رئيس التحرير
عصام كامل

صلاح جاهين يكتب: العالم الواقعى

صلاح جاهين
صلاح جاهين
18 حجم الخط

في مجلة صباح الخير أكتوبر عام 1968 كتب صلاح جاهين مقالا قال فيه:«أسهل شيء على مجلة صباح الخير أن تقدم عددا عن الفن، بل أن أصعب شيء علينا نحن شلة صباح الخير أن نقدم عددا بعيدا عن الفن، فنحن نفطر فنا ونتغدى فنا ونتعشى فنا وننام ونحلم بالفن، وعلى رئيس تحرير هذه المجلة أيا كان وفى أي عصر وزمان أن يبذل جهوده الجبارة كل أسبوع حتى يخرج العدد متوازنا فيه من الفن نسبة معقولة معتدلة.


ونحن إذا نظرنا حولنا في البيوت والشوارع بل وحتى في الراديو والتليفزيون والسينما نكاد لا نعثر للفن على طعم كالبرتقال في زجاجة من الأورانجو.. المفروض أنه موجود لكنه تائه بنسبة واحد في المليون.

ولست أدرى هل واجبنا أن نقدم الحياة للقارئ كما هي في حقيقتها، ولا ننسج حوله عالما خاصا بنا تملؤه المسرحيات الرمزية والألحان الوردية والمعارض التكعيبية والرقصات الباليهية مما قد يساعد في خلق هذا الوجدان الزائف، أو الفوس كونسيانس ونساهم في خلق الانفصام في الشخصية لدى إنساننا المعاصر، مشتركين في عملية دفعه إلى الجنون؟

إننا نستطيع من خلال كتابتنا وعملنا الصحفى أن نساعد على خلق العالم الواقعى الذي يرتقى إلى مستوى المعانى التي يتحدث عنها المتحدثون.

أعتقد أن الثانية هي الأصح فالعالم الواقعى الذي نعيشه الآن والذي ربما كان بعيدا عن الأفكار والمعانى التي تكمن في رءوس المثقفين والمهتمين بالفنون كان يوما ما حلما ورؤيا يستشرقها من قبلنا آخرون.. وما كانوا بكاذبين فإن الله قد بدل أحلامهم واقعا حيا وإن كانوا الآن قد أصبحوا من الغابرين.

ومع ذلك.. فلا مانع من أن ينظر الواحد منا إلى نفسه بين الحين والحين ويسألها عن أي شيء تتحدث، وما أثر هذا الحديث وما جدواه، فالحقيقة المرة هي أننا كثيرا ما نخرم أو نخرف.. على الأصح.. ونحن نحسب أننا نقول أشياء عظيمة الأهمية، عميقة الجدوى.
الجريدة الرسمية