رئيس التحرير
عصام كامل

سيادة الرئيس.. قرار إغلاق «بالوعات النفاق» بيدك أنت!


ويسألونك عن «السيسي»، قل: وهل كان إلا «بشرًا رئيسًا».. ينجح ويفشل.. يجتهد ويُقصر.. يصيب ويخطئ.. يصدق ومن الممكن أن تضطره الظروف إلى الكذب.. يعد، وواردٌ جدًا أن يخلف وعده؛ إذا ما طرأ طارئٌ أو حدث ظرف قاهر.. فالأمور ليست بيده وحده، كما قد يعتقد البعض.


الحقيقة المؤكدة أن «السيسي» ليس «مَلِكًا مُقَرَبًا» ولا «نبيًا مرسلًا».. لكن يبدو أن هناك من يري فيه غير ذلك، أو يحاول رفعه إلى هذه المكانة؛ بدافع الحب والتقدير لهذا الرجل، لكنني لم أستطع منع نفسي من الظن- وليس بعض الظن إثم- أن البعض يفعله «نفاقًا» و«تملقًا» للرئيس.

والمتابع والراصد للألقاب التي خلعتها شخصيات عامة «سياسية، ثقافية، دينية، فنية..» على «السيسي» يشعرنا أننا أمام شخص لا ينتمي إلى البشرية، إلا من خلال اسمه وجسده فقط..

فالدكتور سعد الدين هلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، شَبَّه السيسي بـ«نبي الله موسى»- عليه السلام- حينما قال: «ابتعث الله رجلين، كما ابتعث وأرسل من قبل موسى وهارون، فخرج السيسي ومحمد إبراهيم»، يقصد وزير الداخلية السابق.. وهو «أحمس» العصر الحديث، بحسب البدري فرغلي.. وهو «محمد علي» الذي تخلص من المماليك، كما شبَّهه الخال الراحل عبد الرحمن الأبنودي.. وهو «شارل ديجول» بحسب رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور حازم الببلاوي.. وهو أشبه بسيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كما يرى الشيخ مظهر شاهين.. وأخلاقه مشابهة لأخلاق خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز، بحسب الفنانة حنان شوقي.. وهو «طلعت حرب» الذي سيعيد إلى مصر عافيتها الاقتصادية، بحسب الإخواني المنشق خالد الزعفراني..

وأعتقد أن «السيسي» حصل على ألقاب لم يحصل عليها رئيس، ولا ملك، ولا أمير، ولا سلطان لأي دولة من الدول، على مر التاريخ.. فالمتابع للملفات التي أعدتها العديد من وسائل الإعلام- قومية، حزبية، مستقلة، خاصة، مرئية، مقروءة، مسموعة- بمناسبة الاحتفال بمرور عام واحد من تولي السيسي الحكم يجد أن كل وسيلة إعلامية، وكتابها، «يتفنون» في صك الألقاب ومنحها للرئيس.. فسيادته «الجنرال»، و«الزعيم»، و«المقاتل»، و«المحارب»، و«الدبلوماسي»، و«الداهية»، و«رجل المستحيل»..

هو «القطب الصوفي».. هو «المؤمن في زمن التطرف».. هو «المُجدد وحامي الدين من المتطرفين والمتطاولين».. هو «المُنقذ»، و«المُخلِّص».. هو «المهدي المنتظر»، و«المسيح» الذي سيحمل كل آلام وأوزار البشر ويصعد إلى السماء..

إن القائمة التي تمنح الرئيس «الألقاب»، وتخلع عليه الصفات والأوصاف، طويلة جدًا، ومن الصعب حصرها في عدة مجلدات ضخمة، لا عدة صفحات «فلوسكاب».. وربما يكون السيسي يستحق بعضها.. لكن المؤكد أن أغلبها مبالغ فيه، خصوصًا تلك التي تتطرف وتحاول إيصاله إلى مرتبة «القداسة»، أو تخلع عليه صفة من صفات «النبوة»، أو تجعله يقترب من «الخلفاء الراشدين»..

وإذا كانت هذه الألقاب والأوصاف قد منحها «المحبون»، وربما «المنافقون» لـ«السيسي» خلال عام واحد فقط.. فأي أوصاف وألقاب سيخلعونها عليه إذا ما حكم مصر ثماني سنوات أو أكثر؟!

سيادة الرئيس.. أنت في أشد الحاجة إلى مَنْ يمنحك أفكارًا، لا ألقابًا.. إلى مَنْ يشير عليك بمشروع، لا مَنْ يطلق عليك وصفًا.. إلى مَنْ يهدي إليك عيوبك، لا مَنْ يخفيها عنك، ويزينها لك.. إلى مَنْ يُبكيك، لا من يُضحك الناس عليك..

سيادة الرئيس.. دعني أقُلْها لك مخلصة: احترس، فهناك مَنْ ينافقك، بطريقة أخرى، غير طريقة الكتابة عن «طشة الملوخية».. وقرار إغلاق «بالوعات النفاق» بيدك، لا بيد أحد غيرك.. فمَنْ قال لك إنك كـ«نبي الله موسى»، فَقُلْ له وأنت كـ«فرعون» وجنوده.. ومَنْ قال لك إنك «المهدي المنتظر»، فَقُلْ له وأنت «المسيخ الدجال».. وتذكر أن الجماهير التي تصفق لك اليوم، هي نفسها أول مَنْ ينفض من حولك وينقلب عليك، إذا ما «خَسَّعت»، أو لم تعد قادرًا على إحراز «الأهداف».
الجريدة الرسمية