رئيس التحرير
عصام كامل

350 بدلا من 300


بدأت وزارة الكهرباء والطاقة في هذه الفترة سعيها لرفع أسعار الكهرباء بداية من شهر يوليو 2017 القادم، وقد قدمت الوزارة تبريرات مختلفة لهذا الرفع في الأسعار، وهو أن تكلفة سعر الكيلو وات ساعة حتى 30 يونيو 2016 كانت تبلغ 63 قرشًا، وبناءً عليه خصصت الدولة 30 مليار جنيه دعم الكهرباء، ثم مع أزمة الدولار والقيمة المضافة رفعت تكلفة سعر الكيلو وات ساعة إلى 86 قرشًا، وبناءً على تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يتم تعديل الأسعار مراعاة الظروف المواطن وظل يحاسب على الأسعار القديمة.


وقد أدى عدم تعديل أسعار الكهرباء بعد القيمة المضافة وارتفاع سعر الصرف إلى أن أصبح الدعم المقدم من الدولة للمواطن 65 مليار بدلًا من 30 مليار، أي صار هناك 35 مليار جنيه فارق بين سعر البيع والتكلفة أصبحوا عجزًا في الموازنة العامة للدولة. وعدم تطبيق تعديل أسعار الكهرباء المباعة المستهلك سيرفع عجز الموازنة إلى ما يقرب من 60 مليار جنيه.

ويؤكد مسئولو الكهرباء وعلى رأسهم الوزير مراعاة الدولة لمحدودي الدخل في تلك الزيادة المقترحة، حيث تقدموا بعدة اقتراحات لهذه المراعاة لدى رئيس مجلس الوزراء ليختار أنسبها، ومنها أنه من يكون استهلاكه لا يزيد عن 300 كيلو وات شهريًا، لا تطبق عليه الزيادة المرتقبة، فيما يتحمل من يزيد استهلاكه عن 600 كيلو وات الجزء الأكبر من تكلفة الكيلو وات ساعة.

ويقدر عدد من لا يزيد استهلاكهم عن 350 كيلو وات – وليس عن 300 كيلو وات - 64 مليون و500 ألف مواطن، فطبقًا لإحصائيات العام الماضي، فإن عدد المستهلكين الذين لا يزيد استهلاكهم عن 50 كيلو وات يبلغ 44 مليون ويحصلون على دعم شهري نصف مليار جنيه، فيما يبلغ عدد من يزيد استهلاكه عن 100 كيلو وات 3 ملايين 200 ألف ويحصلون على ملياري جنيه دعم شهري، ومن يزيد استهلاكه عن 200 كيلو وات يبلغ عددهم 9 ملايين مواطن، ويحصلون 9 مليارات جنيه دعم.

فيما يحصل من يتراوح استهلاكه بين 201 إلى 350 كيلو وات، عددهم 8 مليون 300 ألف ويحصلون على دعم 11 مليار جنيه، بينما من يزيد استهلاكهم عن 351 حتى يصل إلى ألف وات يصل عددهم إلى 3 ملايين و687 مواطنًا، حيث إن من يقع استهلاكهم ما بين 351 إلى 650 كيلو وات، عددهم 3 ملايين 400 ألف ويحصلون على 6 مليارات جنيه دعم، ومن يتراوح استهلاكه بين 651 إلى ألف كليو وات 287 ألف مواطن ويتم دعمهم بـ491 مليون جنيه، ومن يزيد عن 1000 كيلو وات لا يحصلون على دعم.

وبالتالي فنحن مع مقترح إعفاء من لا يزيد استهلاكه عن 350 كيلو وات شهريًا من الزيادة المقترحة، وليس من لا يزيد استهلاكه عن 300 كيلو وات كما هو مقترح من الوزارة، وذلك أن معدل الاستهلاك الطبيعي يزيد حتى عن 350 كيلو وات، ولكننا نقدر ظروف الوزارة، لذلك نجعل عدم الزيادة المرتقبة تقف عند 350 كيلو وات، خاصة أن هذه الشريحة التي تستهلك من 201 إلى 350 كيلو وات تزيد عن 8 مليون مواطن، كما أن هذه الشريحة له محاسبة خاصة بها في الكهرباء وهي الشريحة الرابعة ضمن أسعار الكهرباء إلى يونيو 2017، فالشريحة الرابعة من 201 إلى 350 كيلو وات سعرها 42 قرشًا.

فإذا أخذت الوزارة بهذا المقترح عمت فائدة كبرى على محدودي الدخل، ودخل تحت مظلة عدم الزيادة ما يزيد عن 64 مليون مواطن، ويتحمل بالفعل الزيادة القادرين وهم أقلية، ولكن لنا أن نتقدم هنا ببعض التساؤلات المشروعة وهي لا تلغي الزيادة المقترحة لكنها تبحث عن مصادر أخرى لتقليص الدعم المقدم من الحكومة للمواطن ومنها:

لماذا لا تقوم أجهزة الأمن الخاصة بالوزارة بحملاتها المختلفة للقضاء على ظاهرة سرقة التيار الكهربائي في المقاهي العشوائية، التي انتشرت انتشار النار في الهشيم في كل مصر؟

فنجد أن كل بلطجي أو إي إنسان يستولي على رصيف أو مكان عام ويفرشه بالكراسي والموائد ثم يسحب سلكًا من أقرب عمود إنارة أو كابل كهرباء لينير غرزته أو مقهاه، ولا يستطيع أحد أن يردعه من أجهزة الأمن أو المحليات أو المحافظات، فيسرق الكهرباء عيانًا بيانًا!

كما يقوم بذلك البائعون الذين يفترشون مثل تلك الأماكن ويضيئون لمبات ضخمة عن طريق السرقة، هذا غير سرقات المنازل ومن يقومون بمد أسلاك كهرباء خلف العدادات، وهذه السرقات تقدر بأكثر من 25 بالمائة من الطاقة المنتجة، وهذا رقم كارثي لو تم السيطرة عليه لتوفرت الكهرباء، ولما احتاجت الوزارة لرفع أسعارها بصورة مستفزة، فالوزارة ترفع الأسعار على المواطن البسيط المنتظم بتحميله سرقات المواطن اللص!

ولنا أن نتساءل كذلك أين خطة الوزارة في إنتاج وتوفير الألواح الشمسية خاصة للمدن الجديدة بأسعار مناسبة؟ وذلك سيوفر كميات ضخمة من الطاقة للمصانع والتنمية، مما يسهم في عدم رفع أسعار الطاقة بالصورة العجيبة التي نراها مكررة في كل عام، ولنا أن نتساءل كذلك متى ستفعل الوزارة دور الفنيين للكشف عن العدادات في مصر وقد صار معظمها يجري مسرعًا لاختلال في معايراته وتكويناته، فيحسب آلاف الكيلو وات دون أن يكون قد تم استهلاكها بالفعل، فتجد المواطن يتعجب، فاستهلاكه كما هو لم يزد عليه لمبة واحدة لكنه يفاجأ بالعداد وقد زادت قراءته بصورة غير طبيعية، وهو لا يعلم أن عداده صار مخرفًا يحتاج إلى صيانة أو تغيير، والوزارة على هواها ذلك الأمر فلا تقوم بإصلاحه رحمة بالمواطن الذي يئن تحت سياط الغلاء؟!
الجريدة الرسمية