحة كثيرا، لأن السائح الذي ينشد المزار الدينى يكون “قدري” إلى حد كبير، ولديه إيمان بالله فلن يكون لديه أي تخوف من زيارة أي مكان له طبيعة مقدسة ويجد فيه راحته وسعادته، إلا أن الأمل بدأ يدب في النفس مجددًا بمشروع «مسار العائلة المقدسة».

> حدثنا أكثر عن أهمية هذا المشروع لمصر؟
مشروع مسار العائلة المقدسة، الذي يرصد رحلة موثقة تاريخيًا ودينيًا استمرت 3 سنوات و6 أشهر؛ سيعم بالخير على قطاع السياحة، فإذا نظرنا إلى عدد الكاثوليك حول العالم سنجده مليارًا و700 شخص وربما أكثر، ونستهدف من هذا العدد الكبير ما لايقل عن 3 ملايين سائح من حجاج الفاتيكان، بالإضافة إلى تحسين صورة مصر بارتفاع مؤشرات مستويات الأمن والاستقرار بشكل واضح، ويضم هذا المسار 25 محطة، بداية من البوابة الشرقية ثم الفرما إلى تل بسطة حتى مسطرد.. ويستكمل المسار ليصل إلى سخا، ومنها إلى وادى النطرون، ثم إلى المطرية بالقاهرة، حيث شجرة مريم، وكنيسة السيدة العذراء بالزيتون، وكنيسة أبو سرجة وهى أقدم كنيسة في القاهرة، كما تتجه الرحلة إلى مجمع الأديان بالقاهرة الذي يشمل الكنيسة المعلقة ومسجد عمرو بن العاص، وهو أقدم مسجد بأفريقيا، والمعبد اليهودى “بن عزرا”، لتتجه بعد ذلك إلى كنيسة المعادى، التي يوجد بها المذبح، ثم إلى البهنسا، وصولًا إلى كنيسة جبل الطير الأثرية، والتي توجد بها المغارة المقدسة، ثم يتجه المسار بعد ذلك إلى جبل الطير بالمنيا، ومنه إلى دير المحرق بأسيوط لتتجه بعد ذلك إلى دير جبل درنكة بأسيوط أيضًا، الذي أقامت به العائلة المقدسة في طريق العودة بعد أن تلقت رسالة بوفاة الملك هيرودس وإمكانية العودة.

> وماذا عن أهم المزارات الدينية الأخرى التي يجب تسليط الضوء عليها؟
مصر لديها عدد من المزارات الدينية ليس لها مثيل على مستوى العالم، ويجب التعريف بها والاهتمام بتطويرها والترويج لها عالميًا، وأرى أن هناك تحركًا في الفترة الأخيرة لإحياء هذا القطاع، وكانت البداية من محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة الذي أقام ملتقى الأديان السماوية.. سانت كاترين.. “هنا نصلى معا” بشرم الشيخ؛ الأمر الذي يعد دعمًا حقيقيًا لقطاع السياحة لما تحويه محافظة جنوب سيناء من مزارات مهمة مثل جبل موسى والوادى المقدس الذي ذُكر في الكتب السماوية الثلاث والشجرة المباركة، فضلا عن عدد كبير من الأديرة مثل ديرى الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا في البحر الأحمر اللذين يعدان أقدم الأديرة على مستوى العالم، فالأب أنطونيوس هو أب الرهبنة، وجميع زعمائها في العالم تتلمذوا على يديه، فضلا عن أديرة أخرى في القاهرة، منها في مصر القديمة والمعادى والمقطم والصعيد أيضا ووادى النطرون.

> وماذا عن المزارات الإسلامية؟
تزخر مصر بعدد من المساجد الأثرية، مثل مسجد أحمد بن طولون، والجامع الأزهر، ومسجد عمرو بن العاص وغيرها، بالإضافة إلى ضرورة إحياء مسار الحج القديم كمزار سياحي، ويضم المحطات التي كان يسلكها المسلمون الأوائل قديما من بلاد أفريقيا إلى أراضى الحجاز في رحلة كانت تستغرق أكثر من سنتين، للتعريف بهذه القصص التاريخية الجميلة للأجيال والسياح من كل أنحاء العالم.

> وما دور الحكومة للاستفادة المثلى من تلك المزارات الدينية؟
المزارات الدينية تمثل من 10-15 % من قطاعات السياحة المختلفة، ويجب تضافر جهود أجهزة الدولة المعنية بالأمر والمتمثلة في وزارة السياحة بقطاعاتها المختلفة ووزارات الآثار والثقافة والصحة والداخلية، لقيام كل منها بدورها لتفعيل هذا القطاع الهام من خلال منظومة عمل متكاملة، بالإضافة إلى الدور الهام الذي يلعبه المحافظون؛ كلُّ في نطاق إقليمه، فلا يجوز أن يتم الترويج لتلك الأماكن في الخارج ثم يأتى السائح فلا يجد مكانًأ نظيفًا للإقامة فيه أو تأمينًا كافيًا على حياته أو رعاية طبية جيدة أو خدمات على مستوى متميز.

> وما الخطوات الواجب اتخاذها في المستقبل؟
دعوة بابا الفاتيكان إلى زيارة مصر بعد مباركته لإطلاق مسار رحلة العائلة المقدسة وتأكيده في عظته أن مصر بلد السلام، موجهًا بالحج إلى مصر، «ممتازة».. ولا شك أنه سيكون لها بالغ الأثر في دعم ملف السياحة، ولكن لا يجب أن نتوقف عندها، ونقول «خلاص كده»، بل يجب اتخاذها كإشارة بدء ننطلق منها للاستعداد الأمثل لاستقبال الحجاج المسيحيين وتجهيز محطات المسار بما يليق باسم مصر، وتوفير الفنادق اللازمة، وصولا إلى المنيا وأسيوط.. ومما يدعو للأسف أن نجد كنيسة المطرية تعانى من إهمال كبير ومحاطة بالقمامة والتكاتك؛ مما يؤدى إلى عكس صورة سلبية إلى السائح الأمر الذي يجب على الدولة تلاشيه فورا لإنجاح مشروع مسار العائلة المقدسة وغيرها من المزارات الدينية الحيوية.
الجريدة الرسمية