الفن التشكيلي يعود من جديد.. «تقرير»
في جولة سريعة على الصحف اليومية يلاحظ خفوت نجم فن الكاريكاتير والذي كان جزءا هاما ومعبرا حقيقيا لمعاناة المواطن والشارع بشكل فني فكاهي بسيط، استطاع من خلاله فنانون كأمثال صلاح جاهين ومصطفى حسين وعمرو سليم في تجسيد واقع الحياة الاجتماعية والسياسة.
وتراجع دور الفن التشكيلي في تجسيد الأحداث والوقائع عبر وسائل الإعلام المختلفة، لكن يبدو أن الفترة القادمة تشهد عودة للعب هذا الدور مرة أخرى في سياقات متطورة تتسم بالحداثة والتنوع، تناسب طبيعة ما أصبحت عليه وسائل الإعلام من أشكال وقوالب تتناول المادة الإعلامية.
«تقارير الرسومات اللحظية»
يعد هذا الشكل من التقارير هو الأحدث الذي توصل اليه القائمون على صناعة الإعلام في قناة «فرانس 24»، والذي تمثل في تقرير مصور لفنان تشكيلي يرسم وقائع ما يتضمنه التقرير من مادة إعلامية، مصاحبة لخلفية صوتية يحكمهما تناسق وتزامن الأحداث بين الصوت والرسومات.
ويستخدم هذا النمط من التقارير عند تناول واقعة تاريخية لا يوجد لها أي مادة فيلمية مصورة، فيستعاض بالرسوم لتحل محل هذه المادة في وصف الحدث، وظهر ذلك جليا في تقرير «فرانس 24» عن المجزرة بحق رهبان تيبحرين بالجزائر بعد مرور19 عاما عليها، وما يحوم بها من الغموض حتى الآن.
«الرسومات المتحركة»
الرسومات المتحركة أيضا كان لها نصيب كبير في هذا الشق من الصناعة الإعلامية، فهي رسومات يتم العمل عليها لتحريكها بشكل أو بآخر بواسطة برامج متطورة لوصف حدث بعينه، فيستعان بأحد الفنانين ليعمل على تجسيد هذه الواقعة بناء على ما تضمنه التقرير المكتوب من مشاهد ولقطات تقرب ما يصبو التقرير إيصاله للجمهور.
هذا النوع أيضا يعتمد عليه في حالة عدم وجود مادة فيلمية للواقعة ولا يشترط أن تكون تاريخية من عدمه، ولجأت إليه عديد وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية في حالات كالمحاكمات غير المذاعة أو جرائم القتل والسرقة غير المصورة والتي تفتقر لعنصر الصورة الهام.
«حوارات لشخصيات مرسومة»
نوع اعتمد في قوامه على الرسومات لكن في قالب إعلامي مختلف على شكل مقطع فيديو قصير يتضمن حوارا بين شخصيات مرسومة يجمعهما حديث ما، يراد منه بعث نصائح ورسائل عائلية في شكل مبسط يساعد على تفهمها والسير على خطاها، وقد استعانت بهذا الشكل قناة النهار المصرية في فقرتها الصباحية.
كما استخدمها فنان الكاريكاتير الشاب إسلام جاويش للتعبير عن حالات مختلفة كان آخرها ارتفاع درجات الحرارة الشديدة، فقد رسم مجموعة من الرسومات عن هذه الحالة في مشاهد متقطعة وتحريكها لتصبح فيديو متناسق يحمل رسالة ما، فأخذ جاويش من هذا المنحى طريقا للتعبير عن أفكاره بشكل مختصر وسريع.
يغلب على هذا النمط الطابع التربوي وتحسين السلوك لدى الفرد والمجتمع، في شكل يرى فيه صانعوه وسيلة ترفيهية ووجبة إعلامية خفيفة، تحمل معاني سامية لعادات وتقاليد مجتمعية، يلعب الفن التشكيلي فيها مهام اللاعب الأساسي لإيصال هذه الرسالة.
وبهذه الاشكال يبدأ الفن التشكيلي ممثلا في الرسومات والكاريكاتير لاستعادة ما فقده من بريق وميزات عالية يجعلها من الأساليب الإعلامية المحركة والقادرة على إيصال الرسالة الإعلامية إلى الجمهور بكل سهولة ويسر، وذلك لما يتمتع به هذا الفن من وضوح، ومباشرة، وبساطة ودقة الفكرة التي يحملها.
