محافظ ضد الرئيس!
كنا ولا زلنا نطالب بمسئولين «عندهم دم».. على قدر كافٍ من الوعي بالأخطار المحدقة بالبلاد.. يتمتعون بـ«حسٍ سياسي» يواكب المرحلة الراهنة، وما تتطلبه من حكمة وحنكة.. ويشعرون بآلام المواطنين ويعملون على تخفيفها، لا على زيادتها.. ينزلون من أبراجهم العاجية إلى الشعب، لا أن يتعالوا عليه.
كنا ولا زلنا نطالب بمسئولين يعرفون متى يكون كلامهم من فضةٍ، ومتى يكون سكوتهم من ذهب؟.. يعرفون كيف يستغلون مناصبهم ليكونوا سندًا للوطن المواطن، لا أن يتحولوا إلى خنجر في ظهر المواطن، وفي ظهر الرئيس، ويطعنونه من حيث يأمن، كما فعل محافظ الدقهلية!
فالاتهامات التي ألقى بها محافظ الدقهلية حسام الدين إمام، في وجه مواطن شكا من انقطاع المياه بقرى منية النصر وبني عبيد لمدة تزيد على 20 يوما، لا تليق بمسئول تنفيذي مهمته الأولى «حل مشاكل المواطنين»، والعمل على راحتهم، لا أن «يُعطل المراكب السايرة»!
سيادة المحافظ علق على شكوى أحد المواطنين، في مداخلة لبرنامج «لازم نفهم» على قناة «سي بي سي» الإثنين، قائلًا: «أنا مش عارف الشخص ده مزقوق من مين، أنا بعتّ له السكرتير المساعد ورئيس مجلس إدارة مياه الشرب، وراحوا شافوا المتابعة».. فرد المواطن عليه: «حضرتك أنت مانزلتش القرية خالص»، فانفعل المحافظ صارخًا: «مش أنت إللي تكلفني أني أجيلك».
وحينما ارتفعت حدة النقاش بين المحافظ والمواطن، تدخل مقدم البرنامج الإعلامي محمد سعيد محفوظ، مطالبا المحافظ بأن يكون في خدمة المواطنين قائلا: «المسئولين شغالين عند المواطن»، فرد المحافظ: «أنا مش شغال عند المواطنين، ولا بقبض مرتبي منهم»!
وعندما نبهه مقدم البرنامج لخطورة ما يقول، عاد المحافظ ليقول إن أساس عمله منذ أكثر من 30 عاما، هو خدمة المواطن الضعيف قبل القوي، وإنهم في المحافظة يعملون يوميًا لمدة 18 ساعة، مضيفًا: «نعاني كمسئولين من الطابور الخامس الذي يحاول تصدير صورة أن الدولة لا تعمل».
الكلام الصادر من المحافظ بشأن «الطابور الخامس»، و«المواطن المزقوق»، يدل على أنه لا يمتلك أي حس سياسي، ولو كان يمتلك من الشجاعة ما يكفي؛ لتقدم باستقالته من منصبه، كما فعلها من قبل المستشار محفوظ صابر، وزير العدل السابق؛ بسبب تصريحه عن رفضه «تعيين أبناء عمّال النظافة في الهيئات القضائية»!
ما قاله المحافظ
لا يمكننا التعامل معه باعتباره «طق حنك»، أو مجرد «لحظة غضب عارضة»، فسيادته هنا
لا يُعَبَّرَ عن رأيه الشخصي، بقدر ما يُعَبَّرَ عن سياسة الحكومة، وأُطر تعاملها مع
المواطنين «المزنوقين»، وإذا لم يتمكن من السيطرة على انفعالاته، فليزم بيته!
يا سيادة المحافظ.. جميع المسئولين - ابتداءً من رئيس الجمهورية، انتهاء بالخفير - خدام لدى الشعب ولهذا الوطن، وجميعنا نتقاضى «رواتبنا ومكافآتنا وحوافزنا» من هؤلاء المواطنين، وهم الذين يهتفون بحياتنا، ويرفعوننا على الأعناق إن أحسنا خدمتهم، وينقلبون علينا إن أسأنا إليهم.. ولو كنت مكان رئيس الجمهورية، أو رئيس الوزراء لاستدعيتك على الفور، وعنفتك، قبل أن أقول لك: «الخواجة مبسوط منك، وبيقولك لِمْ هدومك وماتورنيش وشك تاني»!