رئيس التحرير
عصام كامل

بلاغات تغيب الفتيات في الجيزة بين الإيجابية والسلبية.. «اتهام الأمن بالتقصير» و«قطع الطريق» طرق للتعبير عن غضب أهالي المتغيبة.. وخبير أمني: تصرف طائش يتسبب في كوارث

مديرية أمن الجيزة
مديرية أمن الجيزة

خلال الفترة الماضية، قطع عدد من أهالي الجيزة طرقًا رئيسية وخطوط سكة حديد؛ وذلك تعبيرًا عن غضبهم واعتراضًا منهم على اختفاء فتياتهم، إلا أن رجال الشرطة ينجحون في احتواء الموقف، وكشف حقيقة هذا التغيب.


بلاغات الجيزة
بعض تلك الوقائع تتابع وقوعها بنطاق مديرية أمن الجيزة، ففى مركز أبو النمرس قام أهالي فتاة بقطع طريق "القاهرة - أسيوط" الزراعى ومنعوا مرور السيارات عليه وسط مطالبات منهم لأجهزة الأمن بإعادة الفتاة، إلا أن رجال الأمن تدخلوا لفتح الطريق أمام قائدى السيارات مرة أخرى.

واستمرت عمليات البحث والتحرى حول الواقعة من أجل إعادة الفتاة، لتكشف تحريات رجال المباحث أن الفتاة كانت على علاقة عاطفية بشاب وهربت معه بإرادتها، ولم تتعرض لأى إيذاء أو مكروه.

واقعة البدرشين
لم تمر أشهر على هذا الحدث، حتى تلقى اللواء هشام العراق، مدير أمن الجيزة، إخطارًا من مركز شرطة البدرشين، بتقدم شخص ببلاغ يفيد اختفاء نجلته التي تبلغ من العمر ٢٥ عامًا، أثناء وجودها في أحد الأفراح بدائرة المركز.

وأثناء إجراء تحريات موسعة عن الواقعة في محاولة للتوصل إلى مكان وجود الفتاة، قطع أهالي المتغيبة طريق السكة الحديد للتعبير عن غضبهم عن طول مدة تغيب الفتاة، وتمكن رجال المباحث من فض تجمهرهم وضبط ١٠ منهم بتهمة قطع الطريق.

وكشفت تحريات رجال الإدارة العامة لمباحث الجيزة بقيادة اللواء إبراهيم الديب، مدير المباحث، حقيقة الأمر، حيث تبين أن ربة المنزل هربت مع عامل إلى مدينة الغردقة.

وقالت التحريات، إن المتهمة جمعت مشغولاتها الذهبية وأموالها قبل خروجها من منزلها واستغلت وجودها بأحد الأفراح ثم اختفت، لتذهب لتتقابل مع عامل بصيدلية تعرفت عليه عن طريق "فيس بوك"، في محافظة الإسكندرية.

وأضافت التحريات أن المتهمين قاما بعد ذلك بالسفر إلى مدينة الغردقة للتنزه بها، وباستكمال التحريات وجمع المعلومات أمكن التوصل إلى مكان وجود ربة المنزل في الغردقة، وبتقنين الإجراءات ونشر الأكمنة أمكن ضبطها وبصحبتها العامل، بمواجهتها، اعترفت بواقعة هروبها، تحرر المحضر اللازم، وتولت النيابة العامة التحقيق.

واقعة اغتصاب
كما تلقى مركز شرطة البدرشين، بلاغًا من فتاة في العقد الثاني من عمرها أفادت فيه أنه أثناء استقلالها "توك توك" بدائرة المركز، قام السائق بتجريدها من ملابسها والتعدي عليها جنسيا كرها عنها، وسرق مصوغاتها الذهبية، وبعد ذلك استغاثت بالأهالي الموجودين بمحيط الحادث، والذين أغاثوها ووجهوا لها الرعاية حتى قدوم أهلها.

وبفحص البلاغ وإجراء التحريات اللازمة، تبين أن الفتاة اتفقت مع سائق التوك توك (تربطها به علاقة عاطفية)، على ارتكاب الواقعة، وذلك بعدما أجبرها أهلها على الخطبة من شخص آخر لا تريد الارتباط به.

وعقب تقنين الإجراءات، أمكن ضبط المتهمة وسائق التوك توك المتهم، وبإرشاده تمت إعادة المسروقات وملابس الفتاة.

مصدر أمني
وفى هذا الصدد، أفاد مصدر أمني بمديرية أمن الجيزة، أن وقائع اختفاء الفتيات بعضها يكون صحيحًا، فيتم بذل جهود أمنية مكثفة لإعادة الفتاة لأهلها وضبط الجناة لتقديمهم للعدالة، والبعض الآخر منها يندرج تحت مسمى هروب فتيات.

ويتابع المصدر: "يعانى رجال الشرطة في تلك البلاغات من حالة الحدة والانفعال التي يدخل بها أهلية الفتاة المتغيبة إلى داخل المراكز والأقسام الشرطية، وعندما تطول مدة التغيب يتهمون الأجهزة الأمنية بالتقصير في البحث عنها، لكن الذي لم يعلموه، وخلال تلك الفترة يتم البحث عن الفتاة، وفى بعض تلك البلاغات نجد أن الفتاة هي من هربت بكامل إرادتها مع شخص تريده".

وسيلة ضغط
وأوضح المصدر أن الأهالي في بداية الأمر يعتمدون على الإذاعة التامة لما جرى لنجلتهم، وعند التوصل لحقيقة الأمر، يطلبون من رجال الأمن التكتم على الأمر، لعدم احداث فضيحة لهم، بعدما كانوا هم من أعلنوا عن أنفسهم، ويزداد الأمر خطورة خصوصا في المناطق الريفية حيث تنتشر الشائعات بطريقة سريعة، لذلك على الأهالي تحرى الدقة قبل الإبلاغ، ومحاولة حل مشكلة نجلتهم، فهم أقدر على معرفة سلوكها.

ويتابع المصدر: «أحيانا لا يعلم الأهالي بأن نجلته هي التي أقدمت على الهرب إلا بعدما يعيدها رجال الأمن لهم، وأحيانا أخرى يعلم الأهل أن نجلتهم هربت بإرادتها، لكنهم يلجئون للشرطة (كنوع من الضغط ) لتحديد مكانها بعد فشلهم في معرفته، ويبدءون في اختراع الأكاذيب في بلاغاتهم».

اهتمام رجال الشرطة
فيما يرى اللواء محمد نور، الخبير الأمني، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن وقائع هروب فتيات ليست مستجدة على العمل الأمني، لكنها منذ زمن قديم.

وذكر أن رجال الشرطة يعطون اهتماما بالغا لبلاغات التغيب، خصوصا التي تختص بفئة الأطفال لأنهم بالفعل في خطر شديد، حيث يكون رجل الشرطة على علم بأن الطفل المتغيب سيتعرض لمكروه، سواء استخدامه في التسول أو تجارة الأعضاء.

وذكر: «أما في سن المراهقة فيؤخذ البلاغ، بنفس القدر من الأهمية، لكن مع الوضع في الاعتبار طبيعة المرحلة، فنبدأ بسؤال الأهل عن وقت خروج الفتاة، وهل تركت رسالة أو جواب تخبرهم فيها بتركهما المنزل، هل أخذت أموالا أو ملابس معها، هل تم إجبارها على الزواج، هل لديها مشكلات عاطفية لنبدأ من خلال الإجابة عن تلك الأسئلة في إجراء تحريات مكثفة وجمع معلومات من الأهل والجيران والمقربين منها، إلى أن نتوصل إلى حقيقة الأمر، هل فعلا هربت أم تعرضت للاختطاف».

ويتابع نور: «إن هروب الفتاة يعتبر تصرفا طائشا، فقد يتسبب في بعض الأحيان إلى حدوث كارثة فعلية، فقد يكون سببًا في اندلاع فتنة طائفية في منطقة أو قرية ما (إذا كان هناك اختلاف في الديانات) لكن رجال الأمن يكونوا قادرين على احتواء الموقف في كل الأوقات».
الجريدة الرسمية