فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

عباقرة ولكن مجهولون.. الإمام كمال الدين الدميري رائد علم الحيوان

كمال الدين الدميري،
كمال الدين الدميري، فيتو

على مر التاريخ الإسلامي لمعت أسماء عباقرة في مختلف المجالات مثل  عمر بن الخطاب، وأبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، والبخاري، والشافعي، وابن حنبل، ابن سينا.. ابن رشد.. الكندي.. الفارابي.. الخوارزمي.. الطبري.. أبو حامد الغزالي.. البوصيري.. حتى محمد عبده.. المراغي.. المنفلوطي.. رفاعة الطهطاوي.. طه حسين.. العقاد.. أحمد شوقي.. عبد الحليم محمود.. محمد رفعت.. النقشبندي.. الحصري.. عبد الباسط.. وغيرهم، في العصر الحديث.

لكن هناك أسماء مهمة كان لها بصماتها القوية على العلم والحضارة، ولا يكاد يعرفها أحد، وفي هذه الحلقات نتناول سير بعض هؤلاء العباقرة المجهولين.

 


الدميري، رائد علم الحيوان


من هو الدميري؟

هو الإمام كمال الدين الدميري هو محمد بن موسى بن عيسى بن علي بن يحيى الدميري.
عاش في العصر المملوكي، وتوفي في القاهرة.
ألف كتاب "حياة الحيوان الكبرى"، وهو موسوعة علمية وأدبية هامة في علم الحيوان والأحاديث والفقه، ويعتبر أول مرجع عربي في هذا المجال. 
ويعد الكتاب مزيجا من العلوم المختلفة، بين العلم، الأدب، اللغة، الفلسفة، والتاريخ، ويعتبر موسوعة شاملة. وتمت ترجمته واقتبس منه علماء غربيون. 
كما كتب في الفقه الشافعي والحديث.

مولده ونشأته

ولد بقرية دميرة في مصر عام 1341 ميلاديا، 742 هجريا.

عمل الدميري في بداية حياته خياطًا، وكان قلبه وعقله معلقين بالعلم، وهو ما دفعه إلى تلقي علوم اللغة والفقه والحديث والأدب في الجامع الأزهر على يد مجموعة من كبار علماء عصره مثل الشيخ بهاء الدين السبكي، والشيخ جمال الدين الإسنوي، والشيخ الكمال أبي الفضل النويري، وابن الملقن، والبلقيني، والبرهان القيراطي، والبهاء عقيل.
وبمرور السنوات صار من فقهاء الشافعية، وتحول لإلقاء الدروس في الجامع الأزهر، حيث كانت له حلقة كل يوم السبت، وفي جامع الظاهر ببيرس كان يحاضر في علم الحديث، كما كان يدرّس في مدرسة ابن البقري بباب النصر.

كتاب «حياة الحيوان الكبرى»

اهتم الدميري بعد ذلك بدراسة حياة الحيوانات، وفي هذا المجال ألف أبرز وأشهر كتبه وهو كتاب «حياة الحيوان الكبرى»، ويعتبر مزيجًا من العلم والأدب والفلسفة والتاريخ والحديث، وقد تمت ترجمته إلى العديد من اللغات الأجنبية، حيث يعد أول مرجع شامل في علم الحيوان باللغة العربية. 
سجل الكتاب حياة 1069 كائنًا، بالترتيب الأبجدي على طريقة المعجم، وتناول الصفات المميزة لكل كائن، وأسماء تلك الكائنات خلال مراحل نموها، وكذا أسماءها في مختلف الدول العربية، وأحكام الشريعة المتعلقة بها وبمنتجاتها، وبعض الأحاديث النبوية التي ذكرت فيها.
جمع الدميري مادة الكتاب من 560 كتابًا و199 ديوان شعر، واتخذ المؤلف في مشاهداته لصفات الحيوانات الأسلوب العلمي الحديث القائم على الرصد والمشاهدة، وتوجد من الكتاب بعض المخطوطات في مكتبة برلين ومكتبة باريس.

تلاميذه

من أبرز تلاميذه تقي الدين المقريزي، وابنته «أم حبيبة» التي أجازها في العلم بعض شيوخ عصرها.

واقتبس الكثيرون من علماء الغرب من كتاب الدميري بعض الأجزاء مثل «لين» في معجمه العربي المشهور، و«شتنفلد»، «وبوكارت» في مؤلفه المسمى «هيروزيكون»، كما أخذ عنه «هازل» بعض ما ورد عن مادة الجراد، نقلًا عن مخطوط في كوبنهاجن، وقد أورد «سلفستردي ساسي» مقتطفات مطولة منه في كتابه «لاشاس دوبيين»، كما تضمنت مؤلفات كثير من علماء أوروبا مقتبسات من كتاب الدميري، أمثال «كرامر» و«هومل» و«تكسن» و«بريم».

وفي وصفه يؤكد المستشرق جاكار: جاء كتاب «حياة الحيوان» للدميري نبعًا فياضًا من الحكمة، زاخرًا بقواعد الفقه والتشريع والأحاديث النبوية والأمثال، تدفقت كلها من مناهل متعددة ومصادر مختلفة، وتجمعت كلها في صعيد واحد ينهل منها القارئ من المسلمين في العالم العربي فيضًا لا ينضب مما يعوزه الإلمام به في شؤونه الدينية والدنيوية.

ويصفه المستشرق لوكلير، قائلا: الكتاب مجموعة فريدة قيمة من الحقائق المتصلة بتاريخ الحيوان. تتلمذ على يدي الدميري العديد من كبار العلماء والأئمة أمثال تقي الدين الفارسي المحدث والمؤرخ، والشيخ شهاب الدين أبو العباس الأقفهسي الفقيه الشافعي.


وأشار المؤرخ تقي الدين المقريزي في عقوده إلى أنه صاحب الدميري سنين، وارتاد مجلس وعظه لإعجابه به.

وفاته

توفي الدميري في القاهرة بمصر، عام 808 هـ/ 1405م.