رئيس التحرير
عصام كامل

قواعد العشق الأربعون.. الحب وحده هو الذي يطهر قلوبنا


عن الحب وجوهره وماهية العشق، تدور الرواية الصوفية البديعة، ذائعة الصيت “قواعد العشق الأربعون”، للروائية التركية إليف شافاق، والتي تحلق بقارئها في سموات بعيدة في جو روحانى ينأى كثيرًا عن الماديات التي ينغمس بها العالم.

تبدأ الرواية بكلمة لشمس التبريزى يقول فيها: “عندما كنت طفلًا، رأيت الله، رأيت الملائكة، رأيت أسرار العالمين العلوى والسفلي، ظننت أن جميع الرجال رأوا ما رأيته، لكنى سرعان ما أدركت أنهم لم يروا”.


وفيما يلى القواعد الأربعون للعشق.. باختصار
«1»
«إن الطريقة التي نرى الله فيها، ما هي إلا انعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا، فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة، فهذا يعنى أن قدرًا كبيرًا من الخوف والملامة يتدفق من نفوسنا، أما إذا رأينا الله مفعمًا بالمحبة والرحمة، فإنا نكون كذلك».
«2»
«إن الطريق إلى الحقيقة يمر من القلب، لا من الرأس، فاجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي، واجه، تحدَّ، وتغلب في نهاية المطاف على النفس بقلبك، إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله».

«3»
«إن كل قارىء للقرآن الكريم يفهمه بمستوى مختلف بحسب عمق فهمه، وهناك أربع مستويات من البصيرة: يتمثل المستوى الأول في المعنى الخارجي، وهو المعنى الذي يقتنع به معظم الناس؛ ثم يأتى المستوى الباطني. وفى المستوى الثالث، يأتى باطن الباطن؛ أما المستوى الرابع، فهو العمق ولا يمكن الإعراب عنه بالكلمات، لذلك يتعذر وصفه».

«4»
«يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد، أو الكنيسة أو في الكنيس، لكنك إذا كنت لا تزال تريد أن تعرف أين يقع عرشه بالتحديد، يوجد مكان واحد فقط تستطيع أن تبحث فيه عنه، وهو قلب عاشق حقيقي، فلم يعش أحد بعد رؤيته، ولم يمت أحد بعد رؤيته، فمن يجده يبقى معه إلى الأبد».

«5»
«يتكون الفكر والحب من مواد مختلفة، فالفكر يربط البشر في عقد، لكن الحب يذيب جميع العقد. «
«6»
«تنبع معظم مشاكل العالم من أخطاء لغوية ومن سوء فهم بسيط، لا تأخذ الكلمات بمعناها الظاهرى مطلقًا. وعندما تلج دائرة الحب، تكون اللغة التي نعرفها قد عفى عليها الزمن، فالشيء الذي لا يمكن التعبير عنه بكلمات، لا يمكن إدراكه إلا بالصمت».

«7»
«الوحدة والخلوة شيئان مختلفان. فعندما تكون وحيدًا، من السهل أن تخدع نفسك ويخيّل إليك أنك تسير على الطريق القويم. أما الخلوة فهى أفضل لنا، لأنها تعنى أن تكون وحدك دون أن تشعر بأنك وحيد».
«8»
«مهما حدث في حياتك، ومهما بدت الأشياء مزعجة، فلا تدخل ربوع اليأس، وحتى لو ظلت جميع الأبواب موصدة، فإن الله سيفتح دربًا جديدًا لك».

«9»
«لا يعنى الصبر أن تتحمل المصاعب سلبًا، بل يعنى أن تكون بعيد النظر بحيث تثق بالنتيجة النهائية التي ستتمخض عن أي عملية، ماذا يعنى الصبر؟ إنه يعنى أن تنظر إلى الشوكة وترى الوردة، أن تنظر إلى الليل وترى الفجر. أما نفاد الصبر فيعنى أن تكون قصير النظر ولا تتمكن من رؤية النتيجة».

«10»
«لا يوجد فرق بين الشرق والغرب، والجنوب والشمال. فمهما كانت وجهتك، يجب أن تجعل الرحلة التي تقوم به رحلة في داخلك، فإذا سافرت في داخلك، فسيكون بوسعك اجتياز العالم الشاسع وما وراءه».

«11»
«عندما تجد القابلة أن الحبلى لا تتألم أثناء المخاض، فإنها تعرف أن الطريق ليس سالكًا بعد لوليدها، فلن تضع وليدهاإذًا، ولكى تولد نفس جديدة يجب أن يوجد ألم. وكما يحتاج الصلصال إلى حرارة عالية ليشتّد، فالحبّ لا يكتمل إلا بالألم».

« 12»
«إن السعى وراء الحب يغيّرنا، فما من أحد يسعى وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته. وما إن تبدأ رحلة البحث عن الحب، حتى تبدأ تتغير من الداخل ومن الخارج».

«13»
«يوجد معلمون مزيفون وأساتذة مزيفون في هذا العالم أكثر عددًا من النجوم في الكون المرئي. فلا تخلط بين الأشخاص الأنانيين الذين يعملون بدافع السلطة وبين المعلمين الحقيقيين. فالمعلم الروحى الصادق لا يوجه انتباهك إليه ولا يتوقع طاعة مطلقة، أو إعجابًا تامًا منك، بل يساعدك على أن تقدّر نفسك الداخلية وتحترمها. إن المعلمين الحقيقيين شفافون كالبلور.

«14»
«لا تحاول أن تقاوم التغييرات التي تعترض سبيلك، بل دع الحياة تعيش فيك. ولا تقلق إذا قلبت حياتك رأسًا على عقب. فكيف يمكنك أن تعرف أن الجانب الذي اعتدت عليه أفضل من الجانب الذي سيأتي؟»

«15»
كل إنسان هو عمل متواصل يتحرك ببطء لكن بثبات نحو الكمال. فكل واحد منا عبارة عن عمل فنى غير مكتمل يسعى جاهدًا للاكتمال. إن الله يتعامل مع كل واحد منا على حدة لأن البشرية لوحة جميلة رسمها خطاط ماهر تتساوى فيه جميع النقاط من حيث الأهمية لإكمال الصورة».

«16»
«من السهل أن تحب إلهًا يتصف بالكمال، والنقاء، والعصمة. لكن الأصعب من ذلك أن تحب إخوانك البشر بكل نقائصهم وعيوبهم. تذكر، أن المرء لا يعرف إلا ما هو قادر على أن يحب. فلا حكمة من دون حب. وما لم نتعلم كيف نحب خلق الله، فلن نستطيع أن نحب حقًا ولن نعرف الله حقًا».

«17»
«إن القذارة الحقيقية تقبع في الداخل، أما القذارة الأخرى فهى تزول بغسلها. ويوجد نوع واحد من القذارة لا يمكن تطهيرها بالماء النقي، وهى لوثة الكراهية والتعصب التي تلوث الروح. نستطيع أن نطهر أجسامنا بالزهد والصيام، لكن الحب وحده هو الذي يطهر قلوبنا».

«18»
«يقبع الكون كله داخل كل إنسان، في داخلك، كل شيء ترينه حولك، بما في ذلك الأشياء التي قد لا تحبينها، حتى الأشخاص الذين تحتقرينهم أو تمقتينهم، يقبعون في داخلك بدرجات متفاوتة. لذلك، لا تبحثى عن الشيطان خارج نفسك، أيضًا.. فالشيطان ليس قوة خارقة تهاجمك من الخارج، بل هو صوت عادى ينبعث من داخلك. قإذا تعرفت على نفسك تمامًا، وواجهت بصدق وقسوة جانبيك المظلم والمشرق، عندها تبلغين أرقى أشكال الوعي. وعندما تعرفين نفسك، فإنك ستعرفين الله».

«19»
«إذا أراد المرء أن يغيّر الطريقة التي يعامله بها الناس، فيجب أن يغير أولًا الطريقة التي يعامل فيها. وإذا لم يتعلم كيف يحب نفسه، حبًا كاملًا صادقًا، فلا توجد وسيلة يمكنه فيها أن يحب. لكنه عندما يبلغ تلك المرحلة، سيشكر كل شوكة يلقيها عليه الآخرون. فهذا يدل على أن الورود ستنمهر عليه قريبًا».

«20»
«لا تهتمى إلى أين ستقودك الطريق، بل ركزى على الخطوة الأولى. فهى أصعب خطوة يجب أن تتحملى مسئوليتها. وما إن تتخذى تلك الخطوة دعى كل شيء يجرى بشكل طبيعى وسيأتى ما تبقى من تلقاء نفسه. لا تسيرى مع التيار، بل كونى أنتِ التيار».

« 21»
«لقد خلقنا الله جميعًا على صورته، ومع ذلك فإننا جميعًا مخلوقات مختلفة ومميزة. لا يوجد شخصان متشابهان، ولا يخفق قلبان لهما الإيقاع ذاته، ولو أراد الله أن نكون متشابهين، لخلقنا متشابهين. لذلك، فإن عدم احترام الاختلافات وفرض أفكارك على الآخرين، يعنى عدم احترام النظام المقدس الذي أرساه الله».

«22»
«عندما يدخل عاشق حقيقى لله إلى حانة، فإنها تصبح غرفة صلاته، لكن عندما يدخل شارب الخمر إلى الغرفة نفسها، فإنها تصبح خمارته رفقى كل شيء نفعله، قلوبنا هي المهمة، لا مظاهرنا الخارجية. فالصوفيون لا يحكمون على الآخرين من مظهرهم أو من عم؛ وعندما يحدق صوفى في شخص ما، فإنه يغلق عينيه ويفتح عينًا ثالثة ـ العين التي ترى العالم الداخلى».

«23»
«ما الحياة إلا دين مؤقت، وما هذا العالم إلا تقليد هزيل للحقيقة. والأطفال فقط هم الذين يخلطون بين اللعبة والشيء الحقيقي. ومع ذلك، فإما أن يفتتن البشر باللعبة، أو يكسروها بازدراء ويرموها جانبًا. في هذه الحياة تحاشى التطرف بجميع أنواعه، لأنه سيحطم اتزانك الداخلي».

«24»
«يتبوأ الإنسان مكانة فريدة بين خلق الله، إذ يقول عر وجل: (ونفخت فيه من روحي). فقد خلقنا جميعًا، من دون استثناء، لكى نكون خلفاء الله على الأرض. فاسأل نفسك، كم مرة تصرفت كخليفة له، هذا إن فعلت ذلك؟ تذكر أنه يقع على عاتق كل منا اكتشاف الروح الإلهية في داخله حتى يعيش وفقها».

«25»
«إن جهنم تقبع هنا والآن، وكذلك الجنة. توقفوا عن التفكير بجهنم بخوف أو الحلم بالجنة، لأنهما موجودتان في هذه اللحظة بالذات. ففى كل مرة نحب، نصعد إلى السماء. وفى كل مرة نكره، أو نحسد، أو نحارب أحدًا، فإننا نسقط مباشرة في نار جهنم».
«26»
«إن الكون كائن واحد. ويرتبط كل شيء وكل شخص بشبكة خفية من القصص. وسواء أدركنا ذلك أم لم ندرك، فإننا نشارك جميعًا في حديث صامت. لا ضرر ولا ضرار. كن رحيمًا. ولا تكن نمّامًا، حتى لو كانت كلماتك بريئة، لأن الكلمات التي تنبعث من أفواهنا، لا تتلاشى بل تظل في الفضاء اللانهائى إلى ما لا نهاية، وستعود إلينا في الوقت المناسب. إن معاناة إنسان واحد تؤذينا جميعًا. وبهجة إنسان واحد تجعلنا جميعًا نبتسم»

« 27»
«يشبه هذا العالم جبلًا مكسوًا بالثلج يردد صدى صوتك. فكل ما تقوله، سواء أكان جيدًا أم سيئًا، سيعود إليك على نحو ما. لذلك إذا كانت هناك شخص يتحدث بالسوء عنك، فإن التحدث عنه بالسوء بالطريقة نفسها يزيد الأمر سوءًا. وستجد نفسك حبيس حلقة مفرغة من طاقة حقودة».

« 28»
«إن الماضى تفسير، والمستقبل وهم. إن العالم لا يتحرك عبر الزمن وكأنه خط مستقيم، يمضى من الماضى إلى المستقبل. بل إن الزمن يتحرك من خلالنا وفى داخلنا، في لولب لا نهاية لها».
« 29»
«لا يعنى القدر أن حياتك محددة بقدر محتوم. لذلك فإن ترك كل شيء للقدر، وعدم المشاركة في عزف موسيقى الكون دليل على جهل مطلق».

«30»
«إن الصوفى بحق هو الذي يتحمل بصبر، حتى لو اتُهم باطلًا، وتعرض للهجوم من جميع الجهات، ولا يوجه كلمة نابية واحدة إلى أي من منتقديه. فالصوفى لا ينحى باللائمة على أحد. فكيف يوجد خصوم أو منافسون أو حتى آخرون في حين لا توجد نفس في المقام الأول؟ كيف يمكن أن يوجد أحد يلومه في الوقت الذي لا يوجد فيه إلا واحد؟»

«31»
«إذا أردت أن تقوى إيمانك، فيجب أن تكون لينًا في داخلك. لأنه لكى يشتد إيمانك، ويصبح صلبًا كالصخرة، يجب أن يكون قلبك خفيفًا كالريشة. فإذا أصابنا مرض، أو وقعت لنا حادثة، أو تعرضنا لخسارة، أو أصابنا خوف، بطريقة أو بأخرى، فإننا نواجه جميعًا الحوادث التي تعلمنا كيف نصبح أقل أنانية وأكثر حكمة، وأكثر عطفًا. وأكثر كرمًا. ومع أن بعضنا يتعلم الدرس ويزداد رقة واعتدالًا، يزداد آخرون قسوة. إن الوسيلة التي تمكنك من الاقتراب من الحقيقة أكثر تكمن في أن يتسع قلبك لاستيعاب البشرية كلها، وأن يظل فيه متسع لمزيد من الحب».

« 32»
«يجب ألا يحول شيء بين نفسك وبين الله؛ لا أئمة، ولا قساوسة، ولا أحبار، ولا أي وصى آخر على الزعامة الأخلاقية أو الدينية، ولا السادة الروحيون، ولا حتى إيمانك. آمن بقيمك ومبادئك، لكن لا تفرضها على الآخرين، وإن كنت تحطم قلوب الآخرين.
«33»
«على الرغم من أن المرء في هذا العالم يجاهد ليحقق شيئًا ويصبح شخصًا مهمًا، فإنه سيخلف كل شيء بعد موته».

«34»
«لا يعنى الاستسلام أن يكون المرء ضعيفًا أو سلبيًا، ولا يؤدى إلى الإيمان بالقضاء والقدر أو الاستسلام، بل على العكس تمامًا. إذ تكمن القوة الحقيقية في الاستسلام ـ القوة المنبعثة من الداخل. فالذين يستسلمون للجوهر الإلهى في الحياة، يعيشون بطمأنينة وسلام حتى عندما يتعرض العالم برمته إلى اضطراب تلو الاضطراب».

«35»
«في هذا العالم، ليست الأشياء المتشابهة أو المنتظمة، بل المتناقضات الصارخة، هي ما يجعلنا نتقدم خطوة إلى الأمام. ففى داخل كل منا توجد جميع المتناقضات في الكون، لذلك يجب على المؤمن أن يلتقى بالكافر القابع داخله، حتى نصل إلى اليوم الذي يبلغ فيه المرء مرحلة الكمال، مرحلة الإنسان المثالي، فإن الإيمان ليس إلا عملية تدريجية، ويستلزم وجود نظيره: الكفر».
«36»

«لقد خُلق هذا العالم على مبدأ التبادل؛ فكل امرئ يكافأ على كل ذرة خير يفعلها، ويعاقب على كل ذرة شر يفعلها. لا تخف من المؤتمرات، أو المكر، أو المكائد التي يحيكها الآخرون؛ وتذكر أنه إذا نصب لك أحدهم شركًا، فإن الله يكون قد فعل ذلك. آمن بذلك ببساطة وبصورة تامة. فكل ما يفعله الله، يفعله بشكل جميل».

«37»
«إن الله ميقاتى دقيق. إنه دقيق إلى حد أن ترتيبه وتنظيمه يجعلان كل شيء على وجه الأرض يتم في حينه، لا قبل دقيقة ولا بعد دقيقة. والساعة تمشى بدقة شديدة بالنسبة للجميع بلا استثناء. فلكل شخص وقت للحب ووقت للموت».
«38»
«ليس من المتأخر مطلقًا أن تسأل نفسك، هل أنا مستعد لتغيير الحياة التي أحياها؟ هل أنا مستعد لتغيير نفسى من الداخل؟».

«39»
«يوجد انسجام كامل وتوازن دقيق في كل ما في الكون وكل ما فيه. وتتغير النقاط باستمرار، وتحل إحداهما محل الأخرى، لكن الدائرة تظل كما هي».
«40»
«لا قسمة للحياة من دون عشق. لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذي تريده، روحى أم مادي، إلهى أم دنيوي، غربى أم شرقى … فالانقسامات لا تؤدى إلا إلى مزيد من الانقسامات. ليس العشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف. إنه كما هو، نقى بسيط. العشق ماء الحياة. (والعشق هو روح النار!) (يصبح الكون مختلفًا عندما تعشق النار الماء)».
الجريدة الرسمية