رئيس التحرير
عصام كامل

محاكمة «هزلية» لـ«محمود شعبان»!


اختلفت كثيرًا مع الدكتور محمود شعبان إبراهيم، أستاذ البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، أيام حكم الإخوان، قلت عنه إنه «محرض على العنف»، منحاز لتنظيم الإرهابي، قلت عنه إنه يبحث عن «شو إعلامي».. إلا أنني لم أستطع منع نفسي من التعاطف معه خلال حلقة الأحد الماضي في «العاشرة مساء» مع وائل الإبراشي.


نعم تعاطفت معه، فما نعرفه واستقر في نفوسنا أن «القضاء» هو الجهة الوحيدة المنوط بها إدانة الأشخاص وإصدار الأحكام بحقهم في الاتهامات المنسوبة إليهم، وفيما عدا القضاء فلا يجوز لجهةٍ أوشخصٍ كائنًا مَنْ كان أن يتهم شخصًا إلا بـ«دليل قاطع أو برهان ساطع»، وهو ما لم يحدث في حلقة «شعبان» مع «الإبراشي».

فهذا الرجل، رغم اعتراضي على كثير من تصرفاته وآرائه، وُجهت له كل الاتهامات التي تقوده إلى حبل المشنقة، سواء من وائل الإبراشي أو من ضيوفه، ولم تتح له الفرصة الكافية لتفنيد هذه التهم، وكأنه كان يستشعر ذلك حينما اشترط على «الإبراشي» عدم استضافته مع أي من الضيوف، وعدم استقبال أي مداخلات تليفونية مقابل الظهور في البرنامج.

لكن «الإبراشي» خالف اتفاقه مع «شعبان» الذي حضر إلى الاستديو ومعه «حقيبته»، مبررًا ذلك بأن «وائل» يريد أن يسلمه إلى الأمن «تسليم أهالي»، بحسب تعبيره، واستقبل الإبراشي أول مداخلة تليفونية من الشيخ صبري عبادة، وكيل وزارة الأوقاف، الذي هاجم «شعبان» بكلام إنشائي، دون بينةٍ واضحة.

ثم نقفز إلى مؤسس «تمرد» محمود بدر، والإعلامي مفيد فوزي، ونقيب الصحفيين ضياء رشوان، والمحامي سمير صبري، والدكتور جمال زهران، الذين انطلقوا كمدافعٍ رشاشةٍ متهورٍة في وجه الشيخ الذي كان ينتظر من «الإبراشي» الإنصاف والحماية وهو بين يديه، لكن هيهات هيهات.

أما وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، فكان أكثر الضيوف شارسة في الهجوم، فإذا كان «شعبان» متهمًا بـ«الإرهاب»، فإن الوزير عرّض نفسه لذات الاتهام؛ حينما مارس على الرجل إرهابًا من نوعٍ خاص، باتهامه بـ«العمالة والخيانة» دون دليل، وتطاول الوزير على «شعبان»، وطلب من وائل الإبراشي بإنهاء الحلقة وطرد الضيف، ناسيًا أو متناسيًا أنه يمثل وزارة الأوقاف، حاملة لواء «الدعوة بالتي هي أحسن»!

الوزير استشهد بتقارير عميد الكلية، التي نفاها الشيخ، ولم تثبت أي جهة تحقيق صحتها حتى الآن، ولم يؤكد أحد من عمال الكلية، لا صراحة ولا تلميحًا، أنهم طاردوا «الدكتور» بـ«المقشات»؛ بسبب تحريضه على الجيش والشرطة، كما لم يؤكد أحد من طلابه هذا الفعل التحريضي..

معالي الوزير سأل «شعبان» عن سر صمته عن وصف «المعزول» للرئيس الإسرائيلي بـ«صديقي العزيز بيريز»، وعندما أكد الشيخ انتقاده لـ«مرسي» على الهواء، طلب الوزير من الإبراشي عدم السماح لـ«شعبان» بالكلام مع معاليه.. وبدوري أسأل معالي الوزير أين كنت سيادتك قبل «30 يونيو»؟ ولماذا لم نسمع لك صوتًا أيام حكم الإخوان؟.. فاستقم يرحمك الله معالي الوزير.

للأسف، فقد تكالب خصوم الشيخ شعبان عليه، ونصّبوا أنفسهم قضاة يعقدون محكمة «هزلية» ويصدرون أحكامًا بإدانة الرجل أمام المشاهدين، دون أن يستشعروا أنهم بصنيعهم هذا يلعبون نفس الدور الذي كان يلعبه «الإخوان» أيام «مرسي»!

أما «الإبراشي»، الذي أخلف وعده مع الضيف، فقد سعى إلى ما يظنه مجدًا إعلاميًا على حساب رجل أصبح الآن «لا حول له ولا قوة»، ولم يسترح «الإبراشي» إلا عندما غادر «شعبان» الاستديو «منتصرًا»، بينما اكتفى الإبراشي بـ«ابتسامة باهتة»!
الجريدة الرسمية